Share

التقنية قد تبرز عاملاً داعماً لتحقيق معايير ESG في قطاع البناء

الوعي بالـ ESG عاملاً رئيسياً في ظل تزايد الاهتمام بالاستثمار الأخلاقي
التقنية قد تبرز عاملاً داعماً لتحقيق معايير ESG في قطاع البناء
التقنية قد تدعم الالتزام بالأهداف المرتبطة بـ ESG في قطاع البناء

ستبرز التقنية كعامل أساسي لتحقيق الامتثال لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) في قطاع البناء، في ظل تحقيق الاستثمار “الأخلاقي” الزخم في منطقة الشرق الأوسط.

مما لا شكّ فيه أن الحصول على التمويل هو أمر بالغ الأهمية في قطاع البناء في المنطقة. وجد استطلاع المرصد العالمي لقطاع البناء للربع الثالث من 2022 الصادر عن المعهد الملكي للمسّاحين القانونيين أن 85 في المئة من المشاركين أشاروا إلى القيود المالية باعتبارها عراقيل لنشاط البناء في الشرق الأوسط وأفريقيا.

كما تم إدراج تعزيز إدارة سلاسل التوريد ودفع الاستثمارات في الأتمتة والبيانات والرقمنة ضمن الأولويات ذات الأهمية القصوى في المنطقة.  

ويتزايد اليوم عدد شركات البناء التي باتت تعتمد على التكنولوجيا لتحقيق مكاسب في الإنتاجية. ويمكن لذلك أيضاً أن يسهم إلى حدّ كبير في إطلاق العنان للفرص التمويلية من قبل المستثمرين “الواعين أخلاقياً”.

مكاسب بيئية

 

وتكمن الفائدة الأكبر للرقمنة في إنتاجها لبيانات قابلة للقياس والتتبّع. يمكن أيضًا تحليل هذه المعلومات لتعزيز الأداء الحالي وتوحيد العمليات المستقبلية.

يعدّ هذا السعي إلى التحسين عنصراً بالغ الأهمية في ظل سعي قطاع البناء لتقليص بصمته البيئية. في هذا الإطار، تمثل المباني 40 في المئة من استهلاك الطاقة العالمي، وربع الاستخدام العالمي للمياه، وثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للطاقة.

إقرأ المزيد: معايير ESG قد تطلق العنان لموجة من الاستثمارات في القطاع العقاري الإماراتي

وقد يساعد اعتماد التكنولوجيا في دمج الاستدامة البيئية في المراحل الأولى من المشروع أيضًا. يمكن أن تساعد أدوات قياس تأثير الكربون في تقييمات الأثر البيئي قبل الإنشاء على التخفيف من انبعاثات الكربون للمشاريع أثناء التسليم – بما في ذلك من خلال المعدات والنقل وتوريد المواد.

وأشارت شركة “ديلويت” ضمن تقريرها حول “اتجاهات الـ ESG للعام 2022 في قطاع البناء”: “في جميع الاحتمالات، سيكون هناك زيادة واسعة النطاق في استخدام التوائم الرقمية ونمذجة السيناريوهات، لتحديد تأثيرات الحلول المختلفة لإزالة الكربون على نتائج الـ ESG، واختيار الحلول الصديقة للبيئة المثلى”.

“ويتوقّع أن تُظهر شركات البناء وسلاسل التوريد الخاصة بها أوراق اعتمادها وابتكارها في مجال الـ ESG خلال مراحل التي تشتمل على تقديم العطاءات والتخطيط المبكر للمشاريع”.

رعاية العمّال

 

لطالما شكّلت صحة وسلامة عمال البناء مجالاً يفتقر للاستثمار. لكن في السنوات الأخيرة، اكتسبت حماية العمال وصحتهم النفسية أولوية أكبر على مستوى العالم.

ووجدت دراسة استقصائية أجرتها GlobalData في يوليو/تموز 2021 أن 72 في المئة من المشاركين ذكروا الصحة والسلامة باعتبارهما أبرز مسألة باعثة على القلق في مجال الـ ESG.

كما أشار 36 في المئة من الذين شملتهم الدراسة إلى أهمية حماية حقوق العمال وإدارة المخاطر على نحو أفضل. في المقابل، يولي 10 في المئة فقط من المستجيبين أهمية للتقليل من تأثيرات أنشطة البناء على المجتمعات المحلية.

إقرأ المزيد: “الفطيم” الإماراتية تحصل على قرض بـ1,25 مليار دولار لتعزيز أهدافها في مجال الاستدامة

كما يمكن للتكنولوجيا أن تساعد في إدارة رعاية العمال، الذي يشكل عاملاً أساسياً، في مجالات الـ ESG. 

وتتيح للتكنولوجيا القابلة للارتداء مثل الخوذات والساعات الذكية أن تسهم في ضبط مقاييس سلامة الموظفين مثل التعب، كما تتمتع بالقدرة على تنبيه العمال عند الحاجة لأخذ أوقات استراحة. 

على نحو مماثل، تساعد منصات التواصل عن بُعد التي تدعم خاصيّة تحديد الموقع الجغرافي في ضمان اتباع معايير سلامة السائقين، كما بدأ استخدام حلول الواقع المعزز والافتراضي ضمن برامج تدريب العمال حول العالم. 

إلى ذلك، يتزايد الاهتمام أيضاً باستخدام الأدوات الرقمية للتصنيع الدقيق لمكوّنات البناء خارج الموقع. ويمكن أن يساعد البناء المعياري في رفع ضمان الجودة، وكذلك تقليل تعرّض العمّال للمخاطر التقليدية في المواقع، مثل الضوضاء والغبار والإرهاق. 

وتلحظ ديلويت: “يواجه قطاع البناء رقابة متزايدة ومستمرة لناحية امتثاله لمعايير ESG”، لافتةً إلى أن “شركات ومشاريع البناء ستحتاج إلى تحديد وتخطيط وتنفيذ استراتيجيات ESG التي […] تفيد المجتمعات التي تنشط فيها”.

ESG ومستقبل قطاع البناء

 

من المتوقع أن يشهد الاستثمار المتوافق مع ESG في الشرق الأوسط نمواً في المستقبل. ويبدي 41 في المئة من المستثمرين في المنطقة رغبتهم في تطبيق سياسات استثمارية فعالة وناجعة في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وفق  استطلاع صادر في في العام 2020 عن مصرف HSBC. أيضاً، أظهر تحليل أجرته شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” في مايو/أيار الماضي أن الشركات الإقليمية تعطي الأولوية بصورة خاصة للتنوع وتغير المناخ والسلامة.

يتوجّب على الشركات العقارية في المنطقة إعادة تصويب خطط التنمية مع وضع عوامل ESG في صلب الاستراتيجيات التشغيلية والإدارية التابعة لها.

إقرأ المزيد: التقنيات الرقمية تحدّ من التأثير السلبي للبيئة المعمارية

وقد يؤدي الالتزام بدعم الجهات العاملة في مجال البناء التي تولي أهمية لتطبيق معايير ESG إلى قطع أشواط طويلة في مساعدة شركات التطوير العقاري على تأمين تمويلات لتنفيذ المشاريع.

أما فيما يتعلّق بشركات البناء، سيكون من الضروري تنشيط الاستثمارات لجعل مشاريعها أكثر صديقة للبيئة وأمانًا للعمّال. في هذا الإطار، يمكن لاعتماد التكنولوجيا أن يسهم في تحقيق هذه النتائج الإيجابية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إذا ما تم تكثيف التعاون عبر القطاع.