Share

“المركزي” الأوروبي يرفع الفائدة الخميس وأزمة إيطاليا تظلّل قراراته

الفنلندي أولي رين يرجح رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس
“المركزي” الأوروبي يرفع الفائدة الخميس وأزمة إيطاليا تظلّل قراراته
يأمل صانعو السياسة لدى "المركزي" الاوروبي في مكافحة "التجزئة" في منطقة اليورو

بينما يستعد المصرف المركزي الأوروبي الخميس لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2011، يأمل صانعو السياسة في مكافحة “التجزئة” في منطقة اليورو، حيث تبدأ تكاليف الاقتراض التي يواجهها الأعضاء في التباعد.

ياتي ذلك فيما الوضع في منطقة اليورو يشتد تعقيداً ومرشح الى مزيد من التفاقم. فهي تستعد لشتاء قد يشهد شحاً في الطاقة، وتخطط للتقنين في استهلاك الموارد في حال أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى القارة.

يضاف الى ذلك تراجع اليورو الذي انخفض عن مستوى الدولار الواحد للمرة الاولى منذ نحو 20 عاما، والأزمة السياسية في إيطاليا. فعدم الاستقرار السياسي الذي يهدد فترة رئيس المصرف المركزي الاوروي السابق الايطالي ماريو دراغي كرئيس للوزراء كشف التحديات التي تواجه زملاءه السابقين في المصرف وهم يستعدون للكشف عن تغييرات تاريخية في السياسة هذا الأسبوع.

ويرجح صانع سياسة المصرف المركزي الأوروبي، الفنلندي أولي رين، أن ترفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الخميس، وبمقدار 50 في الاجتماع المقبل في سبتمبر/أيلول.

وكان سعر الفائدة على الودائع الذي حدده المصرف المركزي الأوروبي سلبياً على مدى السنوات الثماني الماضية، بينما يبلغ المعدل الرئيسي حاليا -0,5 في المئة. وقد سعى المصرف من خلال هذه السياسة في السابق الى تشجيع المصارف على زيادة الإقراض.

ويأتي رفع معدلات الفائدة رداً على الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، مدفوعاً بتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الطاقة عقب الحرب الروسية – الاوكرانية.

فقد بلغ معدل التضخم في منطقة اليورو 8.6 في المئة في يونيو/حزيران، وهو أعلى مستوى في تاريخ منطقة اليورو. وهو أعلى بكثير من الهدف الذي يحدده المصرف المركزي الاوروبي والبالغ 2 في المئة.

وكان المصرف المركزي  أوقف برنامجه التحفيزي لشراء السندات منذ مطلع يوليو/تموز مع أعلان استعداده لرفع الفائدة.

الحد من “التجزئة”

 

دفع الضغط المتزايد بشكل متسارع في أسواق السندات، المصرف المركزي الأوروبي إلى الاستجابة، في اجتماع طارئ في منتصف يونيو/حزيران، عبر المسارعة في تصميم أداة لمكافحة “التجزئة” في منطقة اليورو يتوقع أن تقدم تفاصيلها بعد اجتماع الخميس.

بحسب مسؤولين في المصرف المركزي الأوروبي، فإن الأداة الجديدة ضرورية لتجنّب تباين مبالغ فيه في تكاليف الاستدانة التي تواجهها مختلف الدول، ولضمان تأثر جميع الدول الأعضاء في منطقة اليورو بشكل متساوٍ بالإجراءات النقدية.

ففي حين يستخدم أعضاء منطقة اليورو العملة نفسها، لكنهم لا يشتركون في السياسة المالية نفسها مع تأثيرها  النهائي، وهو أنه مع ارتفاع أسعار الفائدة، يمكن أن تبدأ تكاليف الاقتراض التي تواجهها الدول المختلفة في التباعد.

بمعنى أنه يمكن أن ينتهي الأمر بالدول المثقلة بالديون في نادي العملات بدفع علاوة للمستثمرين، الذين يرون وجود مخاطر إضافية في أي اقتراض جديد.

يُقاس هذا الضغط في أسواق السندات بـ”الفارق” أو الاختلاف بين عائد الديون الألمانية – وهو معيار للجدارة الائتمانية – والدول المثقلة بالديون.

لماذا الآن؟

 

تضاعف الفارق بين “السندات الألمانية” والديون الحكومية الإيطالية من نقطة مئوية واحدة إلى نقطتين في غضون بضعة أشهر، وارتفع بعد الاجتماع المحدد سابقا للمصرف المركزي في بداية يونيو/حزيران. والأسبوع الماضي، ارتفع الفارق بين عائدات السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات وعائدات ألمانيا إلى أكثر من 2.22 نقطة مئوية، وهو أعلى مستوى له منذ شهر.

هذا الامر دفع برئسة المصرف كريستين لاغارد الى الدعوة لاجتماع طارئ أُعلن على أثره أن موظفي المصرف يصممون أداة للتعامل مع ضغط السندات تهدف إلى تهدئة التوترات. هذا قبل أن تخلق الأزمة السياسية الجديدة في إيطاليا قلقاً متجدداً لدى المستثمرين.

فماريو دراغي قدم استقالته الى رئيس ايطاليا رفضها الاخير، على خلفية تصدع ائتلافه الحاكم بعد مقاطعة حركة “خمس نجوم” جلسة تصويت على الثقة، وهو ما أدخل إيطاليا في أزمة سياسية ووضعها أمام احتمال تنظيم انتخابات عامة مبكرة.

ويقول محللون إن الديون الإيطالية تعد أكبر صداع في الوقت الراهن لدول الاتحاد الأوروبي، بسبب حجمها الضخم وارتفاع قيمة خدمتها وسط أزمات الجفاف والطاقة التي تضرب الاقتصاد الإيطالي وتزيد من عجز الموازنة.

وبحسب المديرة السابقة لمركز الدراسات الاقتصادية في صندوق النقد الدولي ليزلي ليبشتز، فإن الدين الإيطالي يهدد بحدوث أزمة مالية في منطقة اليورو.

ويقترب الدين الإيطالي حالياً من 3 تريليونات دولار أو ما يعادل نسبة 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيطالي.

وتعد سوق الدين الإيطالية الأكبر في أوروبا، كما يعد الاقتصاد الإيطالي ثالث أكبر اقتصاد في الكتلة الأوروبية.

لماذا يشعر المصرف المركزي الأوروبي بالقلق؟

 

في نظر المصرف المركزي الأوروبي، تمنع التجزئة جميع أعضاء منطقة اليورو من الشعور بآثار تحركات سياسته النقدية.

فيمكن أن يعني ارتفاع العائدات في إيطاليا أن الشركة أو الأسرة في روما قد يكون لديها تكاليف اقتراض أعلى بكثير من تلك الموجودة في برلين، حتى لو كانت لديها المخاطر نفسها.

لكن خطة المصرف المركزي الأوروبي لمعالجة التجزئة في أسواق السندات في منطقة اليورو قوبلت بقبول فاتر بين المسؤولين في دول الشمال مثل ألمانيا والنمسا وهولندا. فهم قلقون من أن يكون المصرف المركزي الأوروبي يبالغ في رد فعله بينما تتكيف أسواق السندات مع ارتفاع أسعار الفائدة. في محاولة لإبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة بالنسبة للبلدان المثقلة بالديون، هم يخشون أن يشجع المصرف المركزي التراخي المالي وقد يبتعد عن “التمويل النقدي” للحكومات، وهو ما يتعارض مع معاهدة الاتحاد الأوروبي.