Share

“طاقة الرياح” في المنطقة بمسار تصاعدي

شواطئ دول الخليج ومناطقها الصحراوية النائية من أفضل المناطق لتوليد الرياح
“طاقة الرياح” في المنطقة بمسار تصاعدي
طاقة الرياح

كانت الرياح منذ فترة طويلة مصدر طاقة للبشر، من البحارة الذين يعتمدون عليها لتشغيل سفنهم عبر البحر إلى المزارعين الذين يستخدمون طواحين الهواء لطحن حبوبهم وضخ المياه.

أما اليوم، يمكن للتوربينات الصغيرة التي يتم تركيبها في الحديقة الخلفية تشغيل منزل واحد أو شركة واحدة، بينما يمكن لمزارع الرياح الكبيرة أن تولّد الكهرباء لتغطية بلد بأكمله.

مورد لا ينفذ

 

إذًا كما يوحي الاسم، فإن “طاقة الرياح” هي مورد لا ينفذ أبدًا، على عكس الوقود الأحفوري، الذي يتطلب إنتاجه جهودًا ضخمة ووقتًا وآلات ثقيلة وباهظة الثمن.

إضافة الى كمية الغازات الملوثة التي يطلقها في الهواء، والتي تؤثر على صحة الانسان والمناخ.

بالمقابل تنتج طاقة الرياح حوالي 11 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط / ساعة من الكهرباء المولّدة، مقارنة بنحو 980 جرامًا للفحم.

ومن المتوقع أن يقفز سوق طاقة الرياح في جميع أنحاء العالم إلى 1200 جيجاوات بحلول عام 2025 بقيمة سوقية تبلغ 17.8 مليار دولار، وفقًا لتقرير طاقة الرياح لعام 2022 الصادر عن المجلس العالمي لطاقة الرياح.

إضافة الى ذلك، فقد أحرزت صناعة طاقة الرياح تقدمًا ودخلت اليها تطورات كبيرة في التكنولوجيا جعلت توربينات الرياح أكثر كفاءة، تولد المزيد من الكهرباء، تتطلب صيانة أقل، وتعمل بهدوء أكبر.

منطقة الخليج

 

تهتم دول مجلس التعاون الخليجي بتطوير طاقة الرياح، حيث تعتبر شواطئها ومناطقها الصحراوية النائية بعضًا من أفضل المناطق لتوليد الرياح في العالم.

من جهة أخرى، تمتلك صناعة الرياح أيضًا القدرة على توطين أجزاء من تصنيع التوربينات داخل هذه الدول، حيث يوجد العديد من المعادن والبلاستيك اللازمة للإنتاج محليًا.

ويوفر هذا القطاع أيضًا وظائف تتطلب مهارات عالية، حيث تتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن تخلق ما يصل إلى 11 ألف وظيفة جديدة في دول مجلس التعاون بحلول عام 2030.

الى ذلك، تعتبر السعودية من الدول الأكثر تقدمًا في دول مجلس التعاون في هذا المجال.

خصوصًا بعد بناء أول مزرعة رياح في المملكة في دومة الجندل والتي دخلت الخدمة في أغسطس/آب الماضي.

تعد الأكبر في الشرق الأوسط، بقوة 400 ميغاواط وستوفر الطاقة لـ 70 ألف منزل.

وتخطط المملكة أيضًا لبناء مزرعة رياح بحرية عائمة بقدرة 500 ميجاوات في الخليج، ومن المتوقع أن تكتمل في عام 2027.

وستساهم هذه المشاريع وغيرها من مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية في تخفيف الانبعاثات المناخية في المملكة.

أما الامارات، فتعد من الدول الرائدة في هذا المجال، وذلك في إطار إستراتيجية الدولة للطاقة 2050 التي تهدف إلى زيادة حصتها النظيفة ضمن مزيج الطاقة إلى 50 في المئة.

وقد عملت على بناء أول توربين يعمل بالرياح لتوليد الكهرباء في جزيرة صير بني ياس، والتي تقع على بعد 250 كيلومتراً جنوب غرب أبوظبي.

حيث تتمتع المحطة بقدرة إنتاجية تبلغ 850 كيلو واط من الطاقة في الساعة الواحدة.

تمتلك عمان أيضًا إمكانات كبيرة لطاقة الرياح، مع تدفقات الرياح القوية على طول ساحلها الطويل – الذي يمتد لأكثر من 2000 كيلومتر.

وتمتلك السلطنة مزرعة رياح بقدرة 50 ميجاوات في منطقة ظفار، وتخطط لبناء المزيد من مزارع الرياح في جميع أنحاء البلاد.

أما مصر، فتستهدف وصول نسبة الطاقة المتجددة بقدرة توليد الكهرباء إلى 42 في المئة بحلول 2035، لتشمل 14 في المئة كهرباء مستمدة من طاقة الرياح.

كما قدّر البنك الدولي إمكانات الرياح البحرية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بنحو 166 غيغاواط، منها 27 غيغاواط من الرياح البحرية ذات القاع الثابتة، و139 غيغاواط من إمكانات الرياح البحرية العائمة.

مساوئ

 

بالرغم من حسناتها، إلا ان إحدى المشاكل الرئيسية لطاقة الرياح أنها تمثل تهديدًا للحياة البرية، حيث تقدر الدراسات أن توربينات الرياح تقتل ما بين 140 ألف و 500 ألف طائر كل عام لأنها غالبًا ما تصطدم بالشفرات سريعة الحركة.

ومع ذلك، فإن التخطيط الدقيق لمكان وجود مزارع الرياح يمكن أن يقلل بشكل كبير من عدد حوادث الطيور.

مشكلة أخرى تضاف متعلقة بالضوضاء، ولكن اليوم يتم بناء التوربينات الحديثة لتكون أكثر هدوءًا من أي وقت مضى.

أما المشكلة الأخيرة فتتعلق بالموقع. إذ من أجل أن تكون مجدية اقتصاديًا وبالتالي إنتاج ما يكفي من الكهرباء، يجب تركيب التوربينات في المناطق التي تهب عليها الرياح، والتي تكون عادةً أماكن بعيدة.

لذلك وبسبب بعدهم عن المناطق المأهولة، يجب بناء خطوط الكهرباء التي تربط مزارع الرياح بشبكة الكهرباء.

ما يؤدي الى تكاليف إضافية ويمكن أن يكون له أحيانًا تداعيات على البيئة، حيث يتطلب بناء مثل هذه البنية التحتية في كثير من الأحيان هدم الأشجار أو تغيير المناظر الطبيعية.