Share

الوقت قد حان لإصدار قانون إماراتي ينظم عمل الذكاء الاصطناعي

تحقيق التوازن بين التنظيم والإفراط في التنظيم
الوقت قد حان لإصدار قانون إماراتي ينظم عمل الذكاء الاصطناعي
هل حان الوقت لحظر الذكاء الاصطناعي أو تنظيمه؟

في السنوات الأخيرة تنامى الاهتمام باستخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في منطقة الشرق الأوسط. والحال أن العديد من دول الخليج منحت الأولوية للتكنولوجيا الناشئة، مع تنفيذ العديد من استراتيجيات الذكاء الاصطناعي على مستوى الدولة. تقدر شركة برايس ووترهاوس كوبرز أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في تحقيق إيرادات تصل إلى 320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول عام 2030.

في المقابل، حتى في ظل استمرار الذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في التكنولوجيا اليومية بمعدل غير مسبوق، دعت مجموعة من أبرز الرواد في هدا المجال إلى توقف مؤقت في تدريبات الذكاء الاصطناعي، بحجة أن أنظمة الـ AI يمكن أن تصبح متقدمة بما يكفي لتشكل مخاطر كبيرة على المجتمع والإنسانية.

لم يشكل ذلك تصريحاً مفاجئًا لـ أليكس ألتغوسن، الرئيس التنفيذي لشركة Banksters، بحيث يقول الأخير: “يبدو أن تقنية الذكاء الاصطناعي قد تمت في بعض الأحيان مقارنتها بفيلم “برية الغرب المتوحش” (Wild Wild West)، مع تشبيه منتجات الذكاء الاصطناعي بالخارجة عن القانون (Outlaws). ندرك جميعًا أنه سيتعين على” جنود الفروسية “التدخل في مرحلة ما لإنقاذ الوضع”.

ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع النهج المقترح في الرسالة.

وفقًا لعبد الله المؤيد، المؤسس / الرئيس التنفيذي لـ”بوابة ترابط”، فإن الدعوة إلى وقف مؤقت لمشاريع الذكاء الاصطناعي التي تتجاوز إمكانات GPT-4 تنم عن نوايا حسنة، ولكنها تفتقر للدقة وتخطئ الهدف.

إقرأ أيضاً: إطلاق أول ChatGPT باللغة العربية لتعزيز العروض المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يشير المؤيد إلى أنه لا يمكن إنكار الوتيرة المذهلة للابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما في الأشهر الأخيرة الماضية، والتي قد تكون فرصة للتفكير في التبعات غير المقصودة والتأثيرات السلبية المحتملة للتكنولوجيا على المجتمعات البشرية.

ومع ذلك، تحذر “الرسالة من أن الذكاء الاصطناعي سوف يفوقنا في النهاية عددًا وذكاءًا، ليلغينا ويحل محلنا”، بما يذكرنا بحركة اللاضية المحافظة تقنياً. ويؤكد المؤيد:”يبعث ذلك على القلق، وليس مساهمة في إرساء نقاش عقلاني”.

يحمل ألتغوسن وجهة نظر مماثلة. وهو يعتقد أنه بدلاً من إيقاف تطوير الذكاء الاصطناعي، فإن أفضل نهج هو بناؤه واختباره وتقييمه قبل الكشف عنه للجمهور. “هذه التكنولوجيا المذهلة لديها القدرة على تغيير العالم بنفس الطريقة التي أحدثتها الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر” يقول، مشيراً إلى أنه “يتوجب علينا التكيف معه وتقبله”.

التنظيم بدلاً من الحظر

 

يقترح المؤيد نهجًا بديلًا، مشيرًا إلى أنه إذا كان هناك درس واحد يمكن تعلمه من تاريخ التكنولوجيا، فهو أن التقدم التقني يستحيل حظره أو إيقافه حسب الرغبة.

يشير المؤيد إلى أنه “بدلاً من الدعوة إلى” توقف فوري “غير مسبوق لجميع مشاريع الذكاء الاصطناعي” حان الوقت اليوم للتفكير في التنظيم المحسوب ومتطلبات الشفافية والاستخدام المدروس لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي”.

ولتحقيق هذه الغاية، اقترح الاتحاد الأوروبي مؤخرًا قانونًا بشأن الذكاء الاصطناعي، والذي من شأنه، من بين أمور أخرى، تصنيف أنظمة الذكاء الاصطناعي على أساس المخاطر مع فرض عدد من المتطلبات لتطويرها واستخدامها.

إقرأ أيضاً: الرقمنة والـ AI يهيمنان على الاتجاهات الاستثمارية خلال الثلاثين عامًا القادمة

من جهتها، قالت مارغريت فيستاغر، نائبة الرئيس التنفيذي لهيئة “يوروب فيت فور ذا ديجيتال إيج”، في بيان: “من خلال هذه القواعد الهامة، يقود الاتحاد الأوروبي تطوير معايير عالمية جديدة لضمان الوثوق بالذكاء الاصطناعي”، مشيرةً إلى أن “قواعدنا الابتكارية والمستقبلية سنفرضها عند الضرورة القصوى، أي عندما تكون سلامة مواطني الاتحاد الأوروبي وحقوقهم الأساسية على المحك”.

تحمل المسؤولية

 

وفقًا لـ كارل بلومستروال، الرئيس التنفيذي لشركة Planet IX، نحن نعيش في عالم يلتقط فيه الإنترنت كل شيء عن كل فرد. يشير الأخير إلى أنه بسبب سهولة التلاعب بهذه البيانات، يمكن لسياسات مثل قانون الذكاء الاصطناعي الصادر عن الاتحاد الأوروبي أن تمنع الانتهاكات وتجعل استخدامها أكثر أمانًا.

ولكن هنا تكمن المشكلة.

يقول بلومستروال: “من ناحية أخرى، قد يكون لهذه القوانين تأثير على التبني الجماعي والنتائج الإيجابية المحتملة للذكاء الاصطناعي، كما نرى بالفعل مع حظر تشات جي بي تي في إيطاليا نتيجة لسياسات اللائحة العامة لحماية البيانات”.

هذا هو السبب في أن الوقت قد حان لدولة الإمارات العربية المتحدة لإنشاء مجموعة خاصة بها من اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ليس من أجل التحكم في تطور هذه التقنية فحسب، بل أيضًا لتعزيز تطويرها، وبالتالي تحسين الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.

وتُعتبر الإمارات واحدة من الدول القليلة التي أدركت إمكانات الذكاء الاصطناعي، حيث قامت قبل ما يزيد عن نصف عقد من الزمن (في 2017) بتعيين عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي.

إقرأ أيضاً: المنطقة مؤهّلة للاستثمار في الاتجاهات الناشئة

لاقت إمكانيات تشات جي بي تي استحسان العلماء وإعجابه، ووفقًا للتقارير، فإن مجلس الوزراء الإماراتي يراقب عن كثب التطورات الأخيرة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ، بعد أن دعا إلى دراسة لتقييم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الناشئة مثل تشات جي بي تي والتأثيرات الإيجابية التي يمكن أن يحدثها عبر مختلف القطاعات مثل التعليم والصحة.

يؤكد المؤيد أن الذكاء الاصطناعي خطوة بالغة الأهمية لدفع الحضارة إلى الأمام ، ويتوجب علينا مقاربة هذه الحقبة الجديدة بتفاؤل واضح المعالم. من الجلي أن القواعد التنظيمية هي السبيل للمضي قدماً. في المقابل، تعتبر المقترحات الحالية للتنظيم غير كافية، وتمهد الطريق أمام تدخل أطراف أخرى مثل دولة الإمارات لتطبيق المزيد من اللوائح الصديقة للذكاء الاصطناعي وتوجيه الأمور في الاتجاه الصحيح.