Share

كيف يمكن للسكك الحديد الخليجية إحداث ثورة في التجارة والنقل في المنطقة؟

قادة دول الخليج الست وافقوا في ديسمبر على إنشاء هيئة السكك الحديد
كيف يمكن للسكك الحديد الخليجية إحداث ثورة في التجارة والنقل في المنطقة؟
سكة الحديد الخليجية

بعد سلسلة من التأخيرات، من المرجح تنشيط خط سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي الذي طال انتظاره، وهي خطوة يمكن أن تحول التجارة والربط عبر الخليج، وفق ما أعلنت مجموعة “أوكسفورد بيزنس غروب”.

وقالت المجموعة في تقرير، إن المشروع حصل على دفعة كبيرة في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي عندما وافق قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست على إنشاء هيئة السكك الحديد في دول المجلس، مع توقعات إشرافه على تنسيق المشروع.

ويمثل القرار تطوراً مهماً محتملاً للبنية التحتية للسكك الحديدية في الخليج.

فبعد مناقشة استمرت عقوداً تمت الموافقة على المشروع من قبل جميع الدول الأعضاء الستة في عام 2009، إلا أن الضغوط المالية أدت إلى تأخير الخطط، وارتبط ذلك بانخفاض أسعار النفط في عام 2014، ومؤخراً جائحة كوفيد -19.

هدف المشروع

 

يهدف المشروع المقترح إلى ربط جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست عبر خط سكة حديد بطول 2177 كيلومتراً. وانطلاقاً من مدينة الكويت في الشمال، سيمر خط السكك الحديدية عبر مدينتي الجبيل والدمام الساحليتين في المملكة العربية السعودية، قبل أن يتجه عبر العاصمة البحرينية المنامة والدوحة عاصمة قطر.

وينقطع الخط بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية قبل أن ينتقل إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث سيمر عبر المدن الرئيسية أبوظبي ودبي والفجيرة، قبل أن يصل إلى محطته النهائية في مسقط عاصمة عمان.

دفعة فبراير التفاؤلية

 

ولفت التقرير إلى أن الآمال في استئناف المشروع حصلت على دفعة أخرى في فبراير/شباط عندما ذكرت وسائل الإعلام القطرية أن بناء القسم الذي يربط بين قطر والمملكة العربية السعودية سيبدأ قريباً، مع استكمال الأعمال الأساسية مثل التصاميم الهندسية وخطة العمل بالفعل.

يأتي ذلك في وقت أفادت وسائل إعلام إقليمية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي أن المسؤولين يأملون في تشغيل خط السكة الحديد بحلول عام 2025.

قدر أكبر من الاتصال والتجارة

 

وسيؤدي تطوير السكك الحديد إلى تحسين الاتصال الإقليمي بشكل كبير عن طريق تقليل أوقات النقل وتكاليفه بين المدن والموانئ الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحسين التدفقات التجارية عبر الكتلة وجذب الاستثمار.

يذكر أن أرقام الأعمال في الخليج أشارت إلى أن تقليل أوقات السفر يمكن أن يساعد في تعزيز قطاع السياحة والترفيه، وهو مجال يتطلع عدد من دول الخليج إلى النمو بما يتماشى مع الجهود الأوسع لتنويع اقتصاداتها.

وعلى سبيل المثال، كجزء من رؤية 2030، تأمل المملكة العربية السعودية في زيادة مساهمة الناتج المحلي الإجمالي للسياحة إلى أكثر من 10 في المئة وتهدف إلى جذب 100 مليون زائر بحلول نهاية العقد، ارتفاعاً من نحو 20.3 مليون في عام 2019.

علاوة على ذلك، فإن بناء خط سكة حديد على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي يبشر بالخير للتعاون الإقليمي، وسوف يدعم خططاً لمزيد من المواءمة الاقتصادية داخل الكتلة.

وفي الواقع، سعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تسريع إنشاء اتحاد جمركي مشترك وسوق مشتركة، قبل الهدف النهائي المتمثل في إقامة الوحدة الاقتصادية داخل المنطقة.

السعودية تمضي قدماً

 

وكشفت “أكسفورد بيزنس غروب” أنه على الرغم من امتلاك السعودية لأكبر شبكة في المنطقة، والتي تضم 5 الاف كيلومتر من السكك الحديد، واصلت تحديث بنيتها التحتية للسكك الحديد. ففي مارس/آذار، تم افتتاح محطة الركاب الخامسة والأخيرة على شبكة القطارات الشمالية، محطة القريات بالقرب من الحدود الأردنية، للجمهور، بما يسمح للركاب بالسفر على امتداد 1215 كيلومتراً من شمال البلاد إلى العاصمة الرياض في نحو 12 ساعة.

جاء ذلك بعد افتتاح قطار الحرمين السريع – خط كهربائي بطول 450 كيلومتراً يربط بين الحرمين الشريفين في البلاد، وتوقعت تقديرات ما قبل الجائحة أن الخط سينقل 60 مليون مسافر سنوياً للحج والعمرة، مما سيخفف بشكل كبير من حركة المرور على الطرق.

في مكان آخر، تتابع الحكومة خططاً طموحة لتوسيع شبكة السكك الحديد في البلاد، حيث صرح وزير الاستثمار والموارد المعدنية خالد الفالح، في منتدى أعمال في يناير/كانون الثاني أن البلاد تخطط لإضافة 8 الاف كيلومتر أخرى من المسار إلى الشبكة، مع وجود تطور رئيسي آخر هو مشروع الجسر البري السعودي، الذي يهدف إلى ربط جدة على البحر الأحمر بساحل الخليج.

الإمارات تبني شبكتها

 

وفي أماكن أخرى، استثمرت الإمارات أيضاً بكثافة في البنية التحتية للسكك الحديد. فبالإضافة إلى التطورات الخاصة بالإمارة مثل مترو دبي وأنظمة ترام دبي -التي تم إطلاقها في 2013 و2014 على التوالي، كانت هناك أيضاً مشاريع على مستوى الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة.

وفي عام 2016، أطلقت الدولة المرحلة الأولى من شبكة السكك الحديد الوطنية، وهي خدمة شحن تربط حقول الغاز في شاه في الجنوب بالرويس على الساحل الغربي.

وتجري الآن المرحلة الثانية من المشروع التي تشمل خدمة نقل الركاب التي تربط 11 مدينة مع استكمال خط بين دبي وأبوظبي في مارس/آذار.

وبموجب الخطط الطموحة للإمارات، من المتوقع أن تنقل القطارات التي تسير بسرعة تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة 36.5 مليون شخص وملايين الأطنان من الشحن كل عام. ومن خلال إبعاد السيارات والشاحنات عن طرق البلاد من المتوقع أيضاً أن تقلل انبعاثات الكربون الناتجة عن النقل بنسبة تراوح بين 70 في المئة و80.

وبمجرد الانتهاء، من المتوقع أن تستغرق الرحلة بالقطار بين أبوظبي ودبي -أكبر مدينتين في الإمارات العربية المتحدة- نحو 50 دقيقة. بينما سوف تستغرق الرحلة من أبوظبي إلى الفجيرة نحو ساعة و40 دقيقة، نحو نصف الوقت الذي تستغرقه بواسطة السيارة.

وبشأن التأثير الاقتصادي، يقول المسؤولون الإماراتيون إن إنفاق 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) على المشروع سيولد نحو 200 مليار درهم (54.5 مليار دولار) للاقتصاد، وربط المناطق الإقليمية والريفية بالمدن الأكبر سيخلق فرصاً اقتصادية كبيرة في المناطق المتخلفة.

قطر تتطلع نحو الأحداث الكبرى

 

وعملت قطر أيضاً على تحسين شبكات النقل العام، ففي عام 2019، أطلقت الدولة مترو الدوحة، وهو نظام عبور سريع مكون من 3 خطوط و37 محطة يربط العاصمة بضواحيها.

وفي يناير/كانون الثاني من هذا العام، أطلق المسؤولون الخط الأول من ترام لوسيل، وهو نظام سكة حديد خفيف في لوسيل، شمال الدوحة، وبمجرد تشغيل النظام بالكامل، سيتألف من 4 خطوط ويمر عبر 25 محطة.

وتم تصميم الكثير من توسعات النقل العام في قطر لتلبية احتياجات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وفي الواقع يوجد في البلاد 26 مشروع نقل في طور الإعداد، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من 12 منها بحلول موعد انطلاق البطولة في نوفمبر.

الدافع لمزيد من تطوير السكك الحديد

 

وفي أماكن أخرى من المنطقة، هناك أمل في أن تنشيط خط سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي سيعيد إشعال خطط السكك الحديدية المحلية الأخرى الخاملة.

وعلى سبيل المثال، لطالما خططت حكومة سلطنة عمان لبناء شبكة سكك حديدية وطنية خاصة بها، وهي عبارة عن وصلة مقترحة بطول 2100 كيلومتر تبدأ عند حدود الإمارات العربية المتحدة وتعبر صحار ومسقط في الشمال، قبل الارتباط بمدن الموانئ الرئيسية في الدقم، وصلالة على الساحل الشرقي.

بينما تم طرح العطاءات في عام 2013، تم تعليق المشروع في عام 2016 حيث واجهت البلاد تحديات مالية مرتبطة بانخفاض أسعار النفط، ومع ذلك أحرزت الدولة تقدماً في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالبنية التحتية للسكك الحديدية، مما أدى إلى الأمل في إحياء المشروع الوطني.

وكشفت الحكومة في يوليو/تموز من العام الماضي، عن خطط لبناء مترو مسقط يربط منطقتي روي ومطرح بمطار مسقط الدولي ومدينة السيب الساحلية إلى الشمال.

وبالمثل، واجهت عمليات تطوير السكك الحديد تأخيرات في الكويت، التي أعلنت عن خططها في عام 2009 لإنشاء شبكة بطول 160 كيلومتراً سيتم ربطها بخط سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي الأوسع.

وعلى الرغم من تعليق المشروع في عام 2015، في يناير/كانون الثاني 2020، أصدرت الدولة خططاً لنظام سكة حديد مكون من 68 محطة يربط مدينة الكويت بالمطار الدولي في البلاد والجامعة الرئيسية والمناطق السكنية والصناعية.