Share

إلى متى ستستمرّ أزمة نقص الرقائق الإلكترونية؟

القطاعات تتعافى ولكن بنسب متفاوتة
إلى متى ستستمرّ أزمة نقص الرقائق الإلكترونية؟
الرقائق الالكترونية

كان لأزمة نقص رقائق إلكترونية تأثير كبير على حياتنا خلال العامين الماضيين، فباتت السيّارات أغلى ثمناً بسبب صعوبة وارتفاع تكلفة تصنيعها، كما عانت شركات الحاسوب في تلبية احتياجات المستهلكين، لاسيّما خلال فترة الدراسة والعمل من بُعد. إضافة إلى تأخير عدد لا يُحصى من المنتجات، حيث تمّ دفع تواريخ الإصدار طوال عام 2021 وحتّى السنوات الآتية.

في هذه الآونة، تلوح في الأفق بعض ملامح التعافي في هذا القطاع، ولكن بتواترات متفاوتة، إذ تتوقع شركة “بين أند كومباني” (Bain & Company) أن تشهد بعض القطاعات انتعاشًا مع نهاية هذا العام، وسيتأخر البعض الآخر حتى عام 2024 أو ما بعده. 

اعتمادًا على الدراسة التحليلية التي أجرتها المتخصصة في الاستشارات الإدراية، يعدّ كل من قطاع السيارات والصناعة من بين القطاعات الأكثر تضررًا نتيجة نقص الرقائق الإلكترونية، إلا أنها ستكون الأسرع في تحقيق التعافي.

وتتوقع “بين أند كومباني” أن تشهد كميات العرض ضمن هذه القطاعات انفراجًا في في أواخر عام 2022 ومطلع عام 2023، إذ تعتمد منتجاتهم بشكل كبير على أشباه الموصلات ضمن فئتين تشملان الرقائق مقاس 12 بوصة “متطورة” ورقائق “مختلفة” بحجم 6 بوصة و8 بوصة. 

إلى ذلك، يشهد هذان القطاعات تعزيز القدرة الإنتاجية بشكل ملموس خلال الفترة القادمة الممتدة من 9 إلى 12 شهرًا، ويعود السبب بحسب شركة “بين”، للمنتجات الجاهزة الجديدة التي ستتوفر عبر شبكة الإنترنت، بحيث تشكل هذه الأنواع من الرقائق أكثر من 90 في المئة من أشباه الموصلات التي تستخدمها شركات السيارات والشركات الصناعية. 

وتوضح الدراسة قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية، الذي يشمل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، سيشهد انتعاشاً مماثلاً من مسألة نقص الرقائق الإلكترونية خلال العام المقبل وما بعده، إذ تعتمد هذه المنتجات الإلكترونية على الرقائق المصممة بمقاس 6 بوصة و8 بوصة و12 بوصة التي سيزداد إنتاجها، وستلجأ إلى استخدام أنواع أخرى من أشباه الموصلات وفقاً للمواد المطروحة في الأسواق على نطاق كبير.

هذا وأُجبر صانعو الرقائق الإلكترونية على مواكبة الطلب المتزايد لتصنيع أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الألعاب ومجموعة متنوّعة من المنتجات، أثناء تعاملهم أيضاً مع تباطؤ الإنتاج وسط عمليات الإغلاق العام بسبب الوباء.

قد تساعد شركات “إنتل” و”سامسونغ” وTSMC” على تعزيز الإمدادات للرقائق، إلّا أنّ الأمر قد يستغرق عامين على الأقل حتّى تبدأ هذه الشركات في العمل؛ بدأت “إنتل” بالفعل بناء مصنع الرقائق الخاصّ بها، ولكن لن يتمّ بدء العمل فيه حتّى 2024.

في المقابل، تتوقع “بين أند كومباني” أن يؤدي النقص الراهن إلى إلحاق الضرر بالعديد من القطاعات حتى عام 2024، بما يشمل وحدات تحكم الألعاب وخوادم الكمبيوتر، حيث ازداد الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير خلال فترة جائحة كوفيد -19، والمعروض في الأسواق يندرج تحت الرقائق “النازفة”، ولكن إنتاج الركائز المتقدمة توقف وبالتالي تراجع المعروض منه في الأسواق.

ويكشف التحليل أن مورّدو هذه المنتجات يعانون من انخفاض الموارد المالية اللازمة لبناء المصانع المخصصة لإنتاج الركائز المتقدمة الخاصة بهم، والعمل بسرعة لتغطية الطلب المتزايد، بحيث تشكل الرقائق المتطورة التي تعتمد على هذه الركائز ما يقارب 50 في المئة من أشباه الموصلات المستخدمة في الخوادم وأكثر من نصف المستخدمة في وحدات تحكم الألعاب.

وتلفت “بين” النجاح في تجاوز أزمة نقص الرقائق الإلكترونية إنما يتطلب وضع حل شامل وجذري، ولكن الشركات الرائدة تدرك أن اضطرابات سلاسل التوريد لن تتوقف عن الظهور، مشيرة إلى أنه  لا بدّ من التحرك بسرعة لتعزيز مرونتها، وتهيئة نفسها للاستجابة الاستباقية بشكل أفضل، لتجاوز التحديات التي يمكن أن تواجه مسيرتها في المستقبل.

يُذكر أن شركة “تويوتا” اليابانية لصناعة السيارات كانت قد شهدت تراجعاً في أرباحها بنحو 21 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الفائت، بسبب التراجع العالمي في إنتاج الرقائق الإلكترونية.

وكانت الشركة، الأكثر بيعاً للسيارات في العالم، قد قلصت إنتاجها السنوي بنحو نصف مليون سيارة، ليصل الإنتاج العام الجاري إلى نحو 8.5 مليون سيارة فقط.

ويقول غلين أدونيل من شركة ” Forrester Analytics” إنّها مشكلة عرض وطلب “بسيطة”، فعلى سبيل المثال: بعد أن خفّضت الشركات من إنتاج السيارات في بداية الوباء، ظنّاً منها أنّ المستهلكين لن يهتمّوا بشراء سيارات جديدة، اتّضح أنّ العكس كان صحيحاً.