Share

دول مجلس التعاون الخليجي يمكنها أن تصبح محركات لنمو الاقتصاد العالمي

القطاعات غير النفطية والتحول الأخضر هي القطاعات الرئيسية
دول مجلس التعاون الخليجي يمكنها أن تصبح محركات لنمو الاقتصاد العالمي
عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول مجلس التعاون الخليجي

شهدت دول الخليج عامًا استثنائيًا في نمو اقتصاداتها في عام 2022، وفي عام 2023 ستحافظ على مسار النمو هذا وستستمر في الاستفادة من التطورات في سوق الطاقة.

ناقشت مجلة “إيكونومي ميدل ايست” كل هذا وأكثر مع عصام أبو سليمان، الذي يشغل منصب المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول مجلس التعاون الخليجي منذ 1 أغسطس/آب 2018.

وأبو سليمان هو خريج برنامج الإدارة التنفيذية لجامعة هارفارد، ويحمل درجة الماجستير في التمويل والاستثمار من جامعة جورج واشنطن، بالإضافة إلى درجة الماجستير في الإدارة من الجامعة الأمريكية في بيروت.

وانضم  أبو سليمان إلى البنك الدولي عام 1989، وقد بدأ مسيرته المهنية في البنك الدولي بإدارة القروض، وشغل منذ ذلك الحين عدة مناصب في مختلف وحدات البنك، بما في ذلك رئيس الاستشارات المالية والأعمال المصرفية في إدارة الخزانة بالبنك الدولي ومسؤول الاستثمار الرئيسي في قسم إدارة الأعمال المصرفية والديون. وتشمل خبرته الإقليمية مناطق أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.

لقد أعلنت سابقًا أن دول الخليج سجلت أعلى معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي في عام 2022. ما توقعاتك للنمو لهذا العام؟

 

من المتوقع أن تحقق منطقة مجلس التعاون الخليجي نمواً في النشاط الاقتصادي بنسبة 6.9% في عام 2022 قبل أن يتراجع إلى 3.7% وإلى 2.4% في عامي 2023 و2024، على التوالي. ويعود الفضل في الأداء الاقتصادي القوي في عام 2022 في المقام الأول إلى قطاع الهيدروكربونات. غير أنه ومع الإشارات الأخيرة إلى وجوب اتباع نهج أكثر حذراً بسبب حصص الإنتاج المحددة وفقاً لاتفاق منظمة أوبك والمنتجين من خارجها، فمن المتوقع أن ينمو قطاع النفط، ولكن بوتيرة أبطأ، بنسبة 3.3% على المدى المتوسط. وبالمثل، من المتوقع أن تواصل القطاعات غير النفطية نموها بنسبة 4.3% في عام 2022 و2.9% على المدى المتوسط لتعكس آفاق النمو العالمي الباهتة.

إقرأ أيضاً: تباين أداء البورصات الخليجية

لا تزال المخاطر على هذه التوقعات عديدة، حيث لا تزال الآفاق العالمية تخيم عليها حالة عدم اليقين وتخضع لعوامل خطر مختلفة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وتزايد الرياح المعاكسة المصحوبة بالركود التضخمي، وتزايد عدم الاستقرار المالي، واستمرار ضغوط العرض وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى تآكل الدخل الحقيقي ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية في بعض البلدان حول العالم. من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي بشكل حاد إلى 1.7 في المائة في عام 2023 –وهو ثالث أضعف وتيرة للنمو في ما يقرب من ثلاثة عقود—أي بانخفاض قدره 1.3 نقطة مئوية من توقعاتنا السابقة.

هل تثق في أن اقتصادات الخليج يمكن أن تصبح محركات للنمو العالمي؟

 

أنا أرى أن إقتصادات الخليج هي محرك لإقتصدات المنطقة وهي تساهم في النمو العالمي.

كما ذكرنا سابقًا، تعتبر منطقة دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا نقطة مضيئة على الرغم من حالة عدم اليقين العالية والتوقعات العالمية القاتمة، حيث التزمت المنطقة بإصلاحات هيكلية سمحت بزيادة مساهمة القطاع الخاص وخلق فرص العمل. في الواقع، لا تزال عائدات النفط تلعب دورًا مهمًا في تمويل هذا التحول، ومع ذلك، هناك أيضًا دليل واضح على انخفاض الاعتماد على النفط بشكل عام في هذه البلدان وعلى تنويع إققتصاداتها.

ما هي الدولة الخليجية التي من المتوقع أن تحقق أعلى معدل نمو هذا العام، ولماذا ذلك؟

 

نحن بصدد تحديث توقعاتنا الاقتصادية الفردية لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي ستُعلن خلال اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أبريل 2023. بشكل عام، وفي ضوء التباطؤ الاقتصادي العالمي، لا نتوقع أداء قطاع النفط بنفس القوة كما حدث خلال عام 2022. ومع ذلك، تشير البيانات المتواترة إلى أن أداء القطاعات غير النفطية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان يبدو أعلى قليلاً من نظيراتها، ويدعم ذلك الاستهلاك الخاص القوي بالإضافة إلى الاستثمارات والتحسينات في بيئة الأعمال عامة.

GCC growth

ما هي طبيعة التعاون بين البنك الدولي ودول الخليج، وما هو شكل الدعم الذي تقدمونه؟

 

أقامت مجموعة البنك الدولي علاقات شراكة قوية مع دول مجلس التعاون الخليجي على مدى أكثر من خمسة عقود، وقدمت مجموعة البنك الدولي منتجات معرفية تحويلية ذات صلة وثيقة بدعم أجندة التنمية في المنطقة. وقد استفادت حكومات مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة قطر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة من المعارف العالمية والخبرات الإنمائية لمجموعة البنك الدولي من خلال برامج المساعدة الفنية التي يقدمها على أساس الخدمات الاستشارية مستردة التكلفة. ويتم تصميم هذه الخدمات وفقاً للسياق القُطري الخاص بكل بلد على حدة، وتتألف من تقديم المشورة على صعيد الإصلاح الاستراتيجي وأيضاً على صعيد السياسات ودعم تنفيذها وبناء قدرات المؤسسات.

هل لك أن تخبرنا المزيد عن فرص النمو الأخضر في دول مجلس التعاون الخليجي؟

 

هناك فرصة ممتازة ومواتية لتنويع الاقتصاد بشكل أكبر باستخدام إستراتيجية النمو الأخضر ولعب دور رائد في التحول العالمي إلى اقتصادات منخفضة الانبعاثات الكربونية، ويمكن للمنطقة الاستفادة من التحول نحو النمو الأخضر لتركيز سياساتها على تطوير التقنيات الخضراء واليد العاملة الماهرة المرتبطة بها والتي من شأنها أن تعكس الاتجاهات في الإنتاجية وأن تمكّن المنطقة من النمو بوتيرة أسرع.

ومن المتوقع أن يقترب مجموع إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي من تريليوني دولار في عام 2022، وكما ذكرنا في آخر تحديث اقتصادي لوضع الخليج، إذا استمرت دول المجلس في العمل كالمعتاد فإن إجمالي ناتجها المحلي سينمو إلى حوالي 6 تريليونات دولار بحلول عام 2050. أما إذا عمدت دول المجلس إلى تنفيذ إستراتيجية النمو الأخضر التي من شأنها أن تساعد على التنويع الاقتصادي وأن تسرع من وتيرته، فيمكن أن يتجاوز إجمالي الناتج المحلي 13 تريليون دولار بحلول عام 2050.

ويُعتبر التركيز على النمو الأخضر في منطقة الخليج متسقاً تماماً مع وثائق رؤية دول مجلس التعاون الخليجي التي تحدد صورة لاقتصاد المستقبل الذي يعتمد بشكل متزايد على القطاع الخاص الذي يلعب دوراً رائداً في الاستثمار وخلق فرص العمل وتحقيق قيمة مضافة.

ينبغي أن تركز استراتيجية النمو الأخضر في دول مجلس التعاون الخليجي على القطاعات الرئيسية والتحويلية للاقتصاد الأخضر، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والمباني الخضراء، والنقل المستدام، وإدارة المياه، وإدارة النفايات. بالإضافة إلى ذلك، سيلعب التمويل الأخضر عاملاً حاسماً للاستثمارات الجديدة في هذه المجالات.

أنقر هنا للمزيد حول أخبار دول الخليج.