Share

بناء القوى العاملة للمستقبل: ست خطوات ذات أولوية يجب اتخاذها بدءاً من اليوم

يجب على الشركات في الشرق الأوسط اغتنام فرص التحول الرقمي
بناء القوى العاملة للمستقبل: ست خطوات ذات أولوية يجب اتخاذها بدءاً من اليوم
رندا بحسون

تحتاج المؤسسات الوصول إلى والاستفادة من إمكانيات موظفيها بالكامل لتحقيق الازدهار والنمو في الأسواق سريعة التغير والتي تشتد فيها المنافسة. ويعد هذا الأمر ذات أهمية خاصة لشركات الشرق الأوسط التي يجب أن تقوم بإعداد استراتيجيات ديناميكية جديدة للاستفادة من الفرص التي يتيحها التحوّل الرقمي في المنطقة، تقول رندا بحسون،شريك ومدير برنامج “عالم جديد ومهارات جديدة”-بي دبليو سي الشرق الأوسط.

ولكن تسريع المسيرة الرقمية في مكان العمل يحمل في طياته مخاطر هائلة على مستوى التنفيذ، إذ غالبًا ما تنطلق المؤسسات نحو منطقة مجهولة. ويحدّد استطلاع مستقبل العمل والمهارات لعام 2021 الذي تمّ إطلاقه في ديسمبر 2021، ست خطوات “ذات أولوية” تستطيع الشركات اتخاذها الآن لتزويد موظفيها بالمهارات اللازمة استعدادًا لمستقبل قائم على التقنية والابتكار.

شمل الاستطلاع العالمي أكثر من 300 قائد في مجالي الأعمال والموارد البشرية من الإمارات، والمملكة العربية السعودية، وقطر، ومصر، قدّموا معطيات مناسبة حول النقطة التي بدأ عندها أصحاب العمل في منطقتنا باتخاذ الخطوات اللازمة لبناء قوى عاملة للمستقبل، وأين يتعيّن عليهم التحرّك بسرعة أكبر.

1- التوقّع والتخطيط للمستقبل

 

التحدي الذي نواجهه اليوم يكمن في التدفق السريع للتقنيات الجديدة، والتي تستبدل طرق العمل التقليدية أو تؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية على هذا الصعيد، وهو ما يجعل مهمة المؤسسات في توقّع المستقبل أكثر صعوبة.

في هذا السياق المتغيّر، لابدّ من أن يساورنا القلق حين نرى أن 38% فقط من المشاركين في الاستطلاع من منطقة الشرق الأوسط أجابوا أنهم يعملون على إعداد خططهم الاستراتيجية والمالية وتلك المتعلّقة بالكوادر البشرية بصورة منسقة، وأن 29% من المشاركين فقط يستخدمون مجموعة واسعة من وجهات النظر ومصادر البيانات الخارجية عند البحث في استراتيجية القوى العاملة التي يتبعونها. في الوقت نفسه، يعتبر 36% من المشاركين أن الضغوط على مستوى التكلفة هي العائق الرئيسي الذي يحول دون اعتماد نهج قائم على سيناريو محدّد للتخطيط لسيناريوهات مستقبلية محتملة.

إن التجربة الصعبة تعلّمنا أنه من المهم جدًا التخطيط لمختلف السيناريوهات بحذر نظرًا إلى أنه يصعب تصوّر ما يخبئه المستقبل تمامًا. ومن المهم أن نستعين بالبيانات والتحليلات المتقدّمة المدعومة من قدرات التخطيط الديناميكية على مستوى الإدارة العليا.

2- إعداد البرامج المناسبة للمنظمات لصقل المهارات وتحسينها

 

إن 26% فقط من المشاركين في الاستطلاع من منطقة الشرق الأوسط يوافقون بشدة على استخدامهم تحليلات القوى العاملة لتوقّع ومراقبة الفجوات على مستوى المهارات، ما يشير إلى أن هذه المسألة لا تأتي في صدارة أولويات معظم أصحاب العمل في المنطقة. وهو على العكس تمامًا، حيث يجب أن تكون مدرجة ضمن أولوياتهم الرئيسية، نظرًا إلى أن أكثر المجالات التسعة خطورة والتي تُعنى بصقل المهارات وتحسينها هي عدم قدرة المنظمة على تحديد المهارات التي ستحتاج إليها في المستقبل بسبب التغيّرات التقنية.

في هذا الإطار، يشير المشاركون في الاستطلاع، بدرجة متفاوتة، أن سبب التقصير يرجع إلى عدم امتلاك القيادة العليا القدرات المناسبة، والضغوط على مستوى التكاليف، فضلًا عن ثقافة منظماتهم. على الرغم من ذلك، تشير نتائج الاستطلاع في منطقة الشرق الأوسط إلى أن أصحاب العمل بدؤوا بالفعل إدراك أهمية صقل المهارات الرقمية والاستثمار في المواهب للحفاظ على القدرة التنافسية. فعلى سبيل المثال، يعتقد حوالي نصف المشاركين (42%) أن برامج صقل المهارات والتعلّم المستمر مهمة جدًا لضمان استمرار قابلية الموظفين للتوظيف.

3- خلق المرونة والقدرة على الصمود على المستوى التنظيمي من خلال القوى العاملة

 

إن استبدال العنصر البشري في مكان العمل بالعنصر التقني أصبح الواقع الذي تواجهه المؤسسات حول العالم. لكن الوضع مختلف في الشرق الأوسط، حيث وافق 24% فقط من المشاركين في الاستطلاع بشدة على أن ممارساتهم وإجراءاتهم الخاصة بتنمية المواهب صُممت لتعزيز مرونة الموظفين وقدرتهم على التكيّف، في حين وافق 25% فقط من المشاركين بشدة على أنهم يحدّدون المخاطر التنظيمية المحتملة الناتجة عن قرار استبدال العنصر البشري بالعنصر التقني.

أما بالنسبة إلى المؤسسات التي تتجاهل هذا الواقع والمسؤولية التي تقع على عاتقها، فقد ينتهي بها المطاف بموظفين خائفين حائرين يساورهم قلق كبير حيال إمكانية خسارة وظائفهم لصالح التقنيات الجديدة كي تتمكن مؤسساتهم من الاستفادة من قدراتها الإنتاجية بالكامل.

4- تحسين إنتاجية وأداء القوى العاملة

 

إن 32% فقط من المشاركين في الاستطلاع من منطقة الشرق الأوسط يوافقون بشدة على أنه يمكنهم قياس الإنتاجية والأداء على المستوى الفردي، بالمقارنة مع 25% من المشاركين في الاستطلاع الذين أشاروا إلى أن هذا الأمر يمثل تحديًا عالميًا. وفي الوقت نفسه، وافق 28% فقط من المشاركين في الاستطلاع من منطقة الشرق الأوسط بشدة على أنهم يمنحون الموظفين درجة أعلى من الاستقلالية حول كيفية تنظيم عملهم، في حين يوافق 33% بشدة على توفيرهم بيئات العمل المادية والتقنية اللازمة التي تمكّن جميع الموظفين من تقديم الأداء الأفضل.

و يتعيّن على قادة الأعمال تسخير التقنيات الجديدة لتحسين إدارة النظم والبيانات ومعالجتها، وهو ما سيسمح لهم بالحدّ من الاستثمارات أو الأولويات المتضاربة. وإنه لمن المشجع في هذا السياق أن نرى أن 40% من المشاركين في الاستطلاع من الشرق الأوسط يعتقدون أن منح الموظفين درجة أعلى من الاستقلالية حول كيفية تنظيم عملهم مهم للغاية.

5- الاستعداد وتوظيف العنصر التقني مع أخذ العنصر البشري في الاعتبار

 

لا يزال يتعيّن على العديد من المؤسسات في الشرق الأوسط أن تقطع أشواطًا طويلة قبل القيام بمثل هذه القفزة النوعية الحاسمة، حيث يوافق 29% فقط من المشاركين بشدة على أن استراتيجياتهم للقوى العاملة والتقنيات تستفيد من المهارات البشرية إلى أقصى حدّ ممكن. في المقابل، تشير أقلية كبيرة – 25%- إلى أن المخاوف حيال التبعات المحتملة لاتخاذ مثل هذه الخطوات تشكّل العقبة الأكبر التي تحول دون الاستفادة من مساهمات الموظفين لديها من أجل تحسين أو تنفيذ تقنيات جديدة.

الجدير بالذكر في هذا السياق أن الجيل الصاعد من العاملين الشباب في الشرق الأوسط يُعرف بـ”المواطنين الرقميين”، الذين يتمتّعون بمعطيات ومهارات تقنية مهمة يستطيع أصحاب العمل الاستفادة منها. ويمكننا القول، إن التقنيات الجديدة لا تخيف هذا الجيل بشكل عام، حيث أشار 63% من المشاركين في استطلاع الآمال والمخاوف في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2021، الذي يركّز على القوى العاملة الشابة في المنطقة، إلى أن التقنيات المختلفة أتاحت لهم فرصًا أكبر من المخاطر التي من الممكن أن يكونوا قد تعرّضوا لها.

6- بناء الثقة في المؤسسة

 

كما هي الحال بالنسبة إلى المشاركين الآخرين في الاستطلاع العالمي، يتعيّن على معظم المؤسسات في الشرق الأوسط أن تقطع أشواطًا طويلة في هذا المجال. ففي هذا الإطار، يوافق 36% فقط من المشاركين في المنطقة، مقابل 30% حوال العالم، بشدة على مستوى الثقة الكبير بين الموظفين والمشرفين المباشرين عليهم. لكن الثقة المتبادلة تشكّل أحد العوامل الرئيسية للنجاح ضمن المنافسة في الوقت الذي يكتسح التحوّل المنطقة بأسرها، نظرًا إلى أن أفضل المواهب تستطيع الانتقال بسهولة في الاقتصاديات الرقمية وستتجه بطبيعة الحال نحو أصحاب العمل الذين يضخون جرعات الثقة في قواهم العاملة.

فمن أجل استقطاب أفضل المرشحين وبقائهم، يتعيّن على المؤسسات تجسيد قيم وتطلعات المجتمعات في الشرق الأوسط التي تشهد تغيّرات بوتيرة سريعة. وفي الوقت الراهن، يوافق 29% فقط من المشاركين في المنطقة بشدة على أن منظمتهم تضع أهدافاً لسدّ الفجوات على مستوى التنوّع في القوى العاملة والتفاوت في الأجور – لكن لنكون منصفين، تتجاوز هذه النسبة بشكل طفيف متوسط الاستطلاع العالمي البالغ 26%. كما أنه مخيب للآمال أن نرى 31% فقط من المشاركين في الاستطلاع من الشرق الأوسط يوافقون بشدة على أن منظماتهم تضع القضايا البيئية في خانة الأولويات الاستراتيجية وتدرجها ضمن خطط إدارة الأعمال الأوسع نطاقًا.

الخلاصة

 

تسير التكنولوجيا والتغيير الثقافي جنبًا إلى جنب لبناء القوى العاملة للمستقبل. لقد أصبح واضحًا أن قادة الأعمال الأكثر تنافسيةً في الشرق الأوسط يخططون لهذا المستقبل استنادًا إلى البيانات لدعم عملية صنع القرارات المتعلّقة بالاستثمارات. كما أنهم يستخدمون التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وعلم الروبوت للمساعدة في تحديد سلوك موظفيهم من خلال إعداد نماذج التغييرات المتعلّقة بكيفية إنجاز الأعمال.

ومن أجل المضي قدمًا، وفي ظل تسارع وتيرة التحوّل في الشرق الأوسط، يجب على أصحاب العمل في المنطقة التوقف عن التفكير في الشكوك حيال المخاطر المرتبطة بالتقنيات الجديدة عند إعداد موظفيهم للتغييرات الرقمية الجذرية. ويكمن الخطر الأكبر في الجمود والوقوف دون تحريك أيّ ساكن وخسارة أفضل المواهب لصالح المنافسين ذوي المرونة الأكبر.