Share

الرياض تعزز مكانتها كمركز تجاري عالمي

اقتصاد متين قائم على التنوع وأسواق مالية جاذبة للاستثمارات
الرياض تعزز مكانتها كمركز تجاري عالمي
اقتصاد المملكة

تثبت السعودية يوماً بعد يوم أنه بينما تمثل الهيدروكربونات تدفقات إيرادات حيوية لاقتصاد البلاد، فإنها لم تعُد المحرّك الوحيد للاستثمارات، بحيث أنها باتت تلعب أيضاً دوراً في تمويل استراتيجية التنويع بعيدًا عن النفط.

مع بلوغ قيمة الاحتياطيات المعدنية في المملكة العربية السعودية حوالي 1.3 تريليون دولار، قد يصبح التعدين  الركيزة الثالثة لاقتصاد البلاد.

في تقرير حديث حول المملكة، صادر عن “مجموعة أكسفورد للأعمال” (OBG) بعنوان “التقرير: السعودية 2022″، تناقش المجموعة بروز الرياض كمركز تجاري عالمي، في ظل اجتذاب الشركات متعددة الجنسيات لافتتاح مقارّها الإقليمية في العاصمة.

يشير التقرير الذي اطّلعت عليه “إيكونومي ميدل إيست”، أنه بموازاة ذلك، هناك جهود متواصلة لربط الشركات المدرجة في البورصات السعودية باللاعبين في الأسواق الدولية، بهدف جذب المزيد من المستثمرين الدوليين، وتعزيز السيولة في أسواق رأس المال.

الاقتصاد السعودي

 

مع ارتفاع أسعار النفط والغاز ونموّ القطاع غير النفطي، سجّلت المملكة العربية السعودية فوائض تجارية في السنوات الأخيرة، مع توفير إيرادات حكومية لتوظيفها في مشاريع استثمارية مستقبلية. إلى ذلك، تعدّ المملكة من بين أسرع الاقتصادات نموًا في مجموعة العشرين في العام 2022.

ويُعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في السعودية عنصرًا أساسيًا في اقتصاد البلاد، وهو مرشّح لنموّ كبير في السنوات القادمة. في الآونة الأخيرة، قامت السلطات السعودية برقمنة عدد كبير من العمليات الداخلية والخدمات العامة، مما أسهم برفع الكفاءة والإنتاجية ودرجة التنسيق عبر مختلف الوزارات وفيما بينها.

وعلى الرغم من أن الوباء لم ينته بعد، فمن المتوقع على نطاق واسع أن تسجّل السعودية – التي اجتازت طريقها بنجاح للخروج من جائحة “كوفيد-19” –  نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7 في المئة  في العام 2022، وفقًا لتقديرات البنك الدولي. والسبب في ذلك إنما يعود لتحقيقها فوائض تجارية وحسابات جارية كبيرة متراكمة على مدار العام الحالي.

وتشير OBG إلى أنه من المرجح أن تشهد المملكة بعض التخفيف المالي في العام 2023> “سيتم تطبيق ذلك من خلال نهج جيّد وموجّه للإدارة، مما سوف يقلّص مخاطر التضخم إلى الحدّ الأدنى، ويحدث حالة عامة من الانضباط النقدي في البلاد”.

“وبفضل هذه الأسس المتينة، من المتوقع أن تشهد المملكة نمواً اقتصادباً في السنوات القادمة، لا سيّما مع تنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة ومستدامة في البلاد”.

saudi

أسواق المال

 

شهدت أسواق رأس المال في السعودية نمواً مستداماً، في ظلّ تحقيق تداولات هائلة وإدراجات أولية عالية القيمة. ومنذ منتصف العام الجاري، أحرزت البورصة السعودية تفوّقاً من حيث السيولة والقيمة السوقية، على كافة دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لـ OBG.

في أبريل/نيسان، أجرت مجموعة “تداول” السعودية سلسلة من التحسينات في البنية التحتية لمرحلة ما بعد التداول، ضمن جهودها لتحويل البورصة إلى منصة استثمارية عالمية.

واعتباراً من سبتمبر/أيلول، ضمّ مؤشر تداول العام (TASI) ما مجموعه 217 شركة. يشمل هؤلاء مشاركين في 21 قطاعاً صناعياً، بما في ذلك المواد الكيميائية ومواد البناء والمعادن. واعتبارًا من يونيو/حزيران، ساهم البنك الوطني السعودي في أغلبية (14.4 في المئة) وزن القطاع بالنسبة لمؤشر MSCI TADAWUL 30 أو MT30، الذي يمثل أداء حوالي 30 من أكبر الأوراق المالية المدرجة في سوق الأسهم السعودية وأكثرها سيولة. تلاه مصرف الراجحي بنسبة 14 في المئة، ومصنع البتروكيماويات المملوك للدولة “سابك” بنسبة 12.9 في المئة. في حين احتلّت “أرامكو السعودية” نسبة 9 في المئة من وزن المؤشر، وسجّلت شركة الاتصالات الوطنية (stc) نسبة 8.8 في المئة.

وتشكّل MT30 الأداة الأساسية لمنتج المشتقات الأول للبورصة، MT30 Index Futures.

في المقابل، تم إنشاء السوق الموازية”نومو” (Nomu) في العام 2017، لتوفير منصة بديلة للبورصة الرئيسية مع إجراءات إدراج أقلّ تطلّباً.

وفي حين يتطلب الإدراج في Nomu قيمة سوقية لا تقل عن 10 ملايين ريال سعودي (2.7 مليون دولار)، يُشترط للإدراج في السوق الرئيسية قيمة سوقية لا تقلّ عن 300 مليون ريال (80 مليون دولار).

في يونيو/حزيران، بلغ عدد الشركات المدرجة في “نومو” 31 شركة مقسمة على 11 مجموعة صناعية، ويبلغ إجمالي قيمتها السوقية حوالي 34.6 مليارات ريال (9.2 مليارات دولار).

يحتوي سوق الصكوك والسندات منذ حزيران/يونيو على ثلاثة مؤشرات: مؤشر سوق الصكوك / السندات، ومؤشر الصكوك / السندات الحكومية، ومؤشر صكوك / سندات الشركات، والأخير هو الأكبر، حيث يضم 76 صكاً وسندات حكومية مدرجة، تتألف من 67 صكاً ثابتاً وتسعة طروحات عائمة.

وفي الفترة نفسها، أدرجت البورصة السعودية 17 صندوقًا استثماريًا عقاريًا (REITs)، ارتفاعاً من صندوق واحد في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. آنذاك، قام صندوق “الرياض ريت” بعملية إدراج هي الأولى على صعيد المملكة، والثانيية على مستوى المنطقة. كما جرى تداول سبع صناديق استثمار، وصندوقان مغلقان (CEFs)، بالإضافة إلى سلسلة واسعة من الصناديق المشتركة.

وشهدت المشاركة ارتفاعاً ملحوظاً منذ أن شرّعت المملكة باب التداول في البورصة أمام المستثمرين الأجانب في العام 2015. ومنذ يونيو/حزيران، ارتفع عدد المؤسسات المالية المؤهلة (QFIs) من 453 في بداية العام 2019 إلى أكثر من 2,900. علماً أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، تم السماح لمصدّري السنجات تنفيذ عمليات إدراج في السوق السعودية.

أما في فبراير/شباط 2021، قامت السعودية بتطبيق سلسلة إضافية من الإصلاحات، بحيث طالبت الكيانات الأجنبية بضرورة إقامة مقرّات إقليمية في المملكة إذا كانت ترغب في المشاركة في خدمات العقود الحكومية.

الاكتتابات العامة

 

تستعدّ السعودية لتنفيذ سلسلة من الادراحات الجديدة المرتقبة، علىى خلفية الأداء الجيّد الذي أحرزته في النصف الأول من العام الجاري.

وكانت أفادت وكالة “بلومبيرغ” عن عد من الزيارات نفّذها مديرو الصناديق الأميركية إلى المنطقة للقاء الشركات التي تتطلع إلى إجراء الاكتتابات الأولية. فعلى سبيل المثال، نجحت الشركة السعودية لتطوير العقارات السكنية والتجارية الفاخرة Retal Urban Development Company، في اجتذاب طلبات مؤسسية بقيمة 24 مليارات دولار لتنفيذ إدراجات بقيمة 384 مليون دولار في يونيو/حزيران 2022.

ومن بين الاكتتابات العامة الأخرى قيد الإعداد خلال العام الحالي، Al Borg Diagnostics، وهي سلسلة مختبرات خاصة مدعومة من شركة Investcorp لإدارة الأصول ومقرها البحرين، والتي تتطلع إلى جمع حوالي 350 مليون دولار من عملية بيع أسهم المزمع إجراؤها في النصف الثاني من العام الجاري.

ومن المقرر كذلك طرح شركة “أرامكو السعودية” للزيوت الأساسية (لوبريف) للاكتتاب العام في النصف الثاني من العام، مع إمكانية جمع ما يصل إلى مليار دولار من بيع حصة بنسبة 30 في المئة.

في هذا الإطار، يقول محمد الرميح، الرئيس التنفيذي لـ”تداول”، في حديث لـ OBG: “من العوامل الأخرى التي تشير إلى قوة ومتانة السوق في النصف الأول من العام الحالي، هو إعلان stc عن نيتها لزيادة رأسمالها بمقدار 30 مليارات ريال سعودي (8 مليارات دولار) من خلال إصدار 1.5 من سهماً مجانياً مقابل كل سهم قائم”.