Share

انهيار “أف تي أكس” قد يعيد إلى الأبد رسم ملامح قطاع التشفير

حان الوقت لإنهاء المركزية داخل نظام التمويل اللامركزي
انهيار “أف تي أكس” قد يعيد إلى الأبد رسم ملامح قطاع التشفير
هل يتسبب انهيار "أف تي أكس" في إعادة رسم ملامح قطاع التشفير؟

شكّل انهيار “أف تي أكس” (FTX) منعطفاً خطيراً وصادماً، نتج عنه ارتدادات وتداعيات سلبية على قطاع التشفير برمّته.

يعتقد الخبراء أن تداعيات فشل FTX ستكون كبيرة، ويمكن أن تخلق تأثير كرة الثلج عندما تواجه الشركات الأخرى التي تتعامل مع المنصة فشلاً مماثلاً، مما قد ينتح عنه تدمير شركات أخرى ، وما إلى ذلك.

قمنا في “إيكونومي ميدل إيست” بإجراء مقابلات مع عددٍ من الخبراء في المجال، في محاولة لفهم الأسباب الكامنة وراء انهيار “أف تي أكس”، كما تطرّقنا للتداعيات التي قد تنتج عن هذا الحدث وانعكاساته على ساحة التشفير.

بإيجاز، يقول بابار خان جافيد، مدير الشؤون العامة في Z2C Limited، أن حالة الإفلاس التي مُنيت بها “أف تي أكس” إنما تعود لاستيلائها على أموال عملائها، قبل أن تتنازل عنها مقابل ضمانات احتياطية على شكل رموز مميزة.

وبالعودة إلى الوراء، يقول ساسواتا باسو، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 0Chain، أن شركات من أمثال FTX و Celsius و 3AC و Voyager قامت بالاستيلاء على نظام التمويل اللامركزي (DeFi) بأكمله من خلال نظام مركزي يفتقر إلى الشفافية في تعامله مع أموال المستثمرين.

وتحت غطاء التعتيم، اتخذت هذه الشركات بعض القرارات المشبوهة للغاية التي تعهّدت بتأمين عوائد غير معقولة ليس لها أي تأثير على اقتصاد التشفير برمّته، وهو أمر شبه مستحيل في ظل شتاء التشفير الطويل السائد حالياً.

وأوضح باسو: “مع انسحاب المستثمرين، أدى ذلك إلى إحداث دوّامة من الذعر أدّت بدورها إلى انخفاض قيمة الأصول، مما نتج عنه مزيداً من السحوبات. أدى ذلك بدوره إلى ظهور متلازمة التدفقات المصرفبّة، التي أثرت على جميع المستثمرين الذين كشفوا أصول عملائهم أمام العملات المشفرة”.

هل حان الوقت لوضع لوائح منظِّمة؟

 

بالمقارنة مع أدوات الاستثمار المصرفية والتقليدية، يعدّ التشفير مساحة جديدة نسبيًا غير مقيّدة بضوابط وتوازنات أو لوائح منظّمة بغرض المساءلة وتبيان المسؤوليات.

يرى جافيد أن الضغط المكثف من قبل قطاع التشفير قد ضمن مساحةً لا تزال غير خاضعة للتشريعات واللوائح المنظّمة.

وأكد جافيد: “إذا كان علينا تعلّم أي شيء من الانهيار الذي حصل بين العامين 1929 و 2008، فهو أن تنظيم الأسواق المالية أمر غاية في الضرورة، وإلا فإن صغار المستثمرين معرّضون لخسائر، وهو ما يعرّض الاقتصاد بأكمله للخطر”.

في المقابل، لا يعتقد جون لو، رئيس الأصول الرقمية في شركة Recharge Capital، أن التنظيمات سيكون له أي تأثيرات كبير في هذا الصدد.

“نشهد، مرارًا وتكرارًا، على الجشع الذي ينبع من الكشف عن أموال المستخدمين أثناء اختبارات الإجهاد للمنصات المركزية”، يقول “لو”.

بشير الأخير إلى أنه “من المستحيل التحكّم بالجشع”، لافتاً إلى أن هذه السلسلة بأكملها تظهر عدم القدرة على الالتزام بتشريعات ولوائح منظّمة”.

نهاية المركزية

 

لقد كشفت الإخفاقات الأخيرة عن قابلية البورصات المركزية للوقوع في الخطأ.

يعتقد باسو أنه من الآن فصاعداً، ستحتاج البورصات المركزية إلى أن تكون أكثر شفافية في التعامل مع الأصول الاحتياطية التي تحتفظ بها، مما يساعدها على إبراز قدرتها على الصمود أمام التدفقات المصرفية. يعتقد أن معظم هذه البورصات ستحتاج كذلك إلى تقديم المحافظ غير الاحترازية كخيار لعملائها، بهدف بثّ الثقة وتعزيزها.

يقرّ “لو” بأن “النظام المالي غير المركزي غير الاحترازي قد وُجد ليبقى”. “إنه إلى حد كبير الحل الأقوى والأكثر شفافية”.

في المقابل، يشير “لو” إلى تداعيات مقلقة أخرى ناتجة عن انهيار  “أف تي أكس”، في ظلّ بروز “باينانس” اليوم كأكبر بورصة في الفضاء المركزي. بحجة أن مستوى التوحيد المركزي هو أيضًا مجال للقلق،

ويوضح الأخبر أن المكانة الصاعدة التي تتمتع بها “باينانس” قد أحدثت انقساماً في السوق داخل الولايات المتحدة وخارجها.

إقرأ أيضاً: توكنات FTX تنخفض بنسبة 84٪ في اليومين الماضيين: تقرير

ويوضح “لو”: “سيمثل ذلك سلسلة استثنائية من التحديات، فضلاً عن إسهامه في إحداث تحوّلات نموذجية جليّة، حيث قد تتخلّف الولايات المتحدة للمرة الأولى في اللحاق بركب واحدة من التقنيات الناشئة”. “العملات المشفرة تنمو بسيادة خاصة بها”، يقول، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة لديها القليل لتقوله أو تشارك فيه في هذا المجال”.

من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تقدير التأثيرات الفعلية لانهيار FTX. ومع ذلك، هناك شيء واحد نحن على يقين منه وهو أن مشهد التشفير سيعيد رسم نفسه خلال الأشهر المقبلة.

قد يكون انهيار FTX هو القشة الأخيرة التي يمكن أن تؤدي إلى بروز التبادلات اللامركزية والمستقلة، على الرغم من أن خبراءنا يعتقدون أن الكيانات المركزية ستواصل قتالها لضمان استمراريّتها.

ويضيف “لو”: “نحن على وشك أن نشهد معركة طاحنة شبيهة بمعركة “ديفيد وجالوت”. قتالٌ شرس سوف تبلور من خلاله الصورة التي سيتخذها التمويل والتجارة والثقافة في السنوات القادمة”.

“لقد اهتزت الجرّة حقاً، لكن هذه المرة ستجرف معها كل المبادئ”، يختم.