Share

ما أهمية اتفاقية الشراكة الشاملة بين الإمارات وتركيا؟

تعزيز التجارة غير النفطية إلى 40 مليار دولار
ما أهمية اتفاقية الشراكة الشاملة بين الإمارات وتركيا؟
توقيع اتفاقية الشراكة الشاملة بين الإمارات وتركيا

يُتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعتها كل من الإمارات وتركيا، يوم الجمعة، في زيادة  حجم التجارة الثنائية بأكثر من الضعف إلى 40 مليار دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة، وخلق الفرص المشتركة في القطاعات ذات الأولوية.

فالاتفاقية تستهدف إلغاء أو خفض الرسوم الجمركية على 82 في المئة من السلع والمنتجات، أي ما يفوق 93 في المئة من مكونات التجارة البينية غير النفطية.

وتسهم الاتفاقية أيضا بشكل فاعل في مضاعفة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية إلى 40 مليار دولار سنوياً في غضون 5 أعوام، وأن تخلق 25 ألف وظيفة جديدة في البلدين بحلول 2031، وفق ما نقلته وكالة أنباء الإمارات “وام”.

وقفزت التجارة بين الإمارات وتركيا بنسبة 40 في المئة في عام 2022 مقارنة بالعام الذي سبقه. وتظهر البيانات أن الصادرات غير النفطية من الإمارات إلى تركيا بلغت ما قيمته 5.6 مليارات دولار عام 2022، بزيادة 109 في المئة مقارنة بعام 2021، بينما نمت قيمة عمليات إعادة التصدير من الإمارات إلى العالم بنسبة 87 في المئة لتصل إلى 2.3 مليار دولار عام 2022.

وهذا يعني أن تركيا تعد شريكاً تجارياً مهماً للإمارات، وقد تكون بوابة إلى أجزاء من أوروبا. كما أنه من المتوقع أن تولد اتفاقية الشراكة فرصاً مهمة للشركات والمستثمرين في كلا البلدين مجموعة من القطاعات.

وكانت تركيا أعلنت في العام 2021 أن هدفها أن تصبح دولة ذات فائض في الحساب الجاري، مستندة في ذلك إلى حجم صادرات أعلى وتعزيز عائداتها السياحية، وذلك في ظل أسعار فائدة متدنية، رغم ارتفاع التضخم والعملة التي تراجعت مؤخراً.

البيانات الصادرة عن وزارة التجارة تشير إلى أن العجز التجاري في تركيا ارتفع بنسبة 138.4 في المئة في 2022 عن العام السابق إلى110.19  مليارات دولار، رغم زيادة الصادرات بـ”أعلى مستوى على الإطلاق” وفق توصيف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبواقع 13 في المئة إلى 254.2 مليار دولار، لكن الواردات قفزت 34.3 في المئة إلى 364.4 مليار دولار.

وقال البنك الدولي إن الزلزالين الكبيرين اللذين ضربا تركيا الشهر الماضي تسببا في أضرار مادية مباشرة بنحو 34.2 مليار دولار، لكن إجمالي تكاليف إعادة الإعمار والتعافي التي تواجهها البلاد قد تكون أعلى بمرتين.

وقال مدير مكتب البنك الدولي في تركيا هامبرتو لوبيز،  إن البنك يقدر أن الزلازل ستقلل أيضًا ما لا يقل عن نصف نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لتركيا بنسبة 3.5 في المئة إلى أربعة في المئة في عام 2023.

يذكر أنها لست أول اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة (CEPA) تبرمها الامارات. فقبلها وقعت الدولة مع العديد من الدول، أولها مع الهند في فبراير/شباط من العام 2022 والتي تستهدف زيادة التجارة الثنائية غير النفطية إلى 100 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة، تنفيذاً لخططها الاستراتيجية ضمن “مشاريع الخمسين” والتي تتضمن تعزيز شراكاتها الدولية مع الأسواق الاستراتيجية في جميع أنحاء العالم للعمل على تعزيز مكانتها كبوابة رئيسية لتدفق التجارة والخدمات اللوجستية.

وكانت وزارة الاقتصاد الإماراتية أعلنت في وقت سابق عن هدفها وضع اللمسات الأخيرة على مشروع لاتفاقية شراكة شاملة مع جورجيا وكمبوديا في الربع الأول من العام الحالي.

 

مراسم التوقيع

 

وشهد مراسم توقيع الاتفاقية الشاملة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال قمة عقداها عبر تقنية الاتصال المرئي. ووقعها ممثلاً للإمارات وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري ووزير الدولة للتجارة الخارجية ثاني بن أحمد الزيودي. فيما وقعها ممثلاً لتركيا وزير تجارتها محمد موش الذي زار أبوظي الأسبوع الماضي.

وأعلن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في تغريدة على موقعه الرسمي على “تويتر”: “شهدتُ والرئيس (التركي) رجب طيب اردوغان خلال اتصال مرئي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا.. خطوة نوعية في مسيرة علاقات البلدين.. نسعى من خلالها إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بما يعود بالخير والازدهار على الجميع”.

وخلال القمة، قال الشيخ محمد بن زايد إن “توقيع الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقاتنا خلال الفترة الماضية حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40 في المئة عن عام 2021 و112 في المئة عن عام 2020”.

وأشار الشيخ محمد إلى أن تركيا أصبحت الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.

وأكد أن “الاتفاقية تعبر عن الإرادة المشتركة لانطلاق مرحلة جديدة للعلاقات بين بلدينا في مختلف المجالات.. كما ستسهم في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي.. ودفع مسيرة التنمية في البلدين نحو مستقبلٍ مُشرق”.

وأوضح أن الاتفاقية لا تستهدف فقط تحفيز التبادل التجاري والاستثماري والنمو الاقتصادي المشترك، لكنها تؤسس أيضاً لشراكة تنموية حقيقية وبناء مصالح مشتركة وتوطيد علاقات إستراتيجية أكثر قوة ومتانة بين البلدين.

من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: ” نكتب اليوم معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا مع الإمارات”، مشيراً إلى أن الجهود المشتركة للجانبين تستهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخ مشترك.

وأضاف أردوغان أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان والمزايا المهمة التي تضمنتها، مثل تحرير السلع الثنائية والخدمات والتجارة مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتيسير عمل المستثمرين ووضع قواعد لحماية حقوق الملكية الفكرية وفق أعلى المعايير، سيشكل حافزاً لتعزيز التجارة والاستثمارات.

وتابع الرئيس التركي: “سنقطف ثمار هذه الاتفاقية في بلدينا ومنطقتنا خلال فترة زمنية قصيرة مما سيحفز على مزيد من التعاون بين مجتمع الأعمال في كلا البلدين”.

وأشار أردوغان إلى الزلازل التي شهدتها مناطق واسعة من تركيا والدمار الكبير الذي سببته وتداعياتها على نحو 14 مليون تركي يعيشون في هذه المناطق متطلعاً إلى إعادة إعمار هذه المناطق خلال عام وتشييد مبان عالية الجودة وآمنة لمواجهة تحديات السكن في مناطق الزلزال بأكملها.

وصُممت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا بطريقة تحقق المنفعة المشتركة للطرفين وتعمل على تحفيز النمو الاقتصادي طويل الأمد والمستدام والشامل في كلا البلدين، وتحسن الوصول إلى السوق التركية للمصدرين من دولة الإمارات، بما يشمل القطاعات الرئيسية مثل المقاولات والمعادن ومنتجاتها والبوليمرات والمنتجات التصنيعية الأخرى.

وكانت وُضعت اللمسات الأخيرة على الاتفاق في أبوظبي يوم الجمعة خلال زيارة وزير التجارة التركي محمد موش.

وكان البلدان وقّعا اتفاق تعاون في الصناعة الدفاعية وسلسلة من الاتفاقات الاقتصادية في 2022، بعد زيارة الرئيس التركي للإمارات.

وفي العام 2021، أعلنت الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.

وفي هذا الاطار، قال ثاني الزيودي في تصريحات لـ”رويترز” إن “الصندوق الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار يجذب الكثير من الاستثمارات من دولة الإمارات، ولكن في الوقت نفسه، ستفتح اتفاقية الشراكة هذه المزيد من الأبواب، لأنه ستكون هناك آليات مناسبة لاختيار المشاريع والاستثمارات”.

وأضاف “تمتلك تركيا إمكانيات هائلة للنمو. ستكون واحدة من أكبر الاقتصادات الناشئة التي تهيمن على الأسواق العالمية بعد 20 عاما من الآن”.