Share

الأمن الغذائي العالمي في خطر.. حذار من المجاعة

مجموعة السبع تتعهد تخصيص 5 مليارات دولار لتعزيز الأمن الغذائي العالمي
الأمن الغذائي العالمي في خطر.. حذار من المجاعة
يشكّل تغير المناخ من التحديات الخطيرة التي تواجه الأمن الغذائي العالمي

تحذير عالي النبرة ومخيف أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من “أزمة جوع عالمية غير مسبوقة” أدت الحرب الروسية – الاوكرانية إلى تفاقمها بعد كورونا واضطرابات المناخ، ومن “خطر حقيقي من إعلان مجاعات متعددة” هذا العام.

وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة “الفاو”، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في جميع أنحاء العالم إلى 276 مليونًا في العامين الماضيين.

ويرجح البرنامج والمنظمة أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد في 20 دولة أو حالة – تسمى بؤر الجوع الساخنة – بين شهري يونيو/ حزيران وسبتمبر/أيلول.

كما أن مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وهو مقياس تستخدمه وكالات الأمم المتحدة والأجهزة الإقليمية وجماعات الإغاثة لتحديد مستوى انعدام الأمن الغذائي، يؤكد تعرض أكثر من 460 ألف شخص في الصومال واليمن وجنوب السودان لظروف المجاعة، وهذه هي مرحلة ما قبل الإعلان عن حدوث مجاعة في منطقة ما.

“هناك خطر حقيقي من إعلان مجاعات متعددة في عام 2022″، كما أن “ملايين الأشخاص في 34 دولة على شفا المجاعة”، يحذر غوتيريش في كلمة له في مؤتمر في برلين ناقش هذه المسألة نبه خلالها الامين العام من أن “عام 2023 قد يكون الأسوأ”.

الحرب الروسية – الأوكرانية

 

يعتبر غوتيريش أن الحرب الروسية – الأوكرانية “فاقمت أزمة ثلاثية الأبعاد – أزمة غذاء وأزمة طاقة وأزمة اقتصاد”.

فهذه الحرب التي دخلت شهرها الخامس، بما في ذلك الحصار المفروض على موانئ البحر الأسود، أدت إلى منع خروج الحبوب، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وكل الدلائل تشير إلى تحديات أكثر صعوبة مستقبلاً.

ويعني استمرار الحرب في هذين البلدين اللذين يسهمان بربع صادرات العالم من القمح وخمس صادراته من الشعير والذرة، وأكثر من نصف صادرات زيت بذور دوار الشمس، أن الإمدادات العالمية من الحبوب ستبقى مهددة، مما يؤدي بدوره إلى انعدام الأمن الغذائي بين أكثر السكان ضعفاً في العالم.

من هنا جاءت مطالبة قادة دول مجموعة السبع – الذين تعهدوا اليوم تخصيص 5 مليارات دولار لتحسين الامن الغذائي العالمي – روسيا بالسماح بخروج شحنات الحبوب من أوكرانيا من اجل تجنب تفاقم أزمة الغذاء العالمية. وقال بيانهم: “ندعو روسيا بشكل عاجل إلى وقف هجماتها على المنشآت الزراعية والنقل من دون قيد أو شرط والسماح بمرور شحنات الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود”.

كما يتهم الاتحاد الاوروبي روسيا بأنها تستغل الغذاء كسلاح في حربها في أوكرانيا، وبـ”محاصرة الموانئ ومهاجمة البنية التحتية الزراعية، وتحويل حقول القمح إلى ساحات حرب”. ويحمّل الاتحاد الكرملين المسؤولية عن أزمة الغذاء العالمية “التي تسبب معاناة للدول الأكثر فقرا وللأسر ذات الدخل المنخفض”.

ثلاث أزمات

 

يقول صندوق النقد الدولي في مذكرة بحثية نشرها مؤخراً إن ثلاث أزمات مجتمعة – الصراع وكوفيد وتغير المناخ – تفضي إلى أزمة أخرى هي الجوع.

وفضلا على اضطراب إنتاج الغذاء والشحنات، من أوكرانيا بصفة أساسية، تؤثر الحرب كذلك على ناتج الغذاء العالمي من خلال آثارها على الأسمدة، والتي ارتفعت تكلفتها بالفعل نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة. وتنتج من روسيا وأوكرانيا كميات كبيرة من مغذيات المحاصيل القائمة على البوتاس، وقد أدت الحرب إلى ارتفاع تكاليفها بصورة حادة.

تغير المناخ

 

وحتى قبل اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، شكّل تغير المناخ من التحديات الخطيرة التي تواجه الأمن الغذائي العالمي.

فظاهرة التغير المناخي ضربت مختلف مناطق العالم وأثرت على الإنتاج الزراعي. بعضها عانى ظروفاً جوية صعبة، كالعواصف والفيضانات والجفاف، وبعضها الآخر عانى ارتفاعاً في درجات الحرارة. وهو ما يحصل حاليًا، والتوقعات بزيادتها مستقبلًاً.

وهو ما يدفع إلى ضرورة إيجاد أنواع مختلفة من البذور والمحاصيل وإستراتيجيات جديدة، تضمن مرونة تلك المحاصيل للتعايش في بيئة “أكثر سخونة” مع تغير المناخ، بحسب ما أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركية لمكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية، رامين تالوي.

أسعار السلع الغذائية

 

في وقت من الأوقات، بلغت أسعار السلع الغذائية مستوياتها القياسية. لكن هناك توقعات باحتمال تراجعها مع بروز مؤشرات تفاؤل بفضل إقدام العديد من الدول المنتجة للمحاصيل الأساسية على زيادة إنتاجها الزراعي، مما يساعد في تعويض النقص الناجم عن الحرب.

وهو ما سيؤثر طبعا على تراجع تضخم الاسعار في العالم، اذا ما تحقق.

وتشير التوقعات إلى أن أستراليا وهي أحد أكبر مصدري القمح في العالم ستنتج كميات كبيرة من المحصول الاستراتيجي خلال العام الحالي، في حين تتجه البرازيل إلى إنتاج كميات أكبر من الذرة.

كما تراجعت المخاوف من احتمالات انخفاض المساحات المزروعة بالقمح وفول الصويا في موسم الربيع في أميركا الشمالية.

المنطقة العربية

 

وليس مستغربا أن المنطقة العربية تتأثر بشكل كبير من تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية. فهي تستورد حوالي 42 في المئة من احتياجاتها من القمح و23 في المئة من احتياجاتها من الزيوت النباتية من كل من أوكرانيا وروسيا، بحسب برنامج الغذاء العالمي.

ووفق المتحدثة الإعلامية باسم برنامج الغذاء العالمي في الشرق الأوسط الدكتورة عبير عطيفة، ارتفعت أسعار دقيق القمح في الشهر الذي تلى اندلاع الحرب بنسبة 47 في المئة في لبنان، 15 في المئة في ليبيا، 14 في المئة في فلسطين، 11 في المئة في اليمن، وحوالي 10 في المئة في سوريا.

كما ارتفعت أسعار دقيق القمح في مصر، التي يمثل الخبز تاريخيا أهمية بالغة لمواطنيها، بنسبة 15 في المئة في مارس/آذار.