Share

لماذا لا يجب أن تكون أذكى شخص في فريق العمل

ليس لديك ما تخشاه. ستكتسب الكثير من خلال تعيين موظفين أذكياء
لماذا لا يجب أن تكون أذكى شخص في فريق العمل
موظفين أذكياء

لقد غيّرت جائحة الفيروس التاجي العالم كما نعرفه من نواح كثيرة. الطريقة التي نقوم بها بالأعمال هي واحدة من أهم التغييرات. فقد أصبح العمل من المنزل وترتيبات العمل المرنة هو القاعدة. خلال تفشي الوباء، منح وقت الإغلاق للموظفين الوقت والمساحة لإعادة تقييم ما هو مهم بالنسبة لهم، مما أدى إلى ما يسمى “الاستقالة الكبرى” وتفاقم “الحرب من أجل توظيف المواهب”.

لقد تحولت القوة من أصحاب العمل إلى الموظفين، وبينما يستعد العالم لـ “إعادة الافتتاح الكبرى”، تحتاج الشركات إلى وضع خطط لجذب المواهب والاحتفاظ بها. المؤسسات التي تركز على التأكد من أن موظفيها سعداء ومتحمسون ومحفزون في عملهم سيكونون من بين الأحصنة الرابحة في هذا الواقع الجديد.

الذكاء في التوظيف

 

عند إجراء التوظيف، ينبغي على مدراء الشركات استقدام أشخاص أكثر ذكاءً منهم. من الطبيعي أن تخشى أن يجعلك الموظف الأكثر ذكاءً تبدو أقل شأناً وقد يؤثر ذلك على آفاق حياتك المهنية. وفي هذا السياق، يحذر بعض المديرين من توظيف أي شخص قد يمثل تهديدًا محتملاً لمنصبك. ومع ذلك، يُعد هذا موقف ملتبساً وليس صحيحاً تماماً في الكثير من الأحيان.

من المعروف أن نجاح القادة هو من نجاح فرقهم، ويعد تعيين موظفين استثنائيين مفتاحاً أساسياً لتحقيق أداء متفوق. لا ينبغي أن يخطئ أحدهم ظاناً أن إدارة الأفراد ذوي الأداء العالي قد يقل صعوبة عن إدارة ​​موظفين اعتياديين. ففي معظم الحالات، يكون ذلك أسهل بكثير. كن على ثقة أنه ليس لديك ما تخشاه، لا بالعكس، ستكون حياتك أكثر سهولة عند توظيف الأكفاء والأذكياء.

عندما نستعرض طريقة عمل الشركات، نراها تميل عادةً إلى بناء قرارات توظيف على السير الذاتية والمراجع والخبرة والمهارات عند أجراء المقابلات، إلا أنه لا يمنحك أي منها مؤشرًا حقيقيًا على مدى ملاءمة الشخص لثقافة الشركة. بدلاً من ذلك، المقاربة يتعين أن تكون أن نتعرف على الموظفين المحتملين كبشر.

الأسئلة ثم الأسئلة

 

تتضمن الأسئلة التي يجب مراعاتها ما يلي: هل تتوافق قيم هؤلاء المرشحون مع قيم الشركة؟ هل يتمتعون بالذكاء العاطفي؟ أيضا، هل يعرفون كيف يتصرفون بطريقة صحيحة؟ و هل هم أذكياء وواثقون بما يكفي لتقديم أفكار جديدة إلى الطاولة؟ هذه هي السمات التي يجب على الشركات البحث عنها وتوظيفها. يمكن دائماً تعلّم المهارات الفنية، إلا أن الذكاء والقيم والتصرف الصحيح هي الأمور الأكثر قيمة، لا سيما في البيئة الحالية للعمل.

وفقًا لمجلة هارفارد بيزنس جورنال، تمثل قرارات التوظيف السيئة ما يصل إلى 80٪ من معدل عملية استبدال الموظفين. لتقليل هذا المعدل، قم بتعيين الشخص الأكثر ذكاءً والأكثر أهلية للوظيفة. قد يعني هذا أنه عليك رمي غرورك عند الباب قبل إجراء مقابلة مع مرشح لوظيفة ما. بدلاً من الشعور بالتهديد من قبل المرشحين الأذكياء، يجب أن تكون متحمسًا لما يمكنك التعلم منهم والمنظور الجديد الذي سيقدمونه لمؤسستك.

القادة الذين يتمتعون بالشجاعة الكافية لتوظيف أشخاص أكثر ذكاءً وإبداعًا وموهبة منهم هم من ينشئون ما يُعرف بالدائرة الفاضلة. بالتأكيد سيكون هذا الأمر جيداً بالنسبة إلى الموظف الجديد، كما تشكل معارفهم وخبراتهم وسلوكهم دافعاً مهماً لأداء أي شخص آخر ضمن الفرق التي يتواجدون فيها. الحق يُقال أن الفرق القوية هي ركيزة أساسية للشركات، مما ينعكس بشكل كبير عليك كقائد. لذا، كن على ثقة أنك والشركة تستفيدان من هذا الأمر.

بناء ثقافة مؤسساتية

 

من المهم أكثر من أي وقت مضى بناء ثقافة يشعر فيها الموظفون بالتقدير. فقد وجدت دراسة حديثة في الولايات المتحدة أن 58 بالمائة من الموظفين قالوا إن الوباء أجبرهم على إعادة التفكير في التوازن بين العمل والحياة. وهذا يعني أن الشركات التي ترغب في كسب الحرب من أجل توظيف المواهب قد تحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية تعاملها مع موظفيها. في أيامنا هذه، لم يعد العمال على استعداد لأن يعاملوا مثل الآلات. يتطلع الموظفون اليوم إلى أن يُحترموا وأن يكون لديهم مهنة تمنحهم التحدي وتحقق ذاتهم. القادة الذين يمكنهم خلق بيئة يتم فيها تشجيع الموظفين على التعبير عن أنفسهم سيكونون مفتاحًا للاحتفاظ بالمواهب الجيدة.

في إحدى المقابلات الأخيرة التي أجراها ستيف جوبز قبل وفاته في عام 2011، شبّه شركة “آبل” بشركة ناشئة، شركة يتم فيها تقدير مساهمة الجميع سيمتها العمل الجماعي التي تجعل من الحلم حقيقة.

وفي هذا الإطار، قال جوبز: “روحية العمل الجماعي المثمر تأتي من أعلى هرم الشركة، لتنعكس بدورها على امتداد أقسام الشركة. يعتمد العمل الجماعي على الثقة في الأشخاص الآخرين ليقوموا بدورهم بدون مراقبتهم طوال الوقت”.

ويضيف قائلاً: “إذا أردت تعيين أشخاص رائعين وجعلهم يعملون لأجلك، فعليك السماح لهم باتخاذ بالقرارات من قبل أولئك التي يقدمون أفكار جيدة بغض النظر عن تسلسلهم الهرمي. على أفضل الأفكار أن تفوز، وإلا لن يبقى الأشخاص الجيدين في الشركة”.

نادرًا ما يتم تقييم القادة بناءً على إنجازاتهم الفردية. فعلياً، ما الغرض من تقييمها بشكل فردي؟ عوضاً عن ذلك، يتم تقييم معظم القادة بناءً على قدرتهم على توظيف وتدريب وتحفيز أفرادهم، على المستويين الفردي والجماعي، وكل ذلك ينعكس في النتائج. لهذا السبب بالذات، لا يبدو الأمر سيئًا البتة عند توظيف أفضل الكفاءات وتوجيه طاقتهم بالشكل الأمثل.

صناعة النجوم في المؤسسة

 

من المهم عند تعيين أشخاص أذكياء أن تمنحهم الفرصة للتألق. يتمثل دور أي مدير في خلق الثقافة والظروف التي تمكن الأشخاص في فريقهم من النجاح، إذ يقوم أفضل القادة بتشجيع وتمكين فريقهم لتحمل المزيد من المسؤوليات، ثم الاستماع والرد على أي تحديات أو مخاوف قد تتكون لديهم، وذلك كي يتمكنوا من التركيز على دورهم الأساسي: القيادة. تتمثل مهمة القائد في تقديم رؤية واضحة ومقنعة ومساعدة فريقه على تحقيق أهدافه، وبالتالي تحقيق أهداف الشركة.

لا شك أن أسرع طريقة لتدمير ثقافة المؤسسة ومعنويات الموظفين هي توظيف أشخاص جيدين ثم الفشل في الاستفادة لأقصى حد من مواهبهم. ويعد الاستثمار في الموظفين من خلال تقديم برامج التدريب والتطوير ومسارات واضحة للترقي داخل المؤسسة أمرًا حيويًا إذا ما كانت الشركات تود الاحتفاظ بأفضل مواهبها.

من سمات المؤسسات الناجحة هو تركيزها بشكل كبير على التعلم المستمر ومشاركة المعرفة، مما يمنح الموظفين الشعور بالانتماء وبالتالي الرغبة في الارتقاء بالمؤسسة.

يقول سايمون سينك: “القيادة لا تعني أن تتولى مسؤولية، الأمر يتعلق بالاهتمام من هم تحت مسؤوليتنا”.

عندما تثبت باستمرار قدرتك على بناء وقيادة فرق عالية الأداء وتأسيس سمعة داخل مؤسستك كشخص يمكنه جذب الأفضل وتطويره، فإن حياتك المهنية ستحلّق نحو آفاقٍ أسمى.

وختاماً، يمكننا الاستفادة من مؤسس شركة “ديل تكنولوجيز” مايكل ديل الذي قال: “لا تحاول أبدًا أن تكون أذكى شخص في الغرفة. وإذا كنت كذلك، أقترح عليك دعوة أشخاص أكثر ذكاءً أو البحث عن غرفة أخرى”.