Share

الإمارات تستحدث ضريبة على الشركات لمواءمة اقتصادها عالمياً

السعيدي لـ"إيكونومي ميدل إيست": ستعزز الإيرادات الضريبية وتزيد الشفافية
الإمارات تستحدث ضريبة على الشركات لمواءمة اقتصادها عالمياً
حساب

اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل، تبدأ دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيق ضريبة اتحادية جديدة بنسبة 9 في المئة على أرباح الشركات للمرة الأولى، وذلك من ضمن الجهود التي تقوم بها في سبيل تنويع اقتصادها ومواءمته مع الممارسات العالمية.

هذه الخطوة يتوقع أن تساهم في تعزيز مكانة الإمارات “كمركز عالمي للأعمال”، سيما وأن الدولة تسعى لاتخاذ خطوات تزيد من مستويات تنافسيتها، حيث أنها غيّرت أخيراً عطلة نهاية الأسبوع من السبت إلى الأحد للمواءمة بشكل أفضل مع الاقتصاد العالمي.

فهذه الضريبة المستحدثة هي جزء من التطور المتواصل للسياسة الضريبية التي كانت بدأتها الإمارات مع إدخال الضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة عام 2018 ومن ثم فرض رسوم جمركية على بعض الواردات. علماً أن الدولة تفرض أصلاً ضرائب على المصارف وشركات التأمين العاملة خارج نطاق المناطق الحرة الواسعة في البلاد بنسبة تصل إلى 20 في المئة على أرباحها. كما يخضع قطاع النفط والغاز للضرائب بموجب برنامج منفصل.

ومن شأن هذه الضريبة أن تمكّن الإمارات من تحقيق هدفها تنويع إيرادات الموازنة لتقليل الاعتماد على النفط، الأمر الذي يتيح لها مساراً مالياً أكثر استقراراً على المديين المتوسط والطويل.

السعيدي: الضريبة ستمنع اعتبار الإمارات موطناً للأموال الساخنة

 

يقول المحلل الاقتصادي رئيس شركة السعيدي وشركاه، الدكتور ناصر السعيدي لـ”إيكونومي ميدل إيست” “إن هذه الخطوة ستسمح للإمارات العربية المتحدة بزيادة الشفافية الضريبية، وبمنع اعتبارها ملاذاً ضريبياً أو موطناً للأموال الساخنة والتدفقات المالية”.

وأوضح أن المعدل المقترح للضريبة على الشركات “يعتبر تنافسياً مقارنة بدول أخرى، وسيضيف تحصيلها إلى خزينة الإمارات”.

فقد شكلت الإيرادات الضريبية المحصلة 15 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019 (مدعومةً بتطبيق ضريبة القيمة المضافة والضرائب غير المباشرة في العام الذي سبق)، وبالتالي ستعمل هذه الخطوة على تنويع وتوسيع الإيرادات الضريبية والمساعدة في تقليل اعتماد الإمارات على عائدات النفط، وتالياً الدفع باتجاه المزيد من التنويع الاقتصادي، بحسب السعيدي.

وماذا عن الشركات التي ستفرض عليها الضريبة؟

 

يجيب السعيدي أنه “بالنسبة للشركات، ستكون هذه الضريبة بمثابة تكلفة إضافية، وقد يتم تمريرها إلى المستهلكين. لذلك، فإن دبي تفكر في خفض الرسوم الحكومية على الأنشطة المختلفة وهو ما سيكون بمثابة إعفاء مرحباً به، مما يدعم سهولة ممارسة الأعمال التجارية”.

وكان مدير عام دائرة المالية في دبي عبد الرحمن صالح آل صالح أعلن أن دبي ستنظر في خفض تدريجي لتكاليف الشركات العاملة في المركز التجاري للشرق الأوسط بما يتوافق مع الواقع الجديد.

وشرح السعيدي أن هذا الاجراء جاء بعد التوصل إلى اتفاقية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 لضريبة دنيا عالمية بنسبة 15 في المئة للشركات التي تزيد عائداتها عن 750 مليون يورو، مدعومة من 136 دولة بينها الإمارات العربية المتحدة. وقادت حينها المفاوضات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

الأمارات

موديز: أهم إصلاح مالي

 

“هو أهم إصلاح مالي منذ العام 2018” في الامارات. هكذا وصفت وكالة “موديز” قرار استحداث ضريبة اتحادية على أرباح الشركات. لكنها قالت إن الفوائد المالية للضريبة الجديدة التي ستكون محدودة بسبب الدور الواسع للمناطق الحرة المعفاة من الضريبة.

في المقابل، أشارت “موديز” إلى أنَّ شركات تنظر إلى استحداث ضريبة اتحادية على أنَّه سيؤثر على وضع الائتمان للشركات المحلية في الإمارات، لأنَّه سيحد من التدفقات النقدية التشغيلية. لكن، بنظرها، فإنَّ التأثير العام على الملف الائتماني للشركات الكبيرة سيكون محدوداً في ظل وجود أدوات متعددة للتعويض، على غرار رفع أسعار المنتجات أو الخدمات، وتحسين هيكل التكلفة، وتقليص أرباح المساهمين.

تفاصيل الضريبة على أرباح الأعمال

 

ستطبق هذه الضريبة الجديدة بنسبة أساسية تبلغ 9 في المئة، في مقابل نسبة صفر في المئة لدعم الأعمال الناشئة والأعمال الصغيرة التي تحقق أرباحاً خاضعة للضريبة لمداخيل لا تتجاوز 375 ألف درهم (حوالي 103 الاف دولار). وسيتم احتساب ضريبة الشركات الأخرى على أرباح الأعمال بناءً على بياناتها المالية المُعدة وفقًا لمعايير المحاسبة المتبعة دولياً.

وسيظل الأفراد غير خاضعين للضريبة على دخولهم من الوظائف أو العقارات أو استثمارات الأسهم أو أي دخل شخصي آخر غير مرتبط بتجارة أو شركة إماراتية، كما لن يتم تطبيق الضريبة أيضاً على المستثمرين الأجانب الذين لا يمارسون أعمالاً في الدولة، وفق بيان وزراة المالية الإماراتية.

وبالنسبة لما يشكل ربحاً، سيتم تطبيق ضريبة الشركات على “صافي الربح المحاسبي المعدل” للشركة.

الحوافز الضريبية مستمرة للمناطق الحرة

 

ويمكن للأعمال في المنطقة الحرة، التي يوجد منها الالاف في الدولة، الاستمرار في الاستفادة من الحوافز الضريبية طالما أنها “تلبي جميع المتطلبات الضرورية”.

كما ستبقى نشاطات استخراج الموارد الطبيعية خاضعة للضرائب المفروضة على الشركات على مستوى الامارة المحلية.

ولن تطبق ضريبة مقتطعة عند المنبع على المدفوعات المحلية والخارجية، أي المدفوعات عبر الحدود.

تطبيق الحد الأدنى العالمي لمعدل الضريبة الفعلي

 

وذكرت وزارة المالية الإماراتية أن خطوتها هذه ستمهد الطريق لإدخال الحد الأدنى العالمي لمعدل الضريبة الفعلي، والذي من شأنه أن يساعد على تطبيق نسبة مختلفة لضريبة الشركات على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات المستوفية لمعايير محددة.

وشرحت أن سياسة ضريبة الشركات “تعكس المبادئ المتعارف عليها ضمن أفضل الممارسات الدولية”، وأنه تم تطوير النظام “مع مراعاة تقليل عبء الامتثال على الأعمال”.

وختمت قائلة: “نظراً إلى مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز مالي رائد ومحور أعمال دولي، سيدعم نظام ضريبة الشركات في الإمارات نشاطات الاستثمار ومقار الأعمال ويضمن التدفق الحر لرأس المال والتجارة والتمويل والخدمات”.