Share

تعافي التجارة العالمية في خطر

اضطرابات سلاسل التوريد وفجوة تمويل التجارة يعيقان نمو الاقتصاد العالمي
تعافي التجارة العالمية في خطر
سلاسل التوريد أصبحت غير منتظمة

بعد عامين من تفشي جائحة كورونا، تعرضت التجارة العالمية للكدمات والضربات، وأصبحت الآلية التي نسميها “سلاسل التوريد” غير منتظمة، مما أثّر على جميع أنحاء العالم.

فقد كشفت الجائحة عن نقاط ضعف في سلاسل التوريد العالمية، وفي تعميق فجوة تمويل التجارة العالمية. وهي مشكلة لا تزال مستمرة الى اليوم.

مشهد سلاسل التوريد اليوم هو كالأمثلة التالية: الموز يتراكم في الموانئ البحرية بسبب نقص الحاويات والصناديق الكرتونية؛ مصنّعو قطع غيار السيارات يخفقون في تنفيذ اتفاقيات مستوى الخدمة الخاصة بهم بسبب تأخر وصول الشحنات إلى مصانع التجميع؛ والشركات الصغيرة الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية تكافح لأنها تواجه زيادة في تكاليف النقل.

وأكثر من ذلك. سلاسل التوريد تهدد الاستقرار الوظيفي، وتقلص خطط التوسع في الأعمال التجارية، وتقلل الاستثمار، وتقوض عائدات الضرائب الحكومية في البلدان الأقل قدرة على التخفيف من حدة هذه الاضطرابات من خلال دعم القطاع الخاص ليصل الى مرحلة التعافي.

منظمة التجارة العالمية

 

وذكر تقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية منذ يومين لأحدث مقياس تجارة السلع لمنظمة التجارة العالمية، أن إحصاءات شحن الحاويات أقل من الاتجاه العام بسبب “تراكم الموانئ المستمر”.

“يبدو أن الصراع في أوكرانيا وعمليات الإغلاق الأخيرة المتعلقة بالوباء في الصين، أدت إلى إضعاف تجارة السلع العالمية في النصف الأول من عام 2022. وتظل القراءة الحالية عند 99.0 أقل قليلاً من قيمة خط الأساس 100 للمؤشر، مما يشير إلى استمرار النمو البطيء في تجارة البضائع” وفق منظمة التجارة العالمية.

وكانت المنظمة خفضت الشهر الماضي توقعاتها لنمو التجارة العالمية في عام 2022 إلى 3 في المئة من توقعات سابقة في حدود 4.7 في المئة كون “الصراع بين روسيا وأوكرانيا يعرض التعافي الهش للتجارة العالمية للخطر”.

فجوة تمويل التجارة الى مزيد من الاتساع

 

وفي الأرقام التي وردت في إحدى جلسات منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، اتسعت فجوة تمويل التجارة العالمية – والتي تمثل الفرق بين الطلبات والموافقات على التمويل لدعم الواردات والصادرات – أكثر من أي وقت مضى، حيث بلغت 1.7 تريليون دولار.

هذا الرقم الأخير المتوافر حالياً، وكان أعلنه مصرف التنمية الآسيوي في أكتوبر/تشرين الاول 2021 في إشارته الى فجوة التمويل في 2020، وذلك في مسح يجريه عادة حول فجوات تمويل التجارة، النمو، والوظائف.

المسح هو المقياس الرائد عالمياً لصحة تمويل التجارة. ويشمل المسح 79 مصرفا و469 شركة، ويغطي جميع مناطق العالم.

وبحسب ما جاء في الاستطلاع، فإن الفجوة البالغة 1.7 تريليون دولار ارتفعت بنسبة 15 في المئة عن العام 2019. وكانت بلغت 1.5 تريليون دولار في 2018.

وبالتالي، فان الاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد بسبب استمرار الاغلاقات في الصين، والتي تساهم بدورها في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، الى جانب الحرب الروسية – الأوكرانية، ستؤدي حتماً إلى تفاقم فجوة تمويل التجارة العالمية.

وأظهر الاستطلاع أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر تضرراً حيث جف تمويل التجارة مع انتشار مرض فيروس كورونا، وهو ما يمثل 40 في المئة من طلبات تمويل التجارة المرفوضة. ووجدت الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء صعوبة خاصة في الحصول على التمويل، حيث ورد أن 70 في المئة من طلباتها تم رفضها كليًا أو جزئيًا.

من المؤكد أن الفجوة في تمويل التجارة ستعيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، مما يجعل التعافي الاقتصادي من الوباء أكثر صعوبة، سيما وان التجارة هي رافد أساسي لاستعادة الاقتصاد العالمي عافيته.

ولسد الفجوة، يقول المصرف الآسيوي “إننا نحتاج إلى إدخال التجارة بالكامل إلى العالم الرقمي من خلال تنسيق أكبر مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى اتفاق عالمي بشأن المعايير والممارسات والتشريعات المشتركة”.

في منتدى دافوس، يرى المشاركون المتخصصون إنه بالامكان مواجهة الاضطرابات في سلاسل التوريد من خلال زيادة الجهود لخفض التأخيرات غير الضرورية والروتين على الحدود التي لا تزال تسبب الإحباط وتؤدي إلى تكاليف غير ضرورية وتؤثر على سبل العيش.

“ما كان يعتبر في السابق إزعاجًا، أو تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، بات اليوم يهدد بإلحاق الضرر النهائي بالقدرة التنافسية للدول النامية في سلاسل التوريد”، وفق أحد المشاركين.