Share

هل تحقق الكويت أول فائض لها في الموازنة منذ سنوات؟

"فيتش:" ستظل الحكومة قادرة على الوفاء بالتزاماتها حتى من دون قانون الدين العام
هل تحقق الكويت أول فائض لها في الموازنة منذ سنوات؟
موازنة الكويت

هل يمكن للكويت أن تحقق فائضاً في موازنتها للعام 2022-2023 يكون الأول منذ تسع سنوات؟ هو توقع قابل كثيراً للتحقق سيما وأن أرقام الموازنة بنيت على أساس متوسط سعر للنفط يبلغ 65 دولاراً للبرميل في حين أن مستويات الأسعار الحالية للنفط فاقت هذا الرقم بكثير.

كشفت وزارة المالية الكويتية عن مسودة قانون الموازنة لعام 2022-2023، بعجز متوقع ومقدّر له أن يكون التاسع على التوالي، هو 3.1 مليارات دينار (10.26 مليارات دولار) للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أبريل/نيسان 2022 وتنتهي في 31 مارس/آذار 2023، أي بانخفاض نسبته 74.2 في المئة عن تقديرات العام الحالي والبالغة 12.1 مليار دينار.

وفي حين بنت وزارة المالية أرقام الموازنة على أساس متوسط سعر صرف للنفط هو 65 دولاراً، إلا أنها اعتمدت 75 دولاراً سعراً للتعادل في الموازنة.

وسعر التعادل هو السعر الضروري لتحقيق التوازن في موازنة الدول المصدّرة للخام، لأنه يعتمد على تحليل إيرادات الدول ونفقاتها.

ماذا يعني ذلك؟

 

ستبدأ الكويت التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة على صعيد ماليتها العامة، عهد الفوائض مجدداً، نظراً إلى مستويات الأسعار الحالية للنفط والتي تحوم حول عتبة الـ 90 دولاراً للبرميل.

وكانت الكويت قد افترضت متوسط سعر النفط عند 45 دولاراً للبرميل في موازنة العام المالي الجاري، على رغم الاتجاه الصعودي لأسعار الخام منذ بداية العام المالي الذي ينتهي في 31 مارس/آذار 2022.

 أرقام الموازنة: 55 مليار دولار إيرادات نفطية

 

 بحسب أرقام مشروع الموازنة الذي رفعته وزارة المالية إلى مجلس الوزراء المشكّل حديثاً برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح،​​ يتوقع أن ينخفض ​​الإنفاق بنسبة 4.8 في المئة إلى 21.9 مليار دينار (72.2 مليار دولار)، على أن تشكل النفقات الرأسمالية 13.2 في المئة من هذا المجموع.

في المقابل، قُدّرت الإيرادات الإجمالية بـ18.8 مليار دينار (62 مليار دولار)، منها إيرادات نفطية بقيمة 16.7 مليار دينار (55.2 مليار دولار) أي ما نسبته 89 في المئة من مجمل الإيرادات. وهو ما يعكس ارتفاعاً بنسبة 83.4 في المئة عن الموازنة الحالية. فيما قُدّرت الإيرادات غير النفطية عند 2.1 ملياري دينار.

ويتوقع أن يبلغ حجم الانتاج اليومي للنفط للعام المالي 2022-2023، 2.730 مليون برميل مقابل 2.425 مليوناً في العام المالي 2021-2022.

كما وضعت وزارة المالية سقفاً للموازنة لا يتجاوز 22 مليار دينار، مع المحافظة على نسبة صحية للإنفاق الرأسمالي لدعم عجلة الاقتصاد الوطني.

وفي هذا الاطار، أكدت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، والتي خفضت تصنيفها الائتماني السيادي للكويت من المرتبة “AA” إلى المرتبة “AA-” مع تغيير النظرة المستقبلية من “سلبية” إلى “مستقرة”، أن نتائج الموازنة العامة للكويت تعتبر شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار النفط وإنتاجه.

إذ إن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل (صعوداً أو هبوطاً) عن مستوى الافتراضات الأساسية، من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (صعوداً أو هبوطاً) مع ثبات العوامل الأخرى.

كما أن تغير إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يومياً (صعوداً أو هبوطاً) من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (صعوداً أو هبوطاً).

موازنة 2021-2022 تسجل انتعاشاً في الميزان المالي

 

 وفي ما يتعلق بارقام موازنة العام 2021-2022، فقد تجاوز إجمالي الإيرادات المالية للكويت في أبريل/نيسان – ديسمبر/كانون الأول 2021، والتي بلغت 11.5 مليار دينار (10.5 مليارات دولار)، إجمالي الإيرادات المحصلة في العام المالي الماضي. وشكلت عائدات النفط 88 في المئة من إجمالي الإيرادات المحصلة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021.

ونظراً إلى الانتعاش الحاد في أسعار النفط، كان هناك تحسن كبير في الميزان المالي. إذ تم تسجيل عجز قدره 682.4 مليون دينار في أبريل/نيسان – ديسمبر/كانون الأول 2021 بانخفاض عن عجز العام الماضي البالغ 10.8 مليارات دينار والذي كان الأعلى في تاريخ الكويت، حيث إن ثاني أكبر عجز مسجل للموازنة كان في العام المالي 2016 -2015 والبالغ 5.98 مليارات دينار.

 احتياطي الأجيال القادمة

 

 ولوحظ أن مشروع موازنة العام 2022-2023 حافظ على القانون الرقم 18 الصادر في عام 2020 والذي أدخل تعديلاً على القانون الرقم 106 للعام 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة. وقضى التعديل بوقف استقطاع حصة احتياطي الأجيال القادمة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة في سنوات العجز.

وهذا يعني أن الكويت، في حال موافقة مجلس الأمة، لن تحول 10 في المئة من إجمالي الإيرادات إلى صندوق الأجيال القادمة – وهو ثالث أكبر صندوق في العالم بحجم أصول يزيد عن 700 مليار دولار.

وكانت الكويت تستقطع بحكم القانون ما لا يقل عن 10 في المئة سنوياً من إيراداتها لصالح احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار.

ويتكون صندوق الأجيال القادمة من استثمارات تتم خارج الكويت على أساس استراتيجية معتمدة لتوزيع الأصول في فئات أصول مختلفة، تتراوح بين أصول تقليدية كالأسهم والسندات وبدائل كالملكية الخاصة، والعقارات، والبنية التحتية.

وأي سحوبات مالية من صندوق الأجيال القادمة تتطلب إصدار تشريع خاص يجيز هذا السحب.

استمرار السحب من صندوق الاحتياطي العام

 

في هذا الإطار، ذكرت “فيتش” أن الحكومة قامت بسحب الجزء الأكبر من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام خلال السنوات 2020-2021، مما دفعها إلى بيع الأصول غير السائلة فيه إلى صندوق الأجيال القادمة.

وصندوق الاحتياطي العام هو بمثابة “الخزينة العامة” للدولة. إذ يعتبر المستودع الرئيسي لكل إيرادات الكويت من العائدات النفطية والإيرادات الناتجة عن استثمارات هذا الصندوق. وأصوله وإيراداته خاضعة لاستخدام الكويت على النحو الذي تقرره الحكومة عند العرض السنوي لموازنة الدولة على مجلس الأمة.

هل سيتم التوافق على قانون للدين العام في 2022؟

 

لم تحدد وزارة المالية كيفية تمويل عجز الموازنة، علماً ان إقرار قانون جديد للدين العام والذي من شأنه أن يسمح للكويت بالاقتراض، تم تأجيله لأكثر من مرة في مجلس الأمة الكويتي نتيجة خلافات حول بعض بنوده.

إذ عارض المشرعون الإقتراض لتغطية العجز، قائلين إن على الحكومة إدارة الشؤون المالية بشكل أفضل قبل اللجوء للاقتراض.

وقد أدى ذلك إلى منع الكويت من طرق باب الأسواق منذ طرح سندات دولية للمرة الأولى في عام 2017. واعتمدت الحكومة بدلاً من ذلك على صندوق الاحتياطي العام للوفاء بمتطلبات الموازنة العامة.

ويفترض المراقبون أنه سيتم الاتفاق على قانون الدين العام في عام 2022، على رغم استمرار بعض عدم اليقين في هذا الشأن، إلا أن “فيتش” أكدت أنه “حتى من دون قانون الدين العام ستظل الحكومة قادرة على الوفاء بالتزاماتها التمويلية”.

أخيراً، مهم جداً أن تتحول موازنة الكويت الى تحقيق فوائض، لكن الأهم هو أن تنجح الحكومة في إدخال إصلاحات من شأنها أن تشجع النمو غير النفطي والتنويع الاقتصادي، لأن الاعتماد الكبير على ايرادات النفط يعني أن أي هزة في أسواق النفط العالمية ستكون لها تداعياتها الكبيرة على الموازنة العامة للبلاد.