Share

بعثة “الصندوق” في بيروت قريباً مع احتدام المعركة بين الحكومة والمصارف

صندوق النقد يقرر فتح مكتب تمثيلي في بيروت
بعثة “الصندوق” في بيروت قريباً مع احتدام المعركة بين الحكومة والمصارف
خلال زيارة سابقة لوفد الصندوق إلى بيروت

في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، يعود رئيس بعثة صندوق النقد الدولي أرنستو راميريز الى بيروت يرافقه الممثل المقيم الدائم في بيروت لمتابعة تطبيق الاتفاق الأولي الذي تم على مستوى الخبراء بين الحكومة اللبنانية والصندوق على امل التوصل الى إتفاق نهائي معه.

وفي وقت لم يكشف المتحدث باسم الصندوق، جيري رايس، عن اسم الممثل الذي عيّنه الصندوق، علم “إيكونومي ميدل إيست” انه سيكون فريديريكو ليما. وهو خبير اقتصادي كان يعمل في الإدارة الإفريقية لصندوق النقد الدولي، ويتمتع بخبرة واسعة في العمل في اقتصادات الأسواق الناشئة وذات الدخل المنخفض بما في ذلك بوركينا فاسو وغانا ولبنان وبيرو وزيمبابوي.

وستكون مهمة ليما إعداد تقرير أسبوعي الى إدارة الصندوق عن التطورات الحاصلة على ملف الاتفاق النهائي ومصير مشاريع القوانين التي تشكل مجتمعة الشروط المسبقة لعقد الاتفاق بين الطرفين.

الممثل المقيم للصندوق

 

هي ليست المرة الاولى التي يعين فيها الصندوق ممثلاً مقيماً له في بيروت. ففي العام 2008، افتتح مكتباً تمثيلياً بعد انعقاد مؤتمر “باريس 3” في العام 2007 والذي جاء عقب حرب يوليو/تموز 2006. وشغل إدوارد غاردنر منصب الممثل المقيم من يناير/كانون الثاني 2008 حتى مارس/آذار 2009، تلاه إريك موتو من سبتمبر/أيلول 2009 وحتى أغسطس/آب 2011 تاريخ إغلاقه.

على أهمية فتح مكتب تمثيلي في بيروت والذي يبرهن عن إصرار صندوق النقد الدولي ومن وراءه على إنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية المركبة لاتي تدخل قريباً عامها الثالث، إلا أن السجالات التي تدور في بيروت لا تشي بأن الاتفاق مع الصندوق سينجز.

فخطة التعافي المالي والاقتصادي التي أقرتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل ان تتحول الى حكومة تصريف أعمال بعد الانتخابات النيابية، لا تلقى تأييدا محلياً. وهو ما يشترط عليه الصندوق.

وكما ذكر “إيكونومي ميدل إيست” في وقت سابق، ستعود المواجهة بين السلطة التنفيذية والقطاع المصرفي الذي يعد العدة لمعركة “الدفاع عن وجوده” وفق مصادر مصرفية.

فالخطة تشطب 60 مليار دولار من توظيفات المصارف اللبنانية لدى المصرف المركزي، والتي هي بمعظمها أموال المودعين. وهي تقدر الخسائر لدى القطاع المصرفي بحوالي 70 مليار دولار.

عودة الاحتدام بين الحكومة والمصارف

 

وقالت المصادر المصرفية لـ”إيكونومي ميدل إيست”  إن المصارف تنفست الصعداء مع تصريح رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب يمقاتي بامكانية اعادة النظر بالخطة وشرحها وتعديلها على رغم إقرارها في مجلس الوزراء، إلا أن تصريحات نائبه رئيس لجنة التفاوض مع صندوق النقد سعادة الشامي لم تؤشر على هذا المسار. فهو ردّ في تصريحات له على الدعوات الى تغيير الخطة بأن هذا الامر “غير منطقي”، وقال بشكل حاسم غير قابل للمناقشة او التعديل بالنسبة له إن المصارف “يجب أن تبدأ أولاً من حيث تحمل خسائر من رؤوس أموالها قبل أن نمس أي مودع”.

تبلغ حالياً الأموال الخاصة للمصارف حوالي 16 مليار دولار على أساس سعر الصرف الرسمي على اعتبار ان هذه الاموال الخاصة تدون بالليرة اللبنانية في ميزانياتها، في حين لن تتجاوز المليارين اذا تم احتسابها على اساس سعر صرف السوق الموازية. وحتى لو كان كانت تبلغ 16 مليار دولار، فان شطبها يعني أن المودعين سيتحملون المبلغ المتبقي من الـ60 مليار دولار المقرر شطبه من ميزانية مصرف لبنان. كما أن شطب الاموال الخاصة يعني تدمير قطاع مصرفي يفترض أنه، وفق ما قاله ميقاتي، “ركيزة أساسية في الاقتصاد، ولا يجب استثناؤه من الحل ومن خطة النهوض” بالبلاد.

هذا لا يعني استثناء القطاع المصرفي، بل أن يتحمل كل جانب مسؤوليته في الخسائر، يقول محلل اقتصادي لـ”ايكونومي ميدل”.

“يجب على المسؤولين توزيع الخسائر بشكل عادل ومصارحة اللبنانيين بحقيقة الواقع المالي”، أضاف.

لا يرى هذا المحلل أن لبنان سينجح في تمرير مشاريع القوانين المطلوبة منه في ظل هذا الانقسام العمودي في مجلس النواب الجديد.

مشاريع تنتظر موافقة مجلس النواب

 

وأمام هذا المجلس أربعة مشاريع قوانين جوهرية لطرق باب صندوق النقد الدولي، وهي: مشروع موازنة العام 2022 الذي وصل الى الهيئة العامة بعد الانتهاء من درسه في لجنة المال والموازنة النيابية من دون معرفة الاسباب التي حالت دون إقراره؛ مشروع قانون فرض قيود على التحويلات أو ما يعرف بالكابيتال كونترول الذي تم إعداد مسودة نهائية له بعد طرح العديد من الاقتراحات حوله والتأخر لأكثر ن سنيتن لإقراره وهو ما أدى الى تحويل مبالغ كبيرة الى الخارج؛ وتعديل قانون السرية المصرفية؛ ومشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي تأخرت الحكومة المستقيلة عن إنجاز صيغته النهائية، ما يبقيه معلقاً إلى حين تأليف حكومة جديدة.

ومن المستبعد أصلاً ان ينجز مجلس النواب كل ما هو مطلوب منه قبل العطلة السنوية التي سيدخل اليها صندوق النقد الدولي في أغسطس/آب المقبل. ففي الفترة الفاصلة، يجب على لبنان ان يقر الاصلاحات ويرفع رئيس البعثة تقريراً عن مسار التقدم الى الصندوق الذي بدوره يدعو مجلس المديرين للاجتماع لدرس إقرار برنامج تمويلي مع لبنان. إنه مسار طويل قد لا يستطيع لبنان السير فيه للخروج من النفق المظلم.