Share

تبدل في تعليقات باول.. هل سيتباطأ مسار رفع الفائدة أم لا؟

"لا أعتقد أن الاقتصاد في ركود في الوقت الحالي"
تبدل في تعليقات باول.. هل سيتباطأ مسار رفع الفائدة أم لا؟
رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول

كان واضحاً في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول عقب قرار زيادة معدل الفائدة بواقع 75 نقطة أساس، أن هناك فرقاً بين ما قاله وبين ما كان يقوله سابقاً. وانه فعل شيئاً لم يفعله منذ بدء رفع أسعار الفائدة في مارس/آذار… لقد تجنب تحديد أرقام تدل على حجم ارتفاع سعر الفائدة في الاجتماع المقبل في سبتمبر/أيلول.

بعض المحللين راح يفسر ذلك بأن الاحتياطي الفدرالي قد يقوم بتخفيف وتيرة رفع أسعار الفائدة، فيما البعض الآخر رأى عكس ذلك تماماً. ولا أحد يمكنه ترجيح كفة رأي على آخر.

حتى باول لا يعلم ذلك. “بينما قد يكون من المناسب زيادة أخرى كبيرة بشكل غير عادي في اجتماعنا المقبل، هذا قرار سيعتمد على البيانات التي نحصل عليها من الآن وحتى ذلك الحين”، قال باول. واكتفى بالاشارة إلى أن هناك شهرين كاملين من البيانات قبل الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفدرالي، في سبتمبر/أيلول”. في خلال هذه الفترة، سيصدر العديد من التقارير والمؤشرات المهمة التي ستحدد مسار الإحتياطي كأرقام التوظيف والبطالة، ولكن الأهم أرقام التضخم التي كانت سبباً في الحال التي بلغته الاقتصادات كافة.

هذا المسار قرَر أن يسلكه المصرف المركزي الأوروبي. فرئيسته كريستين لاغارد قالت “مع تطور الاقتصاد والاستجابة للعديد من التحديات من الخارج والداخل، سيقوم مجلس الإدارة بمراجعة الوضع واتخاذ قرار بشأن الوتيرة المناسبة لخطواتنا التالية اعتمادًا على البيانات الواردة”، وذلك بعد وضع المصرف المركزي حداً لحقبة من معدلات الفائدة السلبية في منطقة اليورو، معلناً بشكل مفاجئ عن زيادة كبيرة بنصف نقطة لمحاربة التضخم.

“أدلة”

 

وقدم باول بعض “الأدلة” التي تشير إلى أن المصرف المركزي الأميركي يعلم ما يفعل. فإعادة التضخم إلى هدف الاحتياطي الفدرالي البالغ 2 في المئة كان أمراً “يجب أن يفعله” الاحتياطي الفدرالي، كما أن التخفيف في سوق العمل القوي جداً والنمو الاقتصادي لم يكن متوقعاً فحسب، بل كان جزءاً ضرورياً من تحقيق خفض للأسعار.

وأشار كذلك إلى تنبؤات صانعي السياسة المنشورة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي في يونيو/حزيران والتي تشير إلى أن معدل السياسة سيرتفع إلى 3.4 في المئة بحلول نهاية العام باعتباره “أفضل دليل” على التفكير الحالي. لكنه أشار إلى أن التضخم ارتفع وأن النشاط الاقتصادي أضعف منذ ذلك الحين.

فالتضخم بلغ 9.1 في المئة في يونيو/حزيران، فيما التقديرات كانت تتحدث عن 8.8 في المئة، وهو الأعلى منذ أكثر من 40 عاماً. وتترقب الأسواق اليوم أرقام الناتج المحلي الاجمالي (-1.6 في المئة في الربع الأول) التي سوف تحدد ما اذا كان الاقتصاد الاميركي يدخل في ركود أم لا.

“لا أعتقد أن الاقتصاد في ركود في الوقت الحالي”، قال باول، ليضيف أن زيادة “كبيرة على نحو غير معتاد” في أسعار الفائدة

ربما تكون ملائمة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي في سبتمبر/أيلول، لكن القرار ستحدده البيانات الاقتصادية الواردة من الآن وحتى ذلك الموعد.

وبالتالي، لم يترجم باول ملاحظاته الاقتصادية إلى إرشادات محددة حول حجم الزيادة المقبلة لسعر الفائدة الفدرالية – كما كان قبل كل من مارس/آذار ومايو/أيار ويونيو/حزيران.

وفي الوقت الذي يتحوف الكثيرون من تباطؤ الاقتصاد، بعث باول برسالة إلى الاسواق، حين قال إن صانعي السياسة سيواصلون العمل بحذر. وقدم لفحة من التفاؤل بأن الاحتياطي الفدرالي يمكن أن يهندس هبوطاً ناعماً، وتلميحاً بأن خلفية التضخم آخذة في التحسن. “هناك شعور بأن سوق العمل قد يعود إلى التوازن”، قال.

مستوى محايد

 

يقول كبير الاقتصاديين في “أليانز” محمد العريان في تعليق له على المؤتمر الصحافي، إنه من المؤكد أن إحدى الملاحظات غير المكتوبة لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي أن أسعار الفائدة قد وصلت إلى “مستوى محايد” بعد الإعلان عن زيادة سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس – ستثير الكثير من المناقشة بين الاقتصاديين في الأسابيع والأشهر المقبلة. انطلاقًا من رد فعل الأسواق في اللحظة التي أدلى فيها بهذه الملاحظة، من الواضح ما هي الاستنتاجات التي تريد الغالبية العظمى من المستثمرين أن يتوصل إليها هؤلاء الاقتصاديون.

ويضيف: “ترجمت الأسواق هذا إلى وجهة نظر مفادها أن الاحتياطي الفدرالي يعتقد الآن أنه فعل الجزء الأكبر مما هو مطلوب لتشديد السياسة النقدية للتعامل مع ما وصفه باول نفسه بالتضخم الذي لا يزال مرتفعًا للغاية وأنه يلحق أذى كبير بالأميركيين. بالنظر إلى هذا التفسير، لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أنه بعد أن نطق باول بكلمة محايد مباشرة تحركت الأسهم والسندات والدولار بشكل كبير: ارتفعت الأسهم فيما انخفضت عائدات السندات، مع انخفاض سندات الخزانة لأجل سنتين إلى أقل من 3 في المئة وانعكاس منحنى سندات الخزانة لأجل سنتين و 10 سنوات إلى 20 نقطة أساس، وضعف الدولار”.

خلاصة

 

في تتبع بعض تعليقات المستثمرين في سوق الأسهم يمكن التوصل الى الخلاصة الآتية: سيقوم الاحتياطي الفدرالي بتخفيف هبوط الاقتصاد، إلى أقصى حد ممكن. وفي وقت لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن مدى رفع الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة لخفض التضخم مرة أخرى إلى 2 في المئة، يشير باول إلى أنه لن يرفع أكثر أو أسرع من اللازم. إنه يرى دوره بشكل مختلف عن بول فولكر، رئيس الاحتياطي الفدرالي الذي قضى على تفشي التضخم، حيث قام بتصميم ركود من خلال رفع سعر الفائدة الرئيسي لمصرف الاحتياطي الفدرالي إلى حوالي 20 في المئة.