Share

لا ينبغي لـ”ماسك” الاستقالة

الرجل يسير على حبل مشدود لإبقاء أعماله قائمة
لا ينبغي لـ”ماسك” الاستقالة
إيلون ماسك (مصدر الصورة: ويكيبيديا)

بعد مرور يوم واحد على خسارته في نتائج استطلاع جرى تنفيذه في “تويتر” حول ما إذا كان من الجدير الإبقاء على الرئيس التنفيذي لشركة “تويتر”، قال إيلون ماسك الإثنين الماضي إنهم فقط المستخدمون الذين يدفعون اشتراكات بإمكانهم التصويت على سياسات المنصة. هل يتراجع عن عهده؟ لا يبدو ذلك، بحيث أشار في وقت سابق إلى أنه سيفعل ذلك بعد إيجاد بديل مناسب.

باستطلاع أم لا، الآن أو لاحقًا، أعتقد أنه يجب أن يبقى، مهما يكن.

ينتمي ماسك إلى فئة القادة المتميزين وغريبي الأطوار الذين يأخذون على عاتقهم إثبات خطأ العالم. غريب آخر هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة “آبل”، الراحل العظيم ستيف جوبز، الذي حارب منذ أكثر من 35 عامًا احتكار شركة IBM في معركة تضاهي بشراستها معركة “ديفيد وغولاث”.

يمثّل ماسك تجسيداً للمخاطرة. لقد تغلّب على وكالة “ناسا” الفضائية من خلال إطلاقه لمشروعه “سبيس أكس” (SpaceX). احتلّ طراز Y من تصنيع شركته الخاصة للسيارات الكهربائية “تسلا”، على السيارة الأكثر مبيعًا للمركبات الكهربائية في العام 2022. كما أنفق الرجل ثروة لإتمام صفقة الاستحواذ على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي المتعثرة، والتي عانت لسنوات في خضمّ سوق إعلانات تنافسية.

أجل، كان موقع تويتر في حالة من الفوضى بالفعل عندما اشتراه بمبلغ 44 مليارات دولار، أي بزيادة قدرها 11 مليارات دولار عن الناتج المحلي الإجمالي للكويت، وتقريبًا الناتج المحلي الإجمالي لرومانيا.

لا تزال الفوضى سائدة، وربما تتجه لمزيد من التفاقم، لكن هل هناك مكان للعبقرية في وسط كل هذا الجنون؟

مشاكل تويتر

 

شهد موقع “تويتر” “انخفاضًا هائلاً في الإيرادات”، وفقًا لما صرّح ماسك به مؤخرًا.

قامت كلّ من “جنرال موتورز” و”فولكس فاغن” بتعلِيق إنفاقِهما على الإعلانات على تويتر بعد تولّي ماسك زمام الأمور، مما شكّل تحدٍ لوسائل التواصل الاجتماعي التي تجتذب 90 في المئة من مبيعاتها من الإعلانات.

لكن ذلك ما هو إلا مشكلة أضيفت إلى سلسلة من المشكلات المماثلة التي واجهتها “تويتر” في المرحلة التي سبقت صفقة الاستحواذ، بحيث بيّنت النتائج المالية متوسط التعثر ثلاثة من أصل أربعة أرباع منذ الإدراج الأولي للشركة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2013. وبالمقارنة مع منافسيها، من حيث الإيرادات، حقق “تويتر” 5 مليارات دولار في العام 2021، بينما حقق “فيسبوك” مبيعات بقيمة 118 مليارات دولار. في المقابل، سجّلت شركة “ألفابت” التابعة لشركة “غوغل” 257 مليارات دولار. إنها معركة طاحنة حقاً.

شخصية صارمة: إثارة للجدل، اقتراض وتخفيضات 

 

بهدف إتمام عملية الاستحواذ على “تويتر” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اقترض ماسك 13 مليارات دولار، بما في ذلك حوالي 3 مليارات دولار من الديون غير المضمونة والتي يُزعم أن “تويتر” يدفع عليها سعر فائدة بنسبة 11.75 في المئة.

ووجد ماسك نفسه مضطراً للاستعانة بممتلكاته الخاصة من الأصول لإبرام الصفقة وتغطيتها مالياً.

منذ سنوات، قال ماسك إنه لن يبيع أسهم “تسلا“، إلا أن الرجل أقدم في الآونة الأخيرة على بيع ما يقرب من 3.58 مليار دولار من أسهم شركة السيارات الكهربائية بمتوسط ​​سعر 243.46 دولارًا للسّهم الواحدة. وأتمّ ماسك أحدث عملية بيع لِأسهم “تسلا” في نوفمبر/تشرين الثاني بقيمة 4 مليارات دولار.

إقرأ المزيد: إيلون ماسك لن يستقيل من منصب الرئيس التنفيذي لـ”تويتر” إلا إذا في هذه الحالة

في أبريل/نيسان الماضي، باع ماسك ما قيمته 8.5 مليار دولار من أسهم الشركة، وتبعه سهم آخر في أغسطس/آب مع 7 مليارات دولار أخرى تم التخلي عنها.

يمتلك ماسك حاليًا ما يقرب من 66 مليارات دولار من أسهم “تسلا”.

هذا يثير القلق لدى المستثمرين في “تسلا”، لا سيّما وأن أسهم شركة المركبات الكهربائية تم تداولها عند 157 دولارًا في ديسمبر/كانون الأول، أي أقل بنسبة 55 في المئة عن العام الماضي، وبنسبة تقلّ بحوالي 60 في المئة عن يناير/كانون الثاني.

في المقابل، من المرجح أن ترضي أرباح “تسلا” للربع الثالث المساهمين وترفع أسعار الأسهم، مع إعلان ماسك أنه من المتوقع أن تقوم الشركة بعمليات إعادة الشراء في العام المقبل، ملمحًا إلى ما بين 5 مليارات دولار و 10 مليارات دولار.

يعكف اليوم ماسك على اتباع سلسلة من الإجراءات لإنقاذ الشركة، وتلك تشمل خفض التكاليف التجارية، مع زيادة الكفاءة إلى أقصى حد، وخفض أعداد الموظفين، وإلغاء الفوائد، وهي إجراءات اشتهر باتباعها في كل من “تسلا” و”سبيس أكس”، وأثبتت نجاحها في تعزيز الإنتاجية.

بعد مرور شهرين ونيّف على توليه منصبه كرئيس تنفيذي لـ”تويتر”، أقدم ماسك على إقالة الإدارة العليا السابقة للمنصة، بالإضافة إلى أكثر من 50 في المئة من القوة العاملة حول العالم، والتي يبلغ عددها 7 آلاف و500 عاملاً.

العباءة والخنجر، ممزوجان بعدم القدرة على التنبؤ ، ونهج الرجل القوي في القيادة هو ما يجعل ماسك ما هو عليه.

القيادة من خلال التأثير 

 

بالرغم من أسلوبه الناري، فقد نجح ماسك في بناء 120 مليون متابع من خلال حسابه الرسمي في “تويتر” @ElonMusk، بحيث يأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد المتابعين بعد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي يمتلك 130 مليوناً من المتابعين في حسابه @BarackObama.

من الناحية الإحصائيّة، يرتفع متابعي ماسك بوتيرة أسرع، حيث يصل عدد المتابعين الجدد يوميًا إلى 270 ألف متابع، وفقًا لـ Social Blade. إلى ذلك، ليس من المستغرب أن نشهد قريبًا على الرجل يتربع على عرش المرتبة الأولى في “تويتر” من حيث التأثير.

من شأن ذلك أن يشكّل سابقة تتمثل في أن يكون الرئيس التنفيذي لإحدى منصات الاجتماعية هو أيضًا المؤثر الأبرز فيها، مما يقرّبه من الناس. في هذا الإطار، ذكرت Social Blade أن حركة التصويت الأخيرة التي قام بها ماسك، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة تغريداته بـ 84 في المئة منذ استحواذه على المنصة ما هما إلا خير دليل على ذلك. في المتوسط، يقوم ماسك بالتغريد 4 مرات كل ساعة، خلال ساعات الاستيقاظ العادية.

ينتمي ماسك إلى طينة الرؤساء التنفيذيين الذين يسوّقون لِشركاتهم من خلال الإفراط بتوظيفها، مما يشكّل سمة قيادية أخرى يمتلكها ماسك.

ويتردد أن لماسك مخططات تستهدف زيادة عدد مستخدمي “تويتر” إلى مليار من حوالي 300 مليون في الوقت الحالي.

من ناحية أخرى، يتبع ماسك 129 شخصًا فقط. اختيار نادي حصري كدائرة تأثير هو سمة قيادية أخرى. الرئيس السابق باراك أوباما يتبع 570 ألفا. ماسك يملك ما لا يقل عن 4 شركات تحت إدارته، في حين أن أوياما قد أحيل للتقاعد.

أنقر هنا لمزيد من أخبار الاقتصاد والأعمال