Share

السر الكامن وراء الآلة: الذكاء الاصطناعي في دائرة الضوء

عاملان رئيسيان سيشكلان تطور الذكاء الاصطناعي
السر الكامن وراء الآلة: الذكاء الاصطناعي في دائرة الضوء
بقلم لوكا مينوزي، مسؤول عمليات التحليل المتقدمة لدى جوليوس باير

قطعت تقنيات الذكاء الاصطناعي شوطاً كبيراً في الآونة الأخيرة، وأصبحت جزءاً فعلياً وملموساً في العديد من القطاعات مثل الرعاية الصحية والخدمات المالية والتسويق وغيرها. وأسهم إطلاق برنامج شات جي بي تي، الذي يقوم على تحسين النماذج اللغوية للحوارات، في إحداث ضجة كبيرة مؤخراً ترافقت مع ازدياد الجدل حول الذكاء الاصطناعي وأثره على الاقتصاد والمجتمع. ولذا، نرى أنه يجب على المستثمرين الراغبين بتعزيز أعمالهم اليوم التركيز على ثلاثة مجالات أساسية، وهي البرمجيات والحوسبة السحابية والشركات المتخصصة في أشباه الموصلات.

ويتمثل الهدف من الذكاء الاصطناعي في جعل الآلات أكثر ذكاءً وفائدة، ما يزيد من كفاءتها والنتائج التي تقدمها، ويمنح الشركات التي تعتمد عليها بشكل مدروس ميزةً تنافسية ونظرةً أعمق إلى احتياجات العملاء، وبالتالي النجاح في زيادة أرباحها أو تقليل التكاليف.

ويرتبط جدوى الاستثمار بأنماط هرمية بالدرجة الأولى، غير أن عاملين رئيسيين يسهمان في تحديد ملامح تطور الذكاء الاصطناعي فعلياً، وهما وفرة البيانات وزيادة قوة الحوسبة. ومن المؤكد أن يزداد نمو قدرات الحوسبة وحجم البيانات المتاحة بشكل كبير خلال العقود القادمة، ما يضمن زيادة سرعة بيانات الذكاء الاصطناعي ودقتها. ومع ذلك، يرتبط الجدل والتساؤلات الراهنة بالشكوك التي ما تزال عالقة حول مسائل جمع البيانات والأمن والخصوصية.

ويبقى السؤال مطروحاً حول دور هذه النقاشات في عرقلة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، غير أننا لا نعتقد ذلك. ولكننا بالمقابل ندرك أن المخاوف الاجتماعية والسياسية ستظل محل جدل كبير، ولا سيما فيما يتعلق بالتغيرات الخاصة بالأتمتة والروبوتات في سوق العمل، إلى جانب المخاوف من الحضور الواسع لشركات التكنولوجيا الكبرى وارتفاع نسبة الأقطاب في النظام العالمي.

وتأثرت قيمة أسهم الشركات المستثمرة في الذكاء الاصطناعي أيضاً بالتدهور الذي أصاب سوق الأوراق المالية خلال عام 2022، فسجل العديد منها أداءً ضعيفاً بشكل ملحوظ، ولا سيما بعد أن أعاد المستثمرون تقييم إمكانات نموهم وسط ارتفاع أسعار الفائدة وتعديل الإنفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات، التي جاءت نتيجة زيادة الطلب المرافق للأزمة الصحية العالمية. وعادت التقييمات اليوم لوضعها الطبيعي منسجمةً مع المعدلات العامة السابقة.

وشهدت أسعار الأسهم انخفاضاً حاداً خلال العام الماضي، إلا إدارات الشركات على امتداد القطاع لم تتأثر واستمرت في الإنفاق أيضاً. ونجحت بعض الشركات بتحقيق فوائد كبيرة خلال عام 2022، بالنظر إلى عدد عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وقيمتها، حيث استثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى (بشكل أساسي) في شراء تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة.

ويشكّل استثمار شركة مايكروسوفت الإضافي بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي في شركة أوبن أيه آي، الشركة المطورة لبرنامج شات جي بي تي الذي يتصدر العناوين الرئيسية حالياً، إحدى أبرز الصفقات التي استقطبت اهتمام الكثير من النقاشات خلال الأشهر الأخيرة. ويستبعد الخبراء احتمالية تحدي مايكروسوفت لشركة جوجل فعلياً من خلال دمج هذا البرنامج في محرك بحث بينج الخاص بها، وذلك للعديد من الأسباب مثل حاجة مايكروسوفت لإجراء تغييرات سلوكية ومكانة جوجل الرائدة فيما يتعلق بالخدمات المثبتة مسبقاً على الأجهزة المحمولة والتطور المحدود لبرنامج شات جي بي تي وغيرها. ومن الأفضل إذاً النظر إلى هذا البرنامج باعتباره جزء من سلسلة تطوير متتابعة تحمل معها المزيد من هذه التقنيات الهامة في المستقبل، بدلاً من كونه ثورة تقنية في حد ذاته. ويشكل هذا الاستثمار مثالاً واضحاً على تزايد اعتماد شركات التكنولوجيا الكبرى على البرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي، لتضمن بذلك تجاوز جميع الاضطرابات وتقديم المزيد من الخدماتعالية الجودة لعملائها.

ونتوقع أن يستفيد من تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي ثلاث مجموعات من الشركات بالشكل التالي:

شركات تمكين تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها

 

تتولى شركات تمكين الذكاء الاصطناعي بنفسها تدريب الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي وإدراجها بين برامجها، ثم تقديمها كخدمة للمستخدمين النهائيين وتوسيع أسواقها المستهدفة. ومن المتوقع أيضاً أن تعمل الشركات القائمة على الذكاء الاصطناعي على أتمتة العمليات الحالية وتحسين كفاءتها، مما يتيح تقديم رؤى معمقة وخفض التكاليف التشغيلية.

شركات الحوسبة السحابية

 

نتوقع أن تعتمد برامج الذكاء الاصطناعي على أنظمة الحوسبة السحابية بشكل أكبر في المستقبل، كونها تمنح مستخدميها إمكانية وصول أوسع وتخفض التكاليف التشغيلية وتتيح الاستفادة من تقنيات متطورة، والتي كانت لتتطلب إنفاق رأس مال ضخم في حالات أخرى.

الشركات المتخصصة في أشباه الموصلات

 

يسهم نمو تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في زيادة الطلب على أشباه الموصلات، بما فيها وحدات الحوسبة والذواكر والمكونات الأخرى الخاصة بالذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع ارتفاع مبيعات الرقاقات الإلكترونية الخاصة بالذكاء الاصطناعي من 11.2 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 77 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات رواد القطاع. ويقدم ارتفاع الطلب مزايا عديدة بالدرجة الأولى للشركات المتخصصة في تصنيع الرقاقات الإلكترونية ومعدات أشباه الموصلات.