Share

الجنيه المصري يغرق على وقع استمرار تراجع الاحتياطيات الأجنبية

"كابيتال إيكونوميكس" تتوقع انخفاض العملة إلى 21 جنيهاً للدولار نهاية 2022
الجنيه المصري يغرق على وقع استمرار تراجع الاحتياطيات الأجنبية
التضخم في مصرف تخطى تقديرات المصرف المركزي لهذا العام

ماذا يحصل في مصر؟ ولماذا هذا التدهور الدراماتيكي في سعر عملتها؟ واين أصبحت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟

الاثنين، انخفضت قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 5 سنوات أمام الدولار الأميركي لتتخطى قيمته الـ19 جنيهاً.

قبل 5 سنوات – وتحديداً في ديسمبر/كانون الأول من العام 2016 – سجل الجنيه المصري أدنى مستوى له على الإطلاق عندما قرر المصرف المركزي تعويم الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى نحو 20 جنيهاً. وقد اعتُبر ذلك العام بأنه الاسوأ في تاريخ العملة المصرية لأنها فقدت حوالي 185 في المئة من قيمتها في عام واحد.

وفي مارس/آذار الماضي، اضطر المصرف المركزي الى خفض قيمة العملة المحلية من جديد، إذ خسر الجنيه المصري نحو 17 في المئة من قيمته أمام الدولار ليتجاوز سعر بيع العملة الخضراء 18 جنيهًا.

الأسباب

 

ترجع هذه التطورات إلى الحرب الروسية – الأوكرانية التي اندلعت في فبراير/شباط وتسببت بزيادات ملحوظة في أسعار الحبوب والزيوت والنفط. هذه الحرب أضرت بمصر كثيراً وهددت أمنها الغذائي، وذلك لاعتمادها على البلدين المتحاربين في استيراد الحبوب، خاصة القمح الذي تعتبر أكبر مشتر له في العالم. كما أن هذين البلدين يعتبران أيضاً مصدّرين أساسيين لتدفق السياح إلى مصر، وبالتالي النقد الأجنبي. إذ شكّل الروس والأوكرانيون نحو ثلث إجمالي الوافدين الى مصر في العام 2021.

وتسبّب ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً في تسجيل التضخم في مصر مستويات مرتفعة، متخطياً الحد الأعلى لتقديرات المصرف المركزي خلال العام الحالي والبالغة 9 في المئة. علماً انه انخفض للمرة الأولى منذ سبعة أشهر خلال شهر يونيو/حزيران، مسجلاً 14.7 في المئة، مقابل 15.3 في المئة في مايو/أيار. هذا لا يعني بالطبع أن الأسعار قد انخفضت، إنما ارتفعت بوتيرة أبطأ.

وتواجه مصر خطر نضوب احتياطياتها من النقد الأجنبي إذا لم تحصل على قروض جديدة في ظل موجة تخارج استثمارات قدّرتها “بلومبرغ” بنحو 20 مليار دولار من أدوات الدَّين المحلية هذا العام، وذلك بعد أن كانت تمثل سوقاً مفضلة للمستثمرين. في وقتٍ قدّر محللون أن البلاد تعاني من فجوة تمويلية تتراوح ما بين 40 و45 مليار دولار للأشهر الـ12 المقبلة.

وتراجع صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 33.375 مليار دولار في نهاية شهر يونيو/حزيران، فاقداً بذلك 5.95 في المئة من قيمته على أساس شهري. كما تراجع بـ18.45 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.

علماً أن تحويلات المصريين في الخارج التي تعتبر أكبر مصادر العملة الصعبة لمصر استمرت وتيرتها، وإن بتراجع قليلاً، لتسجل 2.4 مليار دولار خلال مايو/أيار الماضي مقابل 2.6 مليار في مايو/ايار 2021، ومقارنة بـ 3.1 مليارات دولار خلال شهر أبريل من العام الجاري.

وكانت مصر حصلت مؤخراً على تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار، على شكل ودائع واستثمارات، من السعودية والإمارات وقطر.

“كابيتال إيكونوميكس”

 

في ظل تدهور العملة المحلية، توقعت “كابيتال إيكونوميكس” الاثنين انخفاض الجنيه المصري 10 في المئة أمام الدولار ليسجل 21 جنيهاً للدولار بنهاية 2022. كما توقعت انخفاضاً بنسبة 16 في المئة إضافياً بحلول نهاية عام 2024 ليسجل 25 جنيهاً مقابل الدولار.

وأوضحت الشركة في تقرير: “نعتقد أن صانعي السياسة بحاجة إلى التمسك بالتحول إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة والسماح للجنيه بالضعف من أجل تصحيح الاختلالات الخارجية”.

وأرجع التقرير انخفاض قيمة الجنيه إلى تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية التي ألقت بظلالها على مصر التي تعد مستورداً صافياً للسلع الأساسية.

كما تسبب هذا الأمر في اتساع العجز الضخم في الحساب الجاري لمصر خلال العام، الأمر الذي تسبب بدوره في صراع لجذب أشكال مستقرة من التمويل الخارجي. وبالتالي “سيحتاج المسؤولون إلى الالتزام بتحولهم إلى سعر صرف مرن من أجل استعادة استقرار الاقتصاد الكلي”، أضاف التقرير.

وبلغ عجز الحساب الجاري 4.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول.

وكان المصرف المركزي المصري أعلن في أبريل/ نيسان، أن عجز الحساب الجاري سجل انكماشاً بنسبة 20.8 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 3.8 مليارات دولار في الربع الثاني من العام المالي 2022/2021 ، مقارنة بـ4.8 مليارات دولار في الفترة نفسها من السنة المالية السابقة. كما تقلص العجز بنسبة 5 في المئة على أساس ربع سنوي من 4 مليارات دولار في الربع الأول من السنة المالية الحالية.

صندوق النقد الدولي

 

لمواجهة كل هذه التطورات، طلبت مصر دعماً من صندوق النقد الدولي يتمثل في قرض جديد. بحسب وزير المالية المصري محمد معيط في تصريحات الاثنين، فإن حجم الدعم المطلوب من الصندوق أقل من 15 مليار دولار، ضمن إطار آلية تسهيلات تمويل موسعة يجري التفاوض عليها بين الجانبين منذ عدّة أشهر.

وأبدى معيط تفاؤله بامكان التوصل الى اتفاق مع الصندوق قبل نهاية العام في وقت تشهد المفاوضات بينهما “تقدماً جيداً”.

وكان الصندوق طرح “شروطاً” الاسبوع الماضي، فقال إن مصر بحاجة إلى تحقيق تقدم حاسم في الإصلاحات المالية والهيكلية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وتحسين الحوكمة، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات.

ونهاية يونيو/حزيران، أعلنت السلطات المصرية أن البنك الدولي خصص 500 مليون دولار من المساعدات لمصر بهدف تعزيز الأمن الغذائي.

كما تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين تقديم “إعانة فورية قدرها 100 ملايين يورو” لدعم الأمن الغذائي في مصر.