Share

جامعة حمدان بن محمد الذكية تعيد تصميم مفهوم التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي /منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

شراكاتٌ استراتيجية بين الجامعة وأقطاب عالمية لتقديم أفضل خدمات التعلُّم الإلكتروني
جامعة حمدان بن محمد الذكية تعيد تصميم مفهوم التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي /منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
سعادة الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية

لعلَّ أكثر ما أدهشني أثناء إجراء المقابلة مع سعادة الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، الشغف الكبير الذي أبداه خلال الحوار.

وكان جلياً أن الدكتور العور يمتلك رصيداً معرفياً وأكاديمياً هائلاً، ومستوى متميز من المهنية. وأظهر العور قدراً كبيراً من الطموح خلال إضاءته على مساعيه لدفع عجلة التعلُّم الإلكتروني في جامعة حمدان بن محمد الذكية، وعلى مستوى العالم أجمع. ولعلَّ ذلك يُعزى إلى أنَّ العور أسهم بفاعلية في توظيف كفاءات نخبة أصحاب الفكر والمختصين عالمياً في التعلُّم الإلكتروني، وكونه يمضي قُدُماً في إعادة تصميم مفهوم التعليم بشكلٍ جذري.

والآن، وجهت اليونسكو دعوة لمعرفة ملامح رؤية العور وجامعة حمدان بن محمد الذكية وتحالف صانعي التغيير في التعليم العالي.

مبنى الجامعة

استثمارات في التكنولوجيا التعليمية

 

استهل الدكتور العور حديثه قائلًا: “التعلم عبر الإنترنت في التعليم العالي مسارٌ مستمر وليس توجهاً مرحلياً. في مَطلع العقد الماضي، كانت الاستثمارات في تكنولوجيا التعليم تقدر بملايين الدولارات. وفي عالم اليوم، لا سيما في أعقاب الجائحة، شهد الإنفاق على هذا القطاع قفزةً قياسية في جميع أنحاء العالم.”

وأضاف العور: “رغم النمو الكبير في استثمارات تكنولوجيا التعليم عالمياً، إلا أنَّ حجم هذه الاستثمارات في الوطن العربي يبلغ حالياً قُرابة  33 مليون دولار فقط. ومن المتوقع أن يصل حجم استثمارات تكنولوجيا التعليم على مستوى العالم إلى حوالي تريليون دولار بحلول عام 2027.”

وقد اكتشفت أن الدكتور العور معلمٌ وراوي قصص بالفطرة، ويحب طرح المسائل بطريقة توضيحية كوسيلة لشرح الحقائق.

وفي إشارة إلى الفجوة في الاستثمارات والبطء في تبني التعليم الإلكتروني محلياً وعالمياً، قال العور: “عندما كان الأخوان رايت الرائدين والسباقين في قيادة طائرة في أوائل القرن العشرين، كانت السفن وسيلة النقل الرئيسية في جميع أنحاء العالم. إلا أنَّ الطائرات لم تدخل الطور التجاري حتى عام 1958. إنَّ هذه الحقيقة التاريخية تعطينا تصوراً للمدة التي سيستغرقها التعليم للانتقال من التدريس التقليدي إلى التعليم عبر الإنترنت”

هل يمكن للتعلُّم عبر الإنترنت توفير التعليم عالي الجودة؟

 

في معرض إجابته على هذا السؤال، سارع الدكتور العور إلى الإشارة إلى أن تحقيق رؤية جامعة حمدان بن محمد الذكية للتغيير استغرق سنوات.

وقال الدكتور العور: “لقد بدأنا بتصورٍ أولي في وقت لم يكن لدى دولة الإمارات ولا العالم العربي أي فكرة عن كيفية اعتماد أو ترخيص مؤسسات التعليم الإلكتروني.”

وأضاف: “لقد أطلقنا مساراً جديداً كُلياً آنذاك، مما تطلب منا اعتماد مقاييس للجودة. وقد خصصنا الكثير من الوقت والموارد لوضع إطارٍ للجودة في منطقة الشرق الأوسط، بالشراكة مع المركز السويسري للابتكار والتعلم (جامعة سانت غالن).

كان ذلك في عام 2010، واقتضت الضرورة وضع إطار جودة يتناسب مع واقع ومتطلبات منطقة الشرق الأوسط، بشكل مختلف عن أطر الجودة للمنطقة الأوروبية المعمول بها في ذلك الوقت.

وأضاف العور: “أطلقنا عليه آنذاك إطار جودة التعليم الإلكتروني في الشرق الأوسط (MELQ 1.0.)، وشكل الإطار أداةً لقياس مدى جهازية أي مؤسسة تسعى للمضي في عملية التحول الرقمي.”

إطار الجودة بنسختيه الأولى والثانية MELQ1.0 وMELQ2.0

 

لجأت المؤسسات التي لم تكن جاهزة لتبني إطار الجودة إلى تطبيق الإصلاحات اللازمة لتكون قادرة على تقديم خدمات التعلُّم عبر الإنترنت.

وعن هذا الموضوع، قال الدكتور العور، “اليوم، باتت النسخة الثانية من إطار الجودة جاهزةً. ورغم أن العديد من المؤسسات تتحدث عن توفيرها لخدمات التعلم الذكي وعبر الإنترنت، إلا أن خدماتها تقتصر فعلياً على التعلُّم عن بعد.”

ما الفرق؟

شرح الدكتور العور قائلاً: “التعلُّم عن بعد موجود منذ القرن الماضي، حيث كانت بداياته تتمثل في تعلُّم الطلاب عن طريق المراسلة. عندما كنا صغاراً، تعلمنا من خلال مشاهدة المعلمين على شاشات التلفاز، ولا تزال هذه المنهجية التعليمية مستمرةً بشكلٍ أو بآخر.”

وأضاف: “بالمقابل فإنَّ التعلُّم الذكي يشكل ثورةً في منهجية وأصول التدريس؛ وهنا تكمن التحديات. ويعد إطار الجودة MELQ منظومةً لقياس مدى جاهزية أي مؤسسة لخوض غمار هذه التحديات، متيحاً بوابةً نحو التعلُّم الذكي.”

وأردف العور قائلاً: “عملت جامعة حمدان بن محمد الذكية مع المجتمع الدولي لتطوير “جودة تجربة” التعلُّم عبر الإنترنت، والتي دائماً ما تمثل تحدياً وفجوة على صعيد الجامعات التقليدية. وتوفر بوابة إطار الجودة MELQ إمكانية قياس مدى الاستعداد للتحول رقمياً. ويتح ذلك، بالتوازي مع قياس جودة التجربة، ضمان موثوقية الخدمات المقدمة للمتعلمين. وشهد الإطار بنسخته الثانية MELQ2  تغيراتٍ جذرية لمواكبة تطور التكنولوجيا والنهج التدريسي.”

وأوضح الدكتور العور قائلاً: “يتناول الإطار MELQ الجودة في الجانب التكنولوجي باعتباره عامل تمكين، في حين يشكل علم أصول التدريس العامل الأكثر أهمية لأعضاء هيئة التدريس والمتعلمين والإداريين.”

سعادة الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية

الإطار المعياري

 

في عام 2019، أطلقت جامعة حمدان بن محمد الذكية “الإطار المعياري” في دبي، بالتعاون مع منظمات دولية من ضمنها “كومنولث التعلم”؛ و”الرابطة الآسيوية للجامعات المفتوحة”؛ و”مجموعة الست”؛ و”الرابطة الأوروبية لجامعات التدريس عن بعد”؛ و”اتحاد الجامعات العربية”؛ و”الشبكة العربية لضمان الجودة في التعليم العالي” وغيرها.

وأوضح الدكتور العور قائلاً: “الإطار المرجعي مختلف تماماً عن إطار الجودة MELQ الذي يقيس جودة المدخلات للتحول الرقمي. ويتولى الإطار المعياري قياس جودة المخرجات، أي المتعلمين، باعتبارهم النتاج الفعلي للمؤسسات التعليمية. ولهذا السبب، تمت دعوتنا إلى جانب شركائنا في المجلس الدولي للتعليم المفتوح والتعليم عن بعد (ICDE)للمشاركة في المؤتمر العالمي للتعليم العالي لدى اليونسكو”.

وذكر الدكتور العور أن فحص جودة التعلم عبر الإنترنت للمتعلمين كان يتم سابقاً من خلال جهود فردية للجامعات وهيئات التعلم الإلكتروني حول العالم.

وأضاف بالقول: “تمكنا في جامعة حمدان بن محمد الذكية من دعوتهم جميعاً للالتقاء معاً والنقاش تحت سقفٍ واحد. ونمثل معاً ما يقارب 75٪ من العالم في هذه العملية التطويرية لمجموعة البيانات المعيارية.”

تصنيف ومعايير مؤسسات التعلُّم الإلكتروني

 

اليوم، لا يمكن تصنيف الجامعات عبر الإنترنت، إذ تقوم معظم وكالات التصنيف بتقييم مؤسسات التعلُّم التقليدي.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور العور: “عندما تقدمنا ​​بطلب للحصول على تصنيف، قيل لنا أن التصنيفات ضمن فئتنا غير متاحة، ولذلك قررنا أن وضع معاييرنا الخاصة”.

ويوفر “الإطار المعياري” معايير الجودة والتفكير التحولي الشامل لمسؤولي التعليم العالي.

وأضاف العور: “سيجد الإداريون معايير قد لا تتوافر لديهم، أو لا تنطبق عليهم بالطريقة الصحيحة. وسيتعرفون على مجموعة من معايير الجودة التي يجب الالتزام بها لضمان جودة مُخرجات مؤسسات التعلُّم الإلكتروني. ويُقصد بجودة المُخرجات القابلية للاستخدام، وأن يصبح الخريجون رواد أعمال، لا موظفين.”

أتريوم الجامعة

ما هي بالضبط ثورة التعليم عبر الإنترنت؟

 

وفقًا للدكتور العور، فإنَّ التعليم عبر الإنترنت أحدث ثورة في الركائز الأربع الرئيسية للتعليم: المتعلمون والهيئات التدريسية والمناهج وبيئات التعلم.

في هذا الصدد، قال الدكتور العور: “نحن بحاجة إلى تعريف المتعلم. يعتمد الجميع على المدارس والتعليم العالي لتعليم الطلاب. وفي حالة الفشل في التعلم، تُعزى المسؤولية إلى الجميع ما عدا المتعلم، وهذا الأمر في طور التغيير؛ فالمتعلم هو المسؤول عن تعلمه.”

وأضاف: “ينتقل التعليم عبر الإنترنت من نظام الحث إلى نظام الاستقطاب. ويتطلب هذا الانتقال عملية إعادة هندسة واسعة النطاق لما ورثناه من التعلم التقليدي. كما يتطلب التعلم الذكي إعادة تعريف هيئة التدريس. إنَّ كلمة المعلم غير موجودة في مفردات التعليم عبر الإنترنت، حيث تتحول هذه الكلمة إلى “ميسّر” و”موجّه” و”مدرّب”. في عالم كرة القدم، لا يمكن للمدرب ضعيف المستوى الفوز بالبطولات، مهما كانت قوة فريقه. وإن كل من ينضم إلى جامعة حمدان بن محمد الذكية كمعلم، ملزم تعاقدياً بالحصول على ترخيص أو اعتماد لتقديم التعليم عبر الإنترنت.”

واختتم العور قائلًا: “لن يسافر الركاب مع قبطان إلا بعد نجاحه في اجتياز تدريباتٍ مكثفة في محاكاة طيران، وهو ما ينطبق أيضاً على المعلمين عبر الإنترنت. وتكمن الغاية من المعايير المرجعية في تأهيل واعتماد المعلمين لضمان قدرتهم على قيادة رحلة طلاب اليوم والغد بأمانٍ نحو وجهات أكثر إشراقاً ونجاح، بما يلبي طموحاتهم وتطلعاتهم وشغف التعلم لديهم.”

كانت هذه إضاءات معلم حقيقي وقدوة أكاديمية ومعرفية.