Share

العقوبات على “تورنادو” والمركزية داخل نظام DeFi

خطوة لإحباط جرائم العملات المشفرة.. أم تهديد لخصوصية الفرد؟
العقوبات على “تورنادو” والمركزية داخل نظام DeFi
عقوبات "تورنادو كاش"

خلال الأسبوع الماضي، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) عقوبات على شركة خلط العملات المشفرة الشهيرة Tornado Cash لدورها في مساعدة مجرمي الإنترنت على غسل العملات المشفرة المسروقة.

وأشار البيان الصحفي لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية إلى أن مجموعة Lazarus Group، وهي مجموعة قرصنة ترعاها الدولة، استعانت بـِ Tornado Cash لغسل أكثر من 455 مليون دولار من العملات المشفرة التي سرقتها المجموعة، في أكبر عملية سطو حتى الآن لعملات افتراضية. 

وأوضح البيان كذلك إلى دور المجموعة في في غسل أكثر من 96 مليون دولار من العملات المشفرة ضمن عملية سرقة منصة الأصول الرقمية “هارموني”، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 7.8 مليون دولار من سرقة منصة “نوماد” للتشفير. 

وفي إطار العقوبات، نشر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قائمة المحافظ التي يمكن استخدامها للتعرف على Tornado Cash، مما يحرّم التعامل معها من قبل المواطنين الأمريكيين. 

وفي مقابلة مع موقع “إيكونومي ميدل إيست”، يقول رونغوي غو، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمنصة CertiK المتخصصة في حماية وفحص شبكات البلوكتشين: “عند الحديث عن العقوبات الأخيرة ضد تورنادو كاش، من المهم أن نذكر أنها، وعلى غرار خدمات مشابهة لخلط العملات، فهي تعمل كوسيلة لزيادة إخفاء الهوية والخصوصية في عالم يتّسم باللامركزية،”. 

ويضيف غو: “لسوء الحظ، يتناقض ذلك مع الخطة الحكومية والتنظيمية التي ترمي إلى منع تدفق الأموال غير المشروعة، لا سيّما وأن المتسللين يلجأون على نحو متزايد إلى تورنادو كاش لإخفاء أموالهم المسروقة.”

وعقب صدور قرار العقوبات في حق تورنادو كاش، علّق “غو” بأن CertiK قامت بتوسيع نطاق خدمة التحقق KYC الخاصة بها، بحيث بات بإمكانها حالياً رصد أي تفاعل وارتباط يجمع بين المحافظ و”تورنيدو كاش”.

وشدد على أن “أدوات مماثلة تعزز درجة الشفافية، مشيراً إلى أن المساءلة ضرورية للمشاريع القائمة على الجيل الثالث من الويب، لا سيّما وأن العمل جارٍ حالياً على إصدار قوانين تنظيمية إضافية في المستقبل القريب”.

وبينما سارعت الأسواق للامتثال لقرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، برزت إلى الأضواء مرة أخرى مسألة المركزية على صعيد النظام المالي اللامركزي، أو ما يُعرف بـ Defi. 

وبالرغم من اعتراف “غو” بأن اللامركزية هي إحدى الخصائص الأساسية للنظام البيئي لتقنية الجيل الثالث من الويب Web3، يشير إلى أنه من المحتمل دائمًا وجود بعض جوانب المركزية في بعض المشاريع القائمة على هذه التقنية، بما فيها منظومة التمويل اللامركزي (DeFi). 

ولفت غو: “من المهم أن نتذكر أن اللامركزية ليست سمة أو خاصية، ولكنها مجموعة من أفضل التقنيات والممارسات التي يمكن أن تزيد أو تقلل من مركزية المشاريع”.

وأضاف: “حقيقة أن بعض المشاريع تتسم ببعض المركزية ليس بالضرورة أمراً سيئاً، إلا أن المشكلة تبدأ عندما يُساء استخدام هذه المركزية.”

وغني عن القول، إن قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أدى إلى انقسام في أوساط مجتمع التشفير. من ناحية أخرى، رحّب مهاجمو خدات الخلط بالحظر، واصفين إياها بالخطوة الإيجابية التي قد تثني المجرمين عن اللجوء إلى مثل هذه الأدوات لإخفاء الهوية وغسل أموالهم غير المشروعة.

وبحسب تقرير صادر عن المنصة المتخصصة في سلسلة الكتل “تشيناليسيس”، بلغ استخدام خلاطات التشفير أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2022، مع كون الجهات الفاعلة التي ترعاها الدولة أكبر مستخدميها.

وبيّن التقرير: “بشكل عام، إذا قمنا بتصنيف منظمات مجرمي الإنترنت الذين يضطلعون بانتماءات حكومية، نلحظ أن هذه المجموعات تشكل حصة كبيرة ومتنامية من جميع العملات المشفرة غير المشروعة المرسلة إلى الخلاطين”.

يتبنى المدافعون عن الخصوصية موقفًا مختلفًا بشأن العقوبات، زاعمين بأن خطوة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية تنتهك حقوق الأشخاص في التمتع بالخصوصية.

في هذا الإطار، وصفت ليا هولاند، مديرة الحملات والاتصالات في مجموعة الدفاع عن الحقوق الرقمية Fight for the Future، في بيان، عقوبات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بأنها “خرقاء”.

وقالت هولاند: “يشبه ذلك إلى حدّ كبير فرض عقوبات على بروتوكولات البريد الإلكتروني في الأيام الأولى لظهور الإنترنت، بمبرّر أن البريد الإلكتروني غالبًا ما يستخدم لتسهيل هجمات التصيد الاحتيالي”.