Share

التكنولوجيا تمهد الطريق لاستشراف عصر جديد من الفن الرقمي

يبحث الفنانون الآن عن أشكال فنية جديدة ووسائط غير تقليدية
التكنولوجيا تمهد الطريق لاستشراف عصر جديد من الفن الرقمي
الفن الرقمي

لطالما استُخدم الفن كوسيلة فطرية للتعبير عن مشاعر البشر وهويتهم. على مرّ العصور، شهدت الساحة ظهور فنانين باستخدام وسائل لا يُنظر إليها عادة على أنها فنية، بما في ذلك الكتب، المجلات، وغيرها، مما يعزز من الإيمان بقدرة الفنانين الموهوبين على صنع الفن من أي شي.

على مدار العامين الماضيين، ابتعد الفنانون عن نموذج الفن التقليدي وبدأوا في البحث عن أشكال فنية جديدة ووسائل غير تقليدية للتعبير عن هويتهم الفنية.

بحسب داريا بروداريتش، المديرة الفنية، مسرح الفن الرقمي، دبي، تدعم التكنولوجيا هذا التوجه وتمكّن الفنانين الجدد من تحقيقه والوصول إلى جماهير خارج الأطر التقليدية لعالم الفن.

الفن الرقمي و الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد

 

لقد أصبح الفن الرقمي، مثل الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد، أو تقنيات الرسم على الكمبيوتر، أدوات شائعة تمكّن الفنانين من إحداث ثورة في الأنماط الفنية التقليدية، وساعد في إزالة الحواجز وإطلاق العنان للإبداع والخيال. على سبيل المثال، يُعتبر الواقع الافتراضي طريقة غامرة لتجربة عالم الفن اللامحدود (Metaverse) الناشئ. وعلى الرغم من أنه لا زال قيد التطوير، إلا أن اعتماد الواقع الافتراضي في مجال الفن أصبح ممكناً على نطاق واسع، إذ يستخدم الفنانون من جميع أنحاء العالم تقنية الواقع الافتراضي يومياً لإنتاج روائع بصرية.

الواقع المعزز

 

ومن جهة أخرى، أصبح الواقع المعزز توجهاً شائعاً في عالم الفن. أتاحت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لعشاق الفن الاستمتاع بالمعارض الفنية من راحة منازلهم. في الوقت نفسه، يضيف الواقع المعزز بعداً ثالثاً  إلى الفن المعروض، مما يجعل المنحوتات أو اللوحات تنبض بالحياة ويتيح خيار مشاهدة معروضات متحف كامل دون الحاجة إلى الخروج من المنزل أو زيارة المتحف على أرض الواقع. على سبيل المثال، أطلق متحف برادو في مدريد أول تجربة غامرة بنطاق 360 درجة في العالم في عام 2019 تتيح فرصة الاستمتاع بالأعمال الفنية والتحف من أي مكان.

حاجة البشرية للفن والتكنولوجيا

 

بإمكاننا اليوم رؤية تأثير التكنولوجيا الحديثة ليس فقط في تطوير تقنيات فنية جديدة، ولكن أيضاً في الطرق التي نجرب بها الفن وننظر إليه، وإلى كيفية تسويقه أيضاً. قد يكون الفن في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا في الوقت الحالي، حيث يوفر الراحة والطمأنينة في أوقات عدم اليقين.

في جلسة نقاشية عقدت مؤخراً، ناقشت معالي نورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، دور الفن في توحيد المجتمع الإماراتي المتنوع خلال الأزمة العالمية، ومع ظهور الوباء على وجه الخصوص. لقد تم دمج التكنولوجيا في كل مجال من مجالات الحياة، بما في ذلك الفن. حولت المعارض الفنية والمتاحف في جميع أنحاء العالم نماذج أعمالها إلى قطع NFT الفنية وتجاوز سوق فن “ميتافيرس” والعملات المشفرة تريليوني دولار أمريكي، ولا يزال يواصل الارتفاع بسرعة غير مسبوقة.

منصات مخصصة للفن الرقمي

 

لم تعمل التطورات التكنولوجية على توسيع نطاق الفن فحسب، بل زادت من إمكانية الوصول إليه عبر تقديم مساحات ومنصات مخصصة للفن الرقمي. توفر الشاشات الرقمية بما تقدمه من مزايا سمعية وبصرية واضحة ومفصلة تجربة لا مثيل لها وترحب بالناس من جميع الأعمار للتمتع بالفن وتجربته الساحرة. أدى انتعاش سوق الفن الرقمي إلى ظهور نسبة كبيرة من جامعي الأعمال الفنية الشباب والمهتمين بالفن في جميع أنحاء العالم. توفر المساحات المشجعة للفن، مثل مسرح الفن الرقمي في دبي (ToDA)، منصة للفنانين المحليين والعالميين لإبداع قطع وأعمال فنية يمكن رؤيتها وتقديرها في جميع أنحاء العالم.

الاستثمارات في الفن

 

تحتضن الإمارات العربية المتحدة الحاجة المتزايدة لدعم الفن والثقافة البلاد. في العام الماضي، أعلنت أبوظبي عن خطتها لاستثمار 22 مليار درهم على مدى السنوات الخمس المقبلة لتعزيز صناعاتها القطاعات الثقافية والإبداعية. تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية العام الماضي لزيادة المساهمة الاقتصادية للصناعات الثقافية والإبداعية إلى ما لا يقل عن 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العقد المقبل. بالإضافة إلى التشريعات الضرورية، سيشكل هذا قاعدة أساسية لتطوير قطاع الفنون في دولة الإمارات العربية المتحدة، جنباً إلى جنب مع ما تقدمه الهيئات والمنصات الراعية للفن مثل مسرح الفن الرقمي في دبي.

مسرح الفن الرقمي

 

يستضيف مسرح الفن الرقمي في دبي ويطلق سلسلة من الأحداث والفعاليات التي تسمح للفنانين الرقميين المعاصرين من جميع أنحاء العالم بالتألق والظهور. يمكن للزوار استكشاف عالم وفنون NFT في “معرض الأحلام”، والذي يضم سبعة فنانين عالميين. كما يمكنهم الاسترخاء والتأمل في فعاليات مثل “حفلات النوم الحية”، أو المشاركة في تمارين اليوغا الغامرة في الصباح، أو التعرف على الفن عبر العصور، كل ذلك بمساعدة مزيج من التقنيات المتطورة والفن المصحوب بالموسيقى ، والمؤثرات البصرية بنطاق 360 درجة والصوت المحيط.

يؤكد تغلغل التكنولوجيا في كل جزء من حياتنا اليومية على أن مساحات الفن الرقمي ستتطور بلا شك في السنوات القادمة.