Share

“صندوق قناة السويس”.. هل يستهدف بيع أصول الدولة أم الاستثمار فيها؟

حوالي 8 مليارات دولار عائدات القناة المتوقعة في 2022
“صندوق قناة السويس”.. هل يستهدف بيع أصول الدولة أم الاستثمار فيها؟
السويس

غضبٌ يعم الشارع المصري في هذه الأيام، والسبب هو إقرار مجلس النواب المبدئي لقانون مقدم من الحكومة المصرية يهدف إلى إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس.

فلقناة السويس وضعها الخاص بالنسبة الى المصريين، لاتباطها بالدماء والعرق اللذين تكبدهما أجدادهم في حفر القناة في المرة الأولى في عام 1859. وتأميمها في العام 1956 الذي يعتبر أم الانتصارات محفور في ذاكرتهم وفي مناهج تعليمهم. وخاضت مصر حروباً من أجل الحفاظ على سيادتها على هذا الممر الملاحي الدولي.

وكان مجلس النواب المصري وافق الاسبوع الماضي، مبدئياً، على تعديلاتٍ جديدة تطال قانون هيئة قناة السويس، ما يتيح لها تأسيس صندوق استثمار مملوك للهيئة برأسمال 10 مليارات جنيه.

وبحسب القانون، سيتمكن الصندوق الجديد من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بقناة السويس التي تعد القناة أحد أهم مصادر العملة الأجنبية لمصر، إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة.

وبلغت عائدات القناة 7.9 مليارات دولار في عام 2022 بارتفاع عن 6.8 مليارات دولار العام السابق.

وتعاني مصر أزمة اقتصادية مع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية التي تسببت بارتفاع أسعار الحبوب، وهو ما تضررها باعتبارها من أكبر مستوردي القمح في العالم، كما فقدت جزءاً كبيرا من السياح الأوكرانيين والروس الذين شكلوا 40 في المئة من ثمانية ملايين سائح عام 2021.

وخسرت مصر أيضاً حوالي 20 مليار دولار بسبب خروج “الأموال الساخنة” من سوق الأوراق المالية المصرية بعد الحرب.

كما تدهور الجنيه المصري بشكل دراماتيكي بنحو 57  في المئة مع تنامي الدين الخارجية إلى أكثر من 150 مليار دولار وزيادة حجم الفوائد والأقساط التي يتعين على مصر سدادها على المدى القريب.

هذه التطورات دفعت مصر الى الاستعانة بصندوق النقد الدولي الذي وافق مجلسه التنفيذي أخيراً على إقراضها مبلغ 3 مليارات دولار. وقال الصندوق إن الدعم المالي مُنح مقابل برنامج اقتصادي يهدف إلى “الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي … وتمهيد الطريق لنمو مستدام وشامل يقوده القطاع الخاص”.

ورغم تأكيدات رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع أن الصندوق المقترح سيستقبل مستثمرين أجانب، لكن لن تكون لهم سيطرة على الممر المائي، وأنه “لا يمكن التفريط بالقناة أو بأي من أصولها”، وأن الهدف من الصندوق هو الاستثمار “في مشاريع عملاقة”، إلا أن هذه التصريحات لم تطمئن المصريين.

ويبدو أن الفترة القبلة ستشهد تحركات سياسية في محاولة لوقف إقرار مشروع القانون. علماً ان عدداً من النواب اعترض على التعديلات التي أدخلت على المشروع ورأوا أن هدفها “بيع أصول مملوكة لهيئة قناة السويس”.

ويرى بعض المحللين أن الموضوع يحيطه غموض، من أول نصوص القانون وعباراته مروراً بتوقيته.

رئيس هيئة قناة السويس السابق والمستشار الحالي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الفريق مهاب مميش كان له موقف لافت، حين قال في تصريح نشرته صحيفة “المصري اليوم” إن مشروع القانون الجديد “من المستحيل تنفيذه ويفتح الباب لسابقة … وهي وجود أجانب في إدارة قناة السويس يغيّرون النظام الذي تقوم عليه منذ سنوات طويلة”.

وكان السيسي تحدث عن فكرة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، ومدى أهمية أن يكون هناك ملاءة مالية ضخمة لهذا المكان المهم، وذلك في كلمته خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد أخيراً.

كما أشار وزير التموين السابق جودة عبد الخالق، إلى أن “الأزمة الدائرة في ما يخص تأسيس صندوق خاص بقناة السويس هو غياب المعلومات والبيانات التي تبين للمواطنين الهدف من التدشين”، لافتاً إلى أنه “يجب أن تفصح الحكومة عن تبعية الصندوق الجديد والجهة الرقابية التي ستتابع دوران رأسماله وتوضح مجلس إدارة الصندوق والأدوار المنوطة به، وهل ستتم إدارته بنفس أسلوب إدارة صندوق مصر السيادي الذي تأسس من قبل أم لا؟”.

ودفعت حالة الغضب العارمة التي عبّر عنها المصريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي برئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي إلى التصريح بأن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب والذي لم تستكمل إجراءات الموافقة عليه بصورة نهائية “لا يتضمن أية أحكام تمس قناة السويس، لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها”، مؤكدا أن الدولة ملزمة وفق المادة 43 من الدستور-بحمايتها وتنميتها- والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، كما تلتزم بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزاً اقتصادياً متميزاً.

وكانت قناة السويس زادت في مارس/آذار الماضي، رسوم العبور الإضافية لبعض فئات السفن، وتشمل بشكل أساسي ناقلات النفط الخام والمشتقات النفطية إلى 15 في المئة، صعوداً من 5 في المئة في السابق. كما شمل القرار استمرار فرض رسوم إضافية على الناقلات الفارغة بواقع 5 في المئة من رسوم العبور العادية.

كما رفعت هيئة القناة الرسوم الإضافية المفروضة على ناقلات غاز البترول المسال، وناقلات المواد الكيميائية، والمواد السائلة الأخرى، إلى 20 في المئة من رسوم العبور العادية، مقارنةً مع 10 في المئة سابقاً.