Share

أسعار النفط تؤجج نار التضخم والفائدة المرتفعة تطفئها

ما هي مؤشرات السوق الرئيسية التي تؤثر على أسعار الفائدة؟
أسعار النفط تؤجج نار التضخم والفائدة المرتفعة تطفئها
تقلبات السوق معدل التضخم

كيف تؤثر أسعار النفط والفائدة والضريبة على القيمة المضافة (VAT) على التضخم؟ سؤال يخطر على بال الكثيرين ممن يتابعون الأحداث الإقتصادية لاسيما وأن معدلات التضخم – وهو مقياس لاتجاهات الأسعار العامة في جميع أنحاء الاقتصاد – تشهد في هذه الأيام مستويات خطيرة.

هذه المعدلات لم تبلغها منذ سنوات و المتوقع استمرارها، وهو ما سيفرض بالتأكيد على المصارف المركزية اتباع سياسات نقدية متشددة في محاولة لاحتوائها. هذ الأمر سيخلق مشهداً اقتصادياً جديداً سيكون له وقعه على المؤشرات الإقتصادية والمالية في العالم.

كيف ستؤثر أسعار النفط على التضخم؟

 

غالباً ما يُنظر إلى أسعار النفط ومستويات التضخم على أنها مرتبطة بعلاقة متراصة في السبب والنتيجة. إذ يمكن أن تؤثر أسعار النفط على مستويات التضخم في الاقتصاد عن طريق زيادة تكلفة المدخلات.

وبالتالي، فإنه مع ارتفاع أسعار النفط، يسير التضخم في الاتجاه الصعودي نفسه. وفي المقابل، فان انخفاض سعر النفط، يساهم في تراجع الضغوط التضخمية.

لكن التاريخ أظهر أن هذه العلاقة المترابطة سجلت تدهورات منذ ارتفاع أسعار النفط في السبعينات. حينها، كانت العلاقة المباشرة بين النفط والتضخم واضحة، حين ارتفعت تكلفة النفط من السعر الإسمي البالغ 3 دولارات قبل أزمة النفط عام 1973 إلى أكثر من 30 دولاراً بعد الأزمة عام 1979.

وهو ما ساعد في دفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وهو مقياس رئيسي للتضخم، إلى أكثر من الضعف إلى 86.30 بحلول نهاية عام 1980 من 41.20 في أوائل عام 1972.

تحولات العلاقة بين النفط والتضخم

 

بدأت العلاقة بين النفط والتضخم في التدهور بعد الثمانينات. فخلال التسعينات وأزمة النفط في حرب الخليج، تضاعفت أسعار النفط الخام في ستة أشهر إلى حوالي 30 دولاراً من 14 دولاراً، لكن مؤشر أسعار المستهلك ظل مستقراً نسبياً، حيث ارتفع إلى 137.9 في ديسمبر/كانون الأول 1991 من 134.6 في يناير/كانون الثاني 1991.

وكان تراجع الترابط بين التضخم والنفط أكثر وضوحاً خلال ارتفاع أسعار النفط من 1999 إلى 2005، عندما ارتفع متوسط السعر الإسمي السنوي للنفط إلى 50 دولاراً من 16.50 دولاراً.

 

وخلال الفترة نفسها، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 196.80 في ديسمبر/كانون الأول 2005 من 164.30 في يناير/كانون الثاني. وباستخدام هذه البيانات، يبدو أن العلاقة القوية بين أسعار النفط والتضخم التي شوهدت في السبعينات قد ضعفت بشكل كبير.

لكن يبدو أن هناك صلة أكبر بين النفط ومؤشر أسعار المنتج (PPI) ، الذي يقيس سعر السلع على مستوى الجملة، حيث كان الارتباط بين مؤشر أسعار المنتجين والنفط أقوى بكثير منه مع مؤشر أسعار المستهلك.

ماذا عن العلاقة بين التضخم وأسعار الفائدة؟

 

غالباً ما يرتبط التضخم وأسعار الفائدة ويشار إليهما كثيراً في الاقتصاد الكلي. فمعدلات التضخم المرتفعة تؤدي حكماً الى زيادة في معدلات التكلفة على أسعار الفائدة، وبالتالي سترتفع أسعار الفائدة. هذا الأمر يؤدي الى تراجع الطلب على الاقتراض وبالتالي تراجع معدلات الشراء للمنتجات ما سيؤدي بدوره الى انخفاض حجم الانتاج وارتفاع معدلات البطالة.

ماذا عن ضريبة القيمة المضافة؟

 

أما العلاقة بين التضخم والضريبة على القيمة المضافة، فواضحة معالمها لما تسببه من زيادات واضحة في أسعار السلع والخدمات وتأثيرها على الطبقات الأفقر من المجتمع وعلى قوتهم الشرائية. لكن هذه الضريبة هي إحدى أهم انواع الضرائب غير المباشرة لما لها من مميزات تساعد على تحقيق الاهداف المالية والاقتصادية والاجتماعية. إذ يُمكن من خلال تطبيقها زيادة الايرادات الضريبة فضلاً عن حماية المنتج المحلي.

ما هدف هذه المقدمة عن العلاقة بين هذه المؤشرات الثلاثة؟

 

بكل بساطة، لأن التضخم سيكون التحدي الأكبر هذا العام في ظل استمرار وجود “الأدوات” التي من شأنها أن تؤججه. فالبيانات الصادرة بددت أي آمال في أن التضخم سيكون مؤقتاً. هو رعب بدأ ينتشر في جميع أنحاء العالم مع انتهاء عمليات الإغلاق الخاصة بفيروس كورونا وتعذر سلاسل الإمداد والتوريد في مواكبة الطلب المتنامي الذي أعقب ذلك.

هذا أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية ويهدد بالتالي بعرقلة الانتعاش الاقتصادي المرجو. وفي الآتي من الأيام، ستكون أسعار النفط مرشحة للارتفاع في الأشهر المقبلة وسط توقعات ببلوغ البرميل حدود المئة دولار.

ما الذي تغيّر اليوم؟

في السنوات السابقة، كان يقابل ارتفاع أسعار النفط انخفاضاً في سعر الدولار، لكن الوضع الراهن مختلف. إذ إن ارتفاع النفط يتزامن معه زيادة في الدولار، وهذا ما ستكون له تداعياته المباشرة على بعض الإقتصادات لا سيما المستهلكة للنفط وتلك الناشئة.

أما في ما يتعلق بتأثير ارتفاع أسعار الفائدة على كبح ارتفاع الاسعار، قام العديد من المصارف المركزية بتشديد صنابير الأموال لبلوغ هذا الهدف.

ومن المتوقع أن يطلق مصرف الاحتياطي الفدرالي الأميركي صفارة زيادة معدلات أسعار الفائدة في مارس/آذار للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد يقْدم على هذا الاجراء لما بين ثلاث او أربع مرات في العام الحالي.

وقد يتسبب رفع سعر الفائدة الفدرالية في حدوث مشكلات لبعض الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك جنوب إفريقيا والأرجنتين وتركيا، والتي قد تشهد هروباً لرأس المال.

النمو العالمي

 

صندوق النقد الدولي يقول إن الاقتصاد العالمي دخل العام 2022 في وضع أضعف مما كان متوقعاً في السابق، بسبب انتشار متغير أوميركون لفيروس كورونا وارتفاع أسعار الطاقة واضطراب الإمدادات المستمر.

و يرى الصندوق استمرارا للتضخم المرتفع لفترة أطول مما كان متوقعاً في السابق، رافعاً توقعاته للتضخم لعام 2022 لكل من الأسواق المتقدمة والصاعدة والاقتصادات النامية.

إذ من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم 3.9% في الاقتصادات المتقدمة و5.9% في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في العام الحالي، قبل أن ينحسر العام المقبل.

وقد خفّض الصندوق توقعاته للنمو الى 4.4% من 5.9% في توقعات سابقة لهذا العام، حيث يؤدي ارتفاع حالات كورونا، واضطرابات سلسلة التوريد، وارتفاع التضخم، إلى إعاقة الانتعاش الاقتصادي. ويقود التوقعات المنقحة تخفيضات النمو في أكبر اقتصادين في العالم: الولايات المتحدة والصين.

كل التوقعات التي جرى عرضها يمكن أن تتعدل، لكن هذا الأمر رهن بانخفاض النتائج الناجمة عن إصابات كورونا إلى مستويات منخفضة في معظم البلدان بحلول نهاية عام 2022. و هي أيضا رهن معدلات التلقيح و تحسنها في جميع أنحاء العالم  على أن تصبح العلاجات أكثر فاعلية.