Share

مبادرة طريق الحرير تشق طريقها عبر الخليج 

كيف تستعد المنطقة لذلك؟
مبادرة طريق الحرير تشق طريقها عبر الخليج 
طريق الحرير

“بكين على أهبة الاستعداد للتحرك وعلى جناح السرعة نحو المنطقة.”هذا ما قالته مديرة برنامج الصين والمديرة المشاركة لبرنامج شرق آسيا في مركز ستيمسون في العاصمة واشنطن و هو خير دليل على أن التنين الصيني يضع في سلّم أولوياته ترسيخ تعاونه مع دول الشرق الأوسط ومجلس التعاون الخليجي وأفريقيا على حدٍ سواء وقد بدأ فعلًا بمخططاته.

وتشكل مبادرة إعادة إحياء طريق الحرير جواز عبور استراتيجي للعملاق الصيني من أجل استعادة نفوذه وحضوره القوي، فبات مصدر رئيسي للاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط، فضلاً عن كونه شريكًا اقتصاديًا اساسيا للعديد من دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

فهل هذا مؤشر لحقبة جديدة تؤسس لقيام نظام تجاري واقتصادي عالمي جديد؟

مصالح متبادلة

 

المصلحة الاقتصادية وتعزيز العلاقات ليست فقط من الجانب الصيني، إذ تسعى دول مجلس التعاون الخليجي بدورها أيضًا إلى توثيق العلاقات مع العملاق الصيني، وذلك بشكل أساسي لتنويع اقتصاداتها المعتمدة على النفط من خلال الاستثمارات الصينية. وأحد الأمثلة الرئيسية على ذلك هو الجهود المبذولة لتمهيد الطريق لاتفاقية التجارة الحرة (FTA) بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي.

ولكن اتفاقية التجارة الحرّة ليست يتيمة، إنما استثمارات كبيرة ومعاهدات ومبادرات ضخمة قد عقدت بين دول المجلس والصين إضافة الى دول منطقة الشرق الاوسط وأفريقيا تدخل في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.

ما هي هذه المبادرة؟

 

تقوم المبادرة على إعادة إحياء طريق الحرير القديم الذي ربط الصين بالعالم في القرن التاسع عشر، الذي كان له دور كبير في ازدهار العديد من الحضارات القديمة.

وتهدف إلى توسيع التجارة العالمية من خلال إنشاء شبكات البنية التحتية من الطرق والموانئ والتعليم ومواد البناء والسكك الحديدية والطرق السريعة والسيارات والعقارات وشبكات الطاقة والمرافق الأخرى عبر بلدان عديدة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، لتصبح أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية.

ولكن الصين لم تطرح مبادرة “طريق الحرير” أو ما يعرف بـ “الحزام والطريق” إلا بعد أن فعّلت كل أدواتها الدبلوماسية عالميًا وإقليميًا لتوفير أسباب نجاح هذا المشروع، واتخذت في سبيل ذلك عدة إجراءات لا سيما تجاه الدول العربية، كاتفاقات ونشاط دبلوماسي وثقافي استثنائي لم تشهده المنطقة سابقًا.

استثمارات

 

وبعدما هيّأت الارضيّة، شجعت الصين 21 دولة عربية في مشروع “الحزام والطريق” الذي تبلغ تكلفته تريليونات من الدولارات لإحياء طريق الحرير الأسطوري من أجل نقل سلعها وبيعها إلى أسواق أوروبا وأفريقيا، اذ يمر ثلثا صادراتها إلى هذه القارات الآن عبر البنى التحتية التي بنتها دول الخليج.

فاستثمرت بكين 10.5 مليار دولار في عام 2021 في مشاريع الطاقة والمرتبطة بهذه المبادرة في العراق، ثالث أكبر مورد للنفط للصين بعد المملكة العربية السعودية وروسيا.

أما مصر التي تعد محطة مهمة للمبادرة، فقد وقع البلدان في عام 2018 عدة عقود بقيمة 18 مليار دولار. كما تشارك بكين في العديد من مشاريع البنية التحتية، من بينها العاصمة الإدارية للقاهرة الجديدة ومنطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر في العين السخنة.

كما أن المغرب عقد اتفاقيات أيضًا مع الصين في سياق المبادرة لتعزيز التعاون بين البلدين.

الخليج

 

تعتبر السعودية بوابة العالم العربي في مبادرة “الحزام والطريق” (BRI). والشريك الأول للصين في المنطقة، بحجم تبادل تجاري بينهما يصل إلى 70 مليار دولار، ومن المتوقّع أن يصل إلى 100 مليار دولار.

وتولي الامارات أهمية خاصة للمبادرة، وخاصة أنشطتها البحرية، وتعدها فرصة مواتية لتطلعاتها التنموية والاستثمارية إقليمياً ودولياً. وقد ضخت الإمارات عشرة مليارات دولار في صندوق استثمار صيني- إماراتي مشترك لدعم مشاريع المبادرة في شرق إفريقيا، ووقعت أكثر من 13 مذكرة تفاهم مع الصين للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.

كما ارتقت العلاقات الصينية- الكويتية إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية”، ما أثمر عن توسيع التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والمجال الأمني ومكافحة الإرهاب.

وتعوّل المنامة على مبادرة “الحزام والطريق”لتحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

كما تعتبر قطر شريكاً مهماً في المبادرة، التي تتسق مع الرؤية الوطنية القطرية 2030. ووسعت المبادرة أيضاً من نطاق الاستثمارات الصينية في مجال الغاز القطري، وكذلك الاستثمارات القطرية في الصين في مجالات متنوعة.

وتتناسب المبادرة مع إعادة الهيكلة الاقتصادية التي تجريها سلطنة عمان منذ 2011 لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط.

نمو متوقع

 

ومن المرجح أن ينمو طلب دول الشرق الأوسط والخليج على المنتجات والخدمات الصينية بدلاً من الانخفاض، وعلى عكس العديد من البلدان الأفريقية التي اعتمدت بشكل كبير على القروض الصينية لدعم تطوير بنيتها التحتية المحلية، تتمتع دول الشرق الأوسط والخليج بوضع مالي أفضل، وبالتالي لا تحتاج إلى اقتراض الأموال من الصين لدعم النمو المحلي.

وخلال النصف الأول من عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين دول الخليج العربي والصين 103.8 مليار دولار بنسبة زيادة بلغت 35.6 في المئة عن نصف العام السابق، وبلغ حجم الواردات الصينية من دول الخليج 63 مليار، وحجم الصادرات الصينية  40.8مليار دولار أمريكي بزيادة بلغت نسبتها 29 في المئة.