Share

لا يمكن لأي ماركة، تقنية أو إنفاق إعلاني أن يحل محل تجربة العملاء

"أريد من العلامات التجارية أن تضمن مشاركة جميع العملاء في كل رحلة للعميل"
لا يمكن لأي ماركة، تقنية أو إنفاق إعلاني أن يحل محل تجربة العملاء
كيت هاردكاسل

“كان الأمر أشبه بمشهد فيلم Pretty Woman ولكن بشكله الحديث في عصرنا الحالي. وقفت في شارع روديو درايف في بداية هذا العام، وأنا أشعر بقمة الخجل والضيق من الطريقة التي تم طردي بها من المتجر الرئيسي لواحدة من أكبر العلامات التجارية للأزياء الفاخرة في العالم،” تتذكر كيت هاردكاسل، الحاصلة على وسام الإمبراطورية البريطانية MBE، مقدمة برامج في المملكة المتحدة وخبيرة في مجال الأعمال والبيع بالتجزئة و مؤسسة Insight with Passion.

“كنت هناك لشراء هدية مهمة للغاية وكان الوقت ضيق فقد ذهبت بدون تخطيط مسبق من جانبي. كنت بصحبة أطفالي الثلاثة بعد أن أنتهوا من السباحة في يوم مشمس ليكونوا جزءاً من رحلتي الاستكشافية. كانوا يرتدون ملابسهم الكاجوال وشعرهم أشعث بعض الشيء وأصاب الإحمرار عيونهم من كلور المسبح. ربما لم نبدو بالأناقة المطلوبة كتلك العائلة التي تظهر في صورة الإعلان الكبير الملصق على جدار المتجر الذي يصل متوسط إيجاره من 40,000 إلى 70,000 دولار في الشهر.”

بعد 32 عاماً من عرض الفيلم الكلاسيكي، كان التاريخ يعيد نفسه بطريقة ما. فمن الواضح أن العلامة قد دفعت الكثير من المبالغ الطائلة في حملاتها الإعلانية في محاولة منها لجذب العملاء لزيارة المتجر، ومع كل هذا السيل من الإعلانات والأجواء الأنيقة والفاخرة لمتاجرها وتعيين المشاهير كسفراء للعلامة، وبعد كل هذا الإنفاق المذهل الذي يبلغ عدة ملايين من الدولارات، وسنوات من المحاولات لكسب العميل، فربما تستغرق خسارته للأبد بضعة دقائق فقط.

فالخدمة ما هي إلا تجربة إنسانية، ونحن في الأخير بشر ولا يمكن أن نتحلى بالمثالية. قد تجري الأمور بشكل خاطئ أو يساء تقديرها. هل أكون غير منصفة قليلاً بذكر هذه القصة؟ في الحقيقة، كان هناك شيء ما، لم يشعرني بالرضا خاصة وأننا كنا في فترة موسم التسوق.

دعوني أخبركم بما حدث أيضاً في المتجر في ذلك اليوم

 

بعد أكثر من عشرين عاماً قضيتها في مساعدة العلامات التجارية حول العالم على جذب العملاء وإسعادهم، أصبحت كمستهلك شديدة الوعي لما يحدث من حولي عند زيارة أي متجر. فهي فرصة أستمتع بها، حيث أتعلم من خلال تلك التجارب الواقعية التي تحدث أمامي، ففي تلك المواقف يمكنك الاستماع إلى حوارات ربما تكون أكثر صدقاً من تلك التي تسمعها في حلقات المناقشات التسويقية، إذ أن تفاعل العملاء على أرض الواقع هو أهم بكثير من إحصاءات عدد زيارات العملاء للمتجر.

بالقرب مني، كانت هناك سيدة أنيقة تحاول شراء حقيبة مذهلة يبلغ سعرها ما يعادل راتب شهري لكثير من الأشخاص. وبمجرد أن قامت باختيار اللون، تم إعطاؤها بسرعة جهاز iPad لملء البيانات المطلوبة. كانت مشاهدة هذا الموقف محبطة للغاية، فمن الواضح أن السيدة لم تكن مهتمة بالتكنولوجيا وليست على دراية كاملة بما يجب القيام به؛ ولكنها طلبت في النهاية من يساعدها، إلا أنه تم إخبارها ببساطة أن عليها إكمال هذه البيانات بهذه الطريقة، وأن هذه هي الطريقة الوحيدة لإتمام عملية الشراء.

بينما كانت هناك عميلة أخرى تحاول أن تجد من يساعدها دون جدوى، فتبادلنا بعض الابتسامات ثم توجهت إليها وتجاذبنا أطراف الحديث. حكت لي أنها عملت طوال العام في التمريض وساعدت المرضى طوال فترة الوباء. أصر زوجها على أن تشتري “حقيبة أحلامها” كهدية ربما لن تتكرر مرة أخرى في العمر، قام هو وأفراد أسرتها بالمشاركة في ثمنها لكي تتمكن من شرائها. قالت لي بحسرة: “أعتقد أنني ليس مقدراً لي أن أكون في مثل هذا المكان”. شعرت بغصة شديدة لما قالته.

كان المتجر ممتلئاً وكان هناك طابوراً من العملاء في الانتظار وكانت تقف معهم إحدى العاملات تحمل جهاز iPad. بدا العملاء على استعداد للانتظار ولكنهم كل فترة كان منهم من يتسائل عن المدة التي قد يستغرقها الانتظار أو ما إذا كان بإمكانهم الاحتفاظ بأماكنهم في قائمة انتظار من خلال تطبيق ما أو تقنية أخرى. إلا أن الرد كان بأن عليهم الانتظار فحسب، مما قد يثير لديهم مشاعر بخيبة الأمل، فلم تكن هذه هي التجربة الفاخرة التي كانوا يتوقعونها.

خلق رحلة مبيعات جذابة لالعملاء

 

من المؤكد أن الرغبة في عيش تجربة الفخامة قد تحفز العديد منا للشراء، ولا أشك أن ذلك كان الدافع الرئيسي لدى الكثير ممن تواجدوا في هذا الطابور وانتظروا لوقت طويل للحصول على أحد منتجات هذه العلامة التجارية الفاخرة. ولكنني، أتمنى أن أرى حرص العلامات التجارية على الاهتمام برحلة كل عميل من عملائها، وأن تضمن للجميع الاستمتاع بتجربة إيجابية تدخل عليهم السعادة والسرور، مما ينتج عنه علاقات طويلة الأمد مع عدة سفراء محتملين للعلامة. فمع الأسف، حظى هذا المتجر بكل الإمكانيات التكنولوجية اللازمة والفرص الكفيلة لضمان إضفاء الطابع الشخصي على كل معاملة وتوفير الخدمة الممتازة والسرعة المطلوبة ولكن لم تكن النتيجة مرضية في النهاية.

مع التطور الذي يشهده العالم وارتفاع سقف توقعات المستهلكين من المؤسسات سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر، فمن الضروري أن تُقدم تلك المؤسسات خطوات ملموسة لإرضاء عملائها. يجب على مديري العلامات التجارية التواجد على أرض الواقع في المتاجر، والتحقق من بوابة الدفع عبر الإنترنت بانتظام من أجل فهم تجربة العميل والتأكد من تحقيق رؤية العلامة التجارية. من الضروري تبني التكنولوجيا وتطويرها، مع اتباع منهج منطقي يكون في صالح العميل والعلامة التجارية على حد سواء.

يرتكز عملي الذي أقوم به مع فريقي في Insight with Passion على أهمية إزالة الحواجز ودعم التواصل بطريقة ترضي جميع الأطراف. يتلخص جوهر ما نقدمه في مفهوم الذكاء العاطفي، فمن المهم جداً لجميع العلامات التجارية أن تضع في حساباتها العميل أولاً؛ حيث يجب أن يكون هناك التزاماً حقيقياً على كل المستويات لتحقيق هذا الهدف.

فإن طلبات العملاء في ازدياد مستمر، فكلما زادت تجاربهم، ارتفعت توقعاتهم. عليك أن تستوعب كعلامة تجارية ما يقبله العملاء منك بسهولة، وما يرون أنه شيء “لا بد الحصول عليه”، وما هو “لطيف ولكن ليس أساسياً”، وبالطبع لا بد أن يكون لديك كل المقومات التي تجعل كل تجربة للعميل تجربة ذات معنى. يجب أن يشعر فريق العمل بقدرتهم على إحداث التغيير، وحسن الاختيار، لتطوير تجربة العميل. فيجب أن يكونوا قادرين على القيام بذلك بسلاسة وباستخدام الأدوات المناسبة، مع الاحتفاظ بالمصداقية وتقديم تجربة تتناسب مع العلامة في كل الأوقات.

ولتحقيق هذه الغاية غالباً ما يكون الاستثمار في فريق العمل أمراً ضرورياَ وكذلك تعزيز التعاون بين أفراده لمساعدة بعضهم البعض: فالبعض منهم قد يكون ماهراً في التكنولوجيا، في حين يبرع البعض الآخر في التعامل مع العميل وخلق تجربة ممتعة له. فالهدف هو تكوين فريق متناغم يلعب على نقاط القوة ويستمر في نقل المعرفة بانتظام فيما بينه.

لا ينبغي أبداً النظر إلى تحسين الخدمة على أنها مجرد مهمة يتم إنجازها فحسب، بل هي عملية دائمة التطور ستدفعنا إلى تحسين وتطوير أنفسنا باستمرار. من الضروري أن تكون نقطة البداية هي الرغبة في كسب ثقة واحترام العملاء، إذ يعي العملاء جيداً قوتهم الشرائية ويريدون التعامل مع العلامات التجارية التي تفي بوعودها، مما يعني أن الاستماع إلى رغباتهم هي أول نقطة يجب أن نبدأ منها، وعدم الاهتمام بذلك سيكون … “خطأ كبيراً، بل خطأ فادحاً….”.