Share

 استخدام العقوبات كأسلحة مالية. هل تنجح؟

تدفع العقوبات البنوك المركزية والمستثمرين إلى إعادة تقييم للدولار
 استخدام العقوبات كأسلحة مالية. هل تنجح؟
العقوبات على روسيا

فرض الغرب عقوبات مالية على روسيا وصلت إلى أبعاد تاريخية. أدى غزو البلاد لأوكرانيا إلى قيام تحالف من الدول بتجميد أصول المصرف المركزي بالدولار، ومنع العديد من المصارف الروسية من استخدام نظام الدفع  المالي العالمي “سويفت”. كما عانت البلاد من القيود المفروضة على السلع والخدمات التي يمكن للمؤسسات والشركات الروسية شراؤها من الخارج ، بينما تقوم العلامات التجارية الكبرى مثل Apple و GM وIKEA  إما بإغلاق مكاتبها أو الخروج من السوق الروسية.

وتشمل العقوبات الأخرى حرمان موسكو من الوصول إلى التقنيات الرئيسية مثل إمدادات الرقائق، حيث تعهدت أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات، بوقف الصادرات إلى ذلك البلد. وتظهر النتائج الفورية أن الروبل الروسي قد انخفض بأكثر من 30 في المئة، مسجلاً أدنى مستوياته القياسية. هذا الترابط العالمي للسلع والخدمات يلعب دوراً جيداً في محاولة وقف الغزو الروسي لأوكرانيا.

مستقبل الدولار في طور التكوين

 

لقد وضع معيار الذهب للدولار في السبعينات من القرن الماضي، والذي جعله العملة الاحتياطية العالمية، وسيطر منذ ذلك الحين على التمويل الدولي. 60 في المئة من التجارة الدولية تتم بالدولار، ويجب سداد نصف جميع السندات والقروض العالمية بالدولار اليوم. وحوالي 90 في المئة من جميع عمليات تداول العملات هي بعملة الدولار.

باستخدام هذا النفوذ، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية واقتصادية استهدفت في السنوات الأخيرة على إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا.

لكن التسلح بالإجراءات المالية بشكل متكرر يدفع المصارف المركزية والأثرياء والمستثمرين إلى إعادة تقييم الافتراضات حول الدولار والمال، والبدء في بناء حالة استخدام أقوى للأصول الرقمية اللامركزية مثل العملات المشفرة.

على هذا النحو، يعتقد بعض الخبراء أن القيود المفروضة على وصول روسيا من النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الغرب من المرجح أن تدفع روسيا، ودول مثلها، بعيداً عن النموذج الاقتصادي الذي يقوده الغرب وتقترب اقتادياً من الصين.

وباتت الدول الدول الآن أنها لا تستطيع الاعتماد على احتياطيات العملات الأجنبية للاستفادة منها في حالة حدوث صراع سياسي أو عسكري.

ففي الآونة الأخيرة، صادرت إدارة بايدن الأصول النقدية في أفغانستان ومنعت حركة “طالبان” من الوصول إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار من أموال المصرف المركزي التي ربما اعتقدت “طالبان” أنها يمكن أن تستولي عليها أو تسيطر عليها.

هذا الأمر قد يدفع الدول إلى إنشاء طرق للدفع باستخدام العملة المحلية لهذه البلدان ووضع تقنيات وإجراءات بديلة للمراسلة بين المصارف، من أجل تجاوز “سويفت”.

الصين على سبيل المثال لديها نظامها الخاص بين المصارف عبر الحدود (CIPS) ، مما يمهد الطريق لنظام نقدي ثنائي القطب.

في تقرير لا علاقة له بالعقوبات ، لكنه يدل على التحديات التي تواجه الدولار ، ورد أن السعودية تفكر في قبول اليوان الصيني كعملة لبعض مشتريات النفط في المستقبل. المحادثات حول هذا الموضوع تجري منذ ست سنوات.

تاريخ العقوبات الاقتصادية

 

تتمثل جاذبية العقوبات الاقتصادية في اعتبارها بديلاً عن الحرب.

منذ الحرب العالمية الثانية، وتحديداً من 1950 إلى 2019، كانت الولايات المتحدة إلى حد بعيد المستخدم الأكثر غزارة للعقوبات الاقتصادية في العالم، وفقاً لتحليل العقوبات التاريخية باستخدام قاعدة بيانات العقوبات العالمية.

وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على دول اعتقدت أنها أصبحت قريبة جداً من حليف الاتحاد السوفياتي السابق، مثل كوبا وغواتيمالا، ولكن أيضاً ضد ما تعتبره دولاً مارقة مثل العراق وإيران.

وما أصبح يعرف باسم “العقوبات الذكية” نما في عهد إدارتي أوباما وترامب كوسيلة لإظهار القوة والعزيمة، من دون الحاجة إلى نشر الجنود على الأرض.