Share

لبنان يستبق وصول وفد “الصندوق” الإثنين بإقرار الموازنة

جورجييفا: نحتاج إلى الاعتراف بأن الأمر يتعلق بقيود سياسية داخلية
لبنان يستبق وصول وفد “الصندوق” الإثنين بإقرار الموازنة
سيوافق مجلس النواب على الموازنة رغم مساوئها

على وقع تباطؤ مسار الاصلاحات المطلوبة من لبنان كشرط للإنتقال إلى المرحلة النهائية من التفاوض مع صندوق النقد الدولي، قرر الصندوق إيفاد وفد إلى بيروت الإثنين المقبل.

هدف الزيارة، كما لخّصها المتحدث بإسم الصندوق جيري رايس، هو “مناقشة تنفيذ اتفاق على مستوى الخبراء”.

وكان لبنان وقّع في أبريل/نيسان الماضي اتفاقاً أولياً مع الصندوق تقرر بموجبه حصول لبنان على مبلغ يعادل 3 مليارات دولار على أربع سنوات، إنما بعد تنفيذه سلسلة من الإصلاحات وإقراره مشاريع توقف النزيف المالي الذي يعانيه، وتضع اقتصاد البلاد على سكة التعافي.

وقال المتحدث باسم الصندوق في إحاط إعلامية: “نتطلع إلى دعم لبنان بأقصى قوة ممكنة لدينا. إنه وضع صعب”، مضيفاً: “كان هناك تقدم بطيء في تنفيذ بعض الإجراءات الضرورية التي نعتقد أنها لازمة للمضي قدماً في برنامج القرض”، بما في ذلك معالجة فجوة مالية تفوق الـ70 مليار دولار المالية الوطنية. واشار رايس إلى أنّ هذا التأخير “يزيد التكلفة على لبنان والشعب اللبناني”.

كلام رايس أتى بعد يوم على تصريح رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا لدى سؤالها عن تطور المناقشات مع لبنان، حددت فيه شروطاً لمواصلتها. فقالت بما حرفيته: “نحتاج إلى الاعتراف بأن الأمر يتعلق في الأساس بقيود سياسية داخلية، للأسف. لكن الشائع هو أننا لا ندرك تماماً الحاجة الملحة للتعامل مع هذه المشاكل، ونعلم ما يجب القيام به”.

أضافت: “أولاً، نحتاج إلى تلك الشفافية، من فضلك أرني كل شيء، وليس مجرد غيض من فيض”، في اشارة منها إلى عدم وضوح ودقة الأرقام التي ترسل الى الصندوق لإعداد برنامج نهائي مع لبنان، “وثانيًا، نحتاج إلى قواعد توفر معاملة متساوية للدائنين. وثالثًا، نحتاج إلى إعداد تنظيمي يجمع الدائنين معاً. ورابعًا، نحتاج إلى إرادة سياسية في البلدان للعمل مع الدائنين، والعمل معنا، والعمل مع المؤسسات الأخرى، ثم نكون حاسمين في المعاملة المتساوية للجميع”.

وكان لبنان أعلن في مارس/آذار من العام 2020 تخلفه عن سداد مستحقاته من سندات اليوروبوندز، ما أدى الى استحقاق جميع المبالغ دفعة واحدة، والبالغة قيمتها 31 مليار دولار. ولم يصر حتى الساعة الى التفاوض مع الدائنين الدوليين على آلية سداد هذه المبالغ.

وقد غمزت جورجييفا في تعليقها من قناة استمرار عدم التوافق السياسي على خطة شاملة للتعافي المالي والاقتصادي وعلى تلكؤ لبنان في إقرار مشاريع مهمة كمشروع قانون الكابيتال كونترول الذي لا يزال عالقاً في المجلس، ومشروع موازنة العام 2022 الذي يدرسه المجلس حالياً.

موازنة 2022

 

ويشوب مشروع الموازنة هذا الكثير من السلبيات، وهو جاء متأخراً أصلاً بعد انقضاء المهلة الدستورية لمناقشات الموازنات.

إذ كان يُفترض أنْ يُبتّ بمشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022 من قبل المجلس النيابي بحدّ أقصى مع نهاية العقد العادي للسنة الفائتة، أي في 31/12/2021 بحسب المادة 32 من الدستور.

ولإتمام ذلك، كان يُفترض بالحكومة أن تلتزم بالمهل الدستورية المفروضة عليها بموجب المادة 83 من الدستور التي حدّدت موعد إرسال الحكومة لمشروع الموازنة مع بدء العقد العادي لمجلس النواب أي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول.

وهذا يعني انه كان من المفترض أن تكون وزارة المالية اللبنانية راهناً في صدد تحضير مشروع موازنة العام 2023 لرفعه الى الحكومة.

لا رؤية

 

في الاساس، يفتقر مشروع الموازنة الى تصور اقتصادي يشرح سياسة الحكومة وتوجهاتها الاستراتيجية على المدى المتوسط. إذ خلا من تقرير مفصل يعرف بفذلكة الموازنة أو خطاب الموازنة، وهو الذي يتناول الحالة الاقتصادية والمالية في البلاد والمبادئ التي اعتمدتها الحكومة في مشروع الموازنة.

هذا يعني أنه لم يصر الى تحديد التوقعات لنسب النمو المتوقعة ومعدلات التضخم في ظل ما يعانيه العالم، والناتج المحلي الاجمالي ومسار الدين العام ومسألة التفاوض مع الدائنين.

وبالتالي، فان مشروع موازنة العام 2022 يفتقر الى الإطار الماكرواقتصادي العام الذي يجب أن يبيّن تصور الحكومة للفترة المقبلة وتوقعاتها بالنسبة للمؤشرات الاقتصادية.

اليوم الجمعة، تنتهي مسرحية درس الموازنة في المجلس بإقرار لها رغم مساوئها. والهدف من هذا الإقرار (رغم اعترضات معظم النواب عليها) هو استباق وصول وفد الصندوق بإشارة إيجابية إلى جدية لبنان في تطبيق الاصلاحات على اساس مقولة “أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي”.