Share

“أس أند بي”: بيع أصول مرتبطة بالحكومات الخليجية يوسع مصادر التمويل

دور مركزي للصندوق السيادي السعودي و عام ناشط لسوق الطرح في الإمارات
“أس أند بي”: بيع أصول مرتبطة بالحكومات الخليجية يوسع مصادر التمويل
بيع أصول

تعمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية، ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على تسريع بيع حصص في الكيانات المرتبطة بالحكومة كانت آخرها طرح حكومة دبي هيئة الكهرباء والمياه (ديوا) للاكتتاب العام في سوق الأوراق المالية المحلية من ضمن عشرة شركات حكومية منوي طرحها.

تعتبر وكالة “ستاندرد أند بورز” (إس آند بي) أن بيع حصص في الكيانات المرتبطة بالحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي هو إتجاه إيجابي لأنه يعمل على زيادة تطوير أسواق الديون والأسهم في هذه البلدان، وعلى خلق فرص لتوليد الإيرادات، وزيادة شفافية السوق بسبب متطلبات الإفصاح للكيانات المصدّرة. كما يُعتبر دليلاً على المركز المالي القوي للكيانات الحكومية الدولية.

وقالت الوكالة في تقرير حول بيع حصص في الكيانات المرتبطة بالحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي مع التركيز على السعودية والإمارات، إن بيع حصص من الأصول الحكومية هو بمثابة قناة لجذب الاستثمار الأجنبي لدعم أجندة الحكومات، بما في ذلك خطط التنويع الاقتصادي.

السعودية

 

تقول الوكالة إن المملكة العربية السعودية تعمل بموجب رؤية 2030 ، على تنويع اقتصادها عن النفط، وتعزيز تنمية القطاع الخاص من خلال الاستثمارات عبر مختلف القطاعات مثل السياحة والطاقة والصناعة وغيرها، وزيادة تعميق أسواق رأس المال.

وبينت أنه سيكون للكيانات المرتبطة بالحكومة دور مهم للغاية في الاستثمار عبر القطاعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى جمع رأس المال اللازم؛ ونظراً إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك حصصاً كبيرة في معظم الكيانات الرئيسية المرتبطة بالحكومة؛ بما في ذلك شركة الاتصالات السعودية، والشركة السعودية للكهرباء، وأكوا باور، وغيرها من الكيانات؛ فإنه سيكون لصندوق الثروة السيادي دور مركزي في قرارات تسييل الأصول، واستقطاب رأس المال، وتخصيص الاستثمار في إطار البرنامج.

ونوهت بأن المملكة تريد استثمار حوالي 5 تريليونات ريال سعودي (1.3 تريليون دولار) في اقتصادها، من خلال بعض البرامج مقل برنامج “شريك”، وبرنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

طرح “أرامكو” علامة فارقة

 

وأفادت الوكالة بأن نجاح الطرح الأولي للاكتتاب العام لشركة “أرامكو” في أواخر عام 2019 شكّل علامة فارقة. وبينما كان عام 2020 عاماً بطيئاً نتيجة لتداعيات جائحة كوفيد-19، كان هناك تسارع كبير في النشاط في عام 2021.

وتابعت: “تم تحويل ما يقرب من 30 مليار دولار تم جمعها من خلال بيع 1.73 في المئة من أسهم شركة أرامكو السعودية في ديسمبر/ كانون الأول 2019 إلى صندوق الاستثمارات العامة الحكومي لاستثمارها محلياً وخارجياً. تسييل الأصول الحكومية يمكن أن يكون بمثابة قناة لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الخطط الحكومية؛ بما في ذلك خططها للتنويع الاقتصادي”.

وأعلنت “أرامكو” عن صفقتين كبيرتين للبيع وإعادة التأجير في عام 2021 لتسييل التدفقات النقدية المستقبلية من شبكة أنابيبها.

ففي أبريل/ نيسان 2021، أعلنت “أرامكو” عن بيع 49 في المئة من أسهم شركة “أرامكو لخطوط أنابيب النفط” لائتلاف بقيادة “إي آي جي غلوبال إنيرجي بارتنرز” مقابل عائدات تدفع مقدماً بقيمة 12.4 مليار دولار؛ حيث يمتلك الكيان حقوق تأجير لشبكة خطوط أنابيب النفط الخام التابعة لشركة أرامكو لمدة 25 عاماً.

وأعلنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنها توصلت إلى صفقة مماثلة لبيع حصة 49 في المئة في كيان تم إنشاؤه حديثاً يمتلك حقوق تأجير لمدة 20 عاماً لخطوط الأنابيب التي تنقل الغاز عبر المملكة لمجموعة بقيادة شركة “بلاك روك وشركة حصانة الاستثمارية مقابل عائدات تدفع مقدماً بقيمة 15.5 مليار دولار.

ونوه التقرير بأن 3 شركات يمتلك صندوق الاستثمارات العامة حصة الأغلبية فيها، قامت في عام 2021، بمعاملات في سوق الأسهم؛ حيث قامت “أكوا باور” وهي واحدة من أكبر الشركات في مجال المرافق، بصفتها كمطور ومستثمر ومشغل لمحطات توليد الطاقة وتحلية المياه في أكثر من 60 دولة، بإدراج أسهمها في “تداول”.

وأدرجت “شركة الاتصالات السعودية” 20 في المئة من أسهمها في “الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات المحدودة” التابعة لها في البورصة، وأخيراً في ديسمبر/ كانون الأول 2021، قامت “تداول” نفسها، وهي أكبر بورصة في الشرق الأوسط من حيث القيمة المتداولة، بتعويم أسهمها.

وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أكمل صندوق الاستثمارات العامة بيع 6  في المئة من أسهم شركة الاتصالات السعودية من خلال طرح ثانوي مقابل 3.2 مليارات دولار، مع الاحتفاظ بملكية حصة الأغلبية البالغة 64 في المئة.

الامارات

 

على مدى السنوات الخمس الماضية، قامت حكومة أبوظبي بإعادة تنظيم بعض الكيانات المرتبطة بالحكومة فيها، وتحسين أدائها وتعزيز مستوى الحوكمة لديها، واستقطاب مستثمرين مؤسسيين لدعم تنمية الاقتصاد غير النفطي وأسواق رأس المال في أبوظبي. وكانت هناك عمليات اندماج كبيرة، حيث كانت بدايتها في القطاع المصرفي، مثل اندماج بنك الخليج الأول وبنك أبوظبي الوطني في 2017، أو اندماج “بنك أبوظبي التجاري” و”بنك الاتحاد الوطني” و”مصرف الهلال”.

وامتدت عمليات الاندماج إلى صناديق الثروة السيادية الرئيسية، مثل الاندماج بين “مبادلة” و”شركة الاستثمارات النفطية الدولية”، وكذلك تأسيس شركة “القابضة”.

وتتوقع الوكالة أن تظل كل من شركتي “مبادلة” و”القابضة” لاعبين نشطين في أسواق رأس المال خلال السنوات القليلة المقبلة.

“أدنوك” رائدة من حيث فتح أصولها الرئيسية للمستثمرين

 

وتعد “شركة بترول أبوظبي الوطنية” (أدنوك) الكيان الرائد لحكومة أبوظبي من حيث فتح أصولها الرئيسية للمستثمرين المؤسسيين من خلال صفقات أسواق الأسهم والصفقات الخاصة. ففي عام 2019، باعت الشركة حصة 40 في المئة في شركة “أدنوك لأنابيب النفط”، إلى ائتلاف بقيادة “كي كي آر” و”بلاك روك” مقابل 4 مليارات دولار. وفي يونيو 2020، أعلنت “أدنوك” عن إنجاز اتفاقية مماثلة للاستثمار في البنية التحتية، حيث باعت حصة 49 في المئة في شركة “أدنوك لأصول أنابيب الغاز” لائتلاف يضم عدداً من المستثمرين مقابل عائدات مقدمة تزيد على 10 مليارات دولار. وأخيراً، في سبتمبر/ايلول 2020، أعلنت أنها أبرمت اتفاقية مع شركة “أبولو غلوبال مانجمنت”، حيث باعت حصة 49 في المئة في “شركة أبوظبي للتأجير العقاري القابضة”، التي تمتلك محفظة عقارية بقيمة 5.5 مليارات دولار، لجمع 2.7 ملياري دولار.

وفي ما يتعلق بصفقات سوق الأسهم، أدرجت “أدنوك” في عام 2017 شركة “بترول أبوظبي الوطنية للتوزيع” مقابل 851 مليون دولار، وقدمت عرضاً ثانوياً في 2021. كما أدرجت حصة لها في شركة أدنوك للحفر في سوق أبوظبي للأوراق المالية مقابل 1.1 مليار دولار. وتم إدراج شركة “فيرتيغلوب”.

وشملت المعاملات خارج شركة “أدنوك” شركة “الياه سات”. وتتوقع الوكالة أن يظل سوق الطرح الأولي للاكتتاب العام للكيانات المرتبطة بالحكومة ناشطاً في عام 2022 أيضاً.

المصارف

 

تتوقع “ستاندرد أند بورز” أن يأتي الدعم الحكومي ليس فقط للكيانات التي تسيطر عليها الحكومة ولكن أيضًا لمصارف القطاع الخاص.

ومن الملاحظ على مدى السنوات القليلة الماضية، وجود اتجاه يتمثل في قيام حملة الأسهم الحكوميين في دول مجلس التعاون الخليجي في دمج أصولهم لتشكيل مصارف أكبر. وكانت أحدث صفقة هي اندماج “البنك الأهلي التجاري” ومجموعة “سامبا” المالية لتشكيل المصرف الوطني السعودي. وبحسب “ستاندرد أند بورز”، فان مثل هذه التطوران يمكن أن أن تساعد الحكومات على تمويل مبادراتها الإستراتيجية وخطط التحول الاقتصادي، على الرغم من أنها تتوقع أن يتم هذا التمويل عن بعد.

وبالإضافة إلى ذلك ، يتم إدراج جزء من رأسمال هذه المصارف بشكل عام في أسواق رأس المال المحلية لمساعدتها على التنمية ومشاركة الثروة مع السكان المحليين.

أما بالنسبة الى الشركات غير المالية، فتعتبر “ستاندرد إند بورز” أن زيادة مشاركة المستثمرين المؤسسيين وإدراج أسواق الأوراق المالية هي داعمة لممارسات الحوكمة.

قطاع التأمين

 

وعلى عكس القطاع المصرفي، لم يكن هناك أي نشاط اندماج واستحواذ ذي أهمية في قطاع التأمين حتى الآن. لذا ترى الوكالة أن دمج الكيانات ذات المساهمين المشتركين هو سيناريو محتمل مع مرور الوقت.

القطاع الخاص

 

ترى الوكالة أن القطاع الخاص في منطقة الخليج لا يزال يحتاج للتطوير وتهيمن عليه مجموعات عائلية، التي يبقى التمويل من المصارف المحلية مهيمناً عليها.

ومن شأن زيادة مشاركة الكيانات الكبرى المرتبطة بالحكومة في أسواق رأس المال ليس خلق زخم لأسواق رأس المال فحسب، بل هي خطوة ستوفر أيضاً للمستثمرين المؤسسيين إمكانية الوصول إلى القطاعات الاستراتيجية الرئيسية في المنطقة، مثل النفط والغاز والمرافق، والمزيد من الاهتمام من المستثمرين.