Share

المستثمرون متفائلون مع تزايد الفرص في الأفق الخليجي

استمتعت أسواق الأسهم الخليجية بدفء شمس العام ٢٠٢١، فكيف سيكون عليه عام ٢٠٢٢؟
المستثمرون متفائلون مع تزايد الفرص في الأفق الخليجي
رويترز

لقد كان العام ٢٠٢١ مميزاً بالنسبة لأسواق الأسهم الخليجية على وجه التحديد ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام. و هي بالتأكيد إحدى أفضل السنوات التي مرت على المنطقة منذ ما يقرب من ٢٠ عاماً لناحية الاداء والسيولة.

والأفضل أداءً على الإطلاق، كانت سوق أبوظبي للأوراق المالية ADX التي اتجه مؤشرها لإنهاء العام بنمو بأكثر من ٦٥٪ في المكاسب، يتليها السوق المالية السعودية “تداول” بأكثر من ٣٠٪. و حتى أسواق الأسهم في البحرين وعمان أنهت العام ٢٠٢١ بنسبة نمو من رقمين.

خلال العام المنصرم قامت سوق أبوظبي للأوراق المالية برفع رأسمالها السوقي إلى نحو ١،٥ تريليون درهم (٤١٠$ مليار) وهو ارتفاع مهول تجاوز ٣٠٠٪ في أقل من ١٨ شهرا، وعزز من مكانة ADX كثاني أكبر سوق للأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي بعد تداول.

ويكمن التحدي الذي يواجه المستثمرين بعد مثل هذا الأغلاق القوي للعام ٢٠٢١ هو كيف يخططون  محافظهم و في العام ٢٠٢٢ للبناء على نقاط القوة في السوق وحماية مكاسبهم الماضية.

من المؤكد أن الاداء الإيجابي في العام ٢٠٢١ سيعني أن العديد من الشركات قد يرتفع تقييمها إلى مستويات تجعل الاستثمار فيها مكلفاً، إذا ما قارنها بالشركات التي تتداول في أسواق إقليمية أو أسواق أخرى ناشئة. لكن يمكن إصلاح هذا الوضع في حال نمت أرباح الشركات في العام ٢٠٢٢ إلى مستويات من شأنها أن تُخفّض نِسَب السعر إلى الربحية وتجعلها جذابة مرة أخرى.

و البديل الآخر هو الاتجاه نحو  أسواق الاكتتاب العامة النشطة التي من شأنها أن تشهد إدراج شركات جديدة في البورصات والتي يتم تسعيرها بمستويات تنافسية مع وجود مجال واسع لزيادة الإيرادات في المستقبل مع ارتفاع سعر السهم بعد الإدراج.

أضف إلى هذه العوامل وجود توزيعات وعوائد عالية، وبناء على ذلك يمكن أن نحصل على خليط فائز لجذب أموال استثمارية جديدة إلى الأسواق، ورفع نسبة رسملة السوق بشكل كبير.

لقد رأينا آثار هذا النشاط المرتفع في السعودية في السوقين الموازيين ”تداول“ و ”نمو“ في العام ٢٠٢١، حيث جلبت حزمة الاكتتابات ١٥ شركة جديدة إلى السوق استقطبت ١٩ مليار ريال سعودي (٥$ مليارات) من السيولة التي كانت بالتأكيد ستذهب إلى أسواق في حال لم تحدث هذه الطروحات الأولية.

وشهدت ADX عدة إدراجات ناجحة خلال العام ٢٠٢١، حيث تخطى عدد الاكتتابات الأولية وإدراج الشركات المساهمة الخاصة في البورصة ١٠ شركات جمعت ما يقرب من ٢١ مليار درهم إماراتي (٥،٧$ مليار). ومن المتوقع أن يشهد العام ٢٠٢٢ رقماً مماثلا.

ماذا سيحمل معه العام ٢٠٢٢؟

ينتظر المستثمرون بحماس تنفيذ خطة لجنة الأسواق المالية التابعة لحكومة دبي لدعم وتعزيز وتوسيع سوق دبي المالي والبورصات الأخرى في العام ٢٠٢٢. وتهدف الخطة إلى ترسيخ مكانة الإمارة كمركز مالي رائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يربط بين الأسواق الشرقية والغربية.

ويُتوقع أن نشهد ما لا يقل عن ١٠ اكتتابات عامة أولية لحكومة دبي والهيئات الحكومية ذات الصلة والتي تشمل هيئة كهرباء ومياه دبي، سالك، و تيكوم، وغيرها.

ويتوقع البعض أن تقوم مجموعة الإمارات بطرح بعض الشركات التابعة لها كجزء من هذه الخطة، على الرغم من أن شركة طيران الإمارات قد تتأخر لمدة عام أو عامين آخرين ريثما يتعافى قطاع السفر بشكل أفضل من آثار الإغلاق والغاء الحجوزات التي شهدها في العام ٢٠٢٠ بسبب جائحة كورونا.

و من جملة ما ناقشته لجنة الأسواق المالية التابعة لحكومة دبي، امكانية رفع القيمة السوقية لسوق دبي المالي إلى ٣ تريليونات درهم خلال السنوات القليلة المقبلة، وهذا يعني نحو ١٠ أضعاف الرقم الحالي.

ومع ذلك، نتوقع أن يشمل هذا الأمر أسواق أخرى ومنتجات استثمارية إلى جانب الأسهم.

ولهذا السبب نؤمن بأن سوق دبي المالي يمكن أن يحتل المرتبة الأولى في أداء أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام ٢٠٢٢، وذلك بناءً على الاكتتابات الأولية المتوقع لها أن تحدث في هذا العام.

ولسوف تزيد هذه الطروحات الأولية من قدرة سوق الأسهم، وتوفر أدوات جديدة للاستثمار تحقق عوائد جيدة للمستثمرين قادرة على التنافس مع العوائد من أسواق إقليمية أخرى.

وفي رأينا، فإن التنفيذ الناجح لإستراتيجية الاكتتاب العام تكمن في تسعير الشركات بشكل واقعي وليس بشكل مفرط، وتحقيق عوائد وأرباح تلبي توقعات المستثمرين أو تفوقها. كما وستضمن مثل هذه الإجراءات نجاح الاكتتابات الأولية، وحتى في زيادة الاكتتاب، وستؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم بمجرد إدراجها، مما سيشجع المستثمرين على تخصيص وضخ المزيد من السيولة في طروحات قادمة.

ومن شأن الاجراءات المتخذة أن تساهم في تحقيق مكاسب مؤكدة واعادة استثمار المكاسب في اكتتابات عامة لاحقة، مما سيعني مزيداً من التداول وبالتالي سيولة أكبر في السوق.

كل هذا سيستقطب المستثمرين الأجانب، الذين سيدفعون من أجل أن تصبح الشركات المدرجة الناجحة جزءًا من مؤشرات MSCI و FTSE Emerging Markets، وبالتالي سيلفت هذا أنظار الصناديق الكبيرة، ويجذبها نحو الاستثمار في هذه الادراجات.

وستدعم هذه العملية زيادة السيولة في السوق وحتى أداء المؤشر في العام ٢٠٢٢.

لكنه ليس من السهل دوماً التنبؤ باداء صاعد للأسواق، لأنه قد تتضافر عدة أحداث أو عوامل من شأنها أن تؤخر أو تعرقل مثل هذه التوقعات المتفائلة.

ومع ذلك، فإننا نؤمن بأن الظروف الكلية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ودبي على وجه الخصوص، التي تمتعت بانتعاش سريع في اقتصادها بعد انتشار فيروس كورونا، ستخلق أثراً إيجابياً على أداء سوق الأسهم في ٢٠٢٢.

وتُعتبر معنويات المستثمرين عاملاً مؤثراً في اداء الأسواق. ومن الجدير ذكره أن هذه المعنويات هي متفائلة وتعزز من اداء أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن، وتُعدُّ ركيزة في الحفاظ على استمرارية زخم أداء أسواق الأسهم لعام ٢٠٢٢، مما سيحسن بشكل كبير من فرص نجاح الاكتتابات الأولية المنتظرة خلاله

.

——-

 * محمد علي ياسين هو الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة الظبي كابيتال المحدودة (ADC). و هو خبير متخصص في أسواق رأس المال، حيث يظهر كضيف متحدث في عدة وسائل إعلام إقليمية ودولية.
حاصل على بكالوريوس في علوم الكمبيوتر من جامعة لندن – كلية كوين ماري ويستفيلد.