Share

مصر “تصطاد” العملات الأجنبية لدعم اقتصادها

شركة مخصصة لاستقبال استثمارات المصريين العاملين في الخارج
مصر “تصطاد” العملات الأجنبية لدعم اقتصادها
مصر و الدولار

تدرس الحكومة المصرية خيارات عديدة من أجل استقطاب العملات الأجنبية الى البلاد، لاسيما مدخرات المصريين في الخارج مع تناقص احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي وفي ظل شح الدولار في السوق، وذلك لسد فجوة الطلب على السلع الأساسية. فضلاً عن دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة التي تعتمد على الدولار.

أحد هذه الخيارات إنشاء شركة تكون مهمتها استقبال استثمارات المصريين العاملين في الخارج وضخها في مشاريع داخل مصر.

وبلغت تحويلات المصريين العاملين في الخارج 21 مليار دولار يناير/كانون الثاني حتى أغسطس/آب الماضي، وهي أقل بنحو 500 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وكانت بلغت 31.9 مليار دولار في السنة المالية 2021/2022.

وبات خيار انشاء الشركة الذي كانت أعلنت عنه الحكومة في سبتمر/أيلول الماضي، في مراحله النهائية. إذ تعمل الجهات المختصة في مصر حالياً على إنجاز خطواته التنفيذية وتحديد أهم الفرص الاستثمارية التي يسمح للمصريين في الخارج الاستثمار فيها.

وسيصار إلى إدراج الشركة في البورصة المصرية، بحيث يتمكن المصريون المقيمون في الخارج من الاستثمار فيها من خلال شراء أسهمها أو الاستثمار الخاص بها.

وتم إنشاء وحدة خاصة بالمستثمرين المصريين بالخارج للتعامل مع الراغبين في إطلاق مشاريع استثمارية في مصر ومساعدتهم بشكل إيجابي في التغلب على العقبات التي يواجهونها عند الحصول على الخدمات.

مبادرات عدة

 

وكانت الحكومة المصرية أعلنت أنها تعمل على مبادرة للمغتربين تتمثل بطرح وحدات سكنية مميزة، وبأسعار تنافسية، وتخفيضات جذابة، شرط دفع ثمن هذه الوحدات العقارية بالدولار.

كما صدّق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على قانون ينص على إعفاء السيارات التي يستوردها المصريون المقيمون في الخارج من مختلف الرسوم والجمارك والضرائب، مقابل إيداع مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية مساوٍ لقيمة تلك الرسوم لصالح وزارة المالية.

وأعلنت مصر كذلك في وقت سابق هذا العام، عن خطة واسعة لخصخصة أصول حكومية تصل إلى 24 مليار دولار.

الأوضاع المالية غير مستقرة

 

رغم خفضين كبيرين لقيمة الجنيه المصري هذا العام وحزمة إنقاذ جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، إلا أن الأوضاع المالية لمصر لا تزال غير مستقرة.

وكان وزير المالية محمد المعيط كشف سابقاً تخارج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الأجنبية الساخنة

من سوق الأوراق المالية منذ الحرب الروسية – الأوكرانية.

وذكرت وكالة “فيتش للتصنيف الإئتماني هذا الشهر، أن تضخم عجز الحساب الجاري لمصر، ومدفوعات الديون الدولية البالغة 33.9 مليار دولار المستحقة على مدى ثلاث سنوات حتى منتصف عام 2025، تجعل مصر عرضةً للخطر.

ومن المتوقع أن تنفق مصر أكثر من 41 في المئة من إيراداتها على مدفوعات الفائدة على ديونها في العام المقبل.

وانخفضت احتياطيات المصري المركزي المصري إلى أقل من 32 مليار دولار بحلول أكتوبر/تشرين الأول، من 35 مليار دولار في مارس/آذار و40 مليار دولار في فبراير/شباط.

ولا تزال أصول المصرف المركزي المصري أقل بكثير من مستواها في فبراير/شباط 2022 حين بلغت 9 مليارات دولار.

شح الدولار

 

ومع وجود كميات محدودة جداً من الدولارات وغيرها من العملات الأجنبية المتاحة في مصر، لا يزال المستوردون يواجهون مشكلات في تمويل السلع من الخارج بسبب تراجع المصارف عن فتح اعتمادات مستندية جديدة لهم أو مستندات تحصيل، مما يخلق اختناقات للمصانع وتجار التجزئة.

في غضون ذلك، يبدو أن تجار العملات الأجنبية مقتنعون بأن سعر الصرف سيكون 28 مقابل الدولار في هذا الوقت من العام المقبل. وقد وضع مصرف “نومورا” الياباني مصر على رأس قائمة البلدان المعرّضة بشدة لخطر أزمة العملة.

وقال الخبير الاقتصادي في مصرف “غولدمان ساكس” فاروق سوسة لـ”رويترز” إن تراكم طلب الشركات على النقد الأجنبي وشح السيولة في النظام سيستمران في دفع الجنيه إلى التراجع إذا سُمح له بالتداول بحرية.

أضاف سوسة: “تشير نماذج التقييم الأساسية إلى أن الجنيه مقوّم بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة تصل إلى 10 في المئة في الوقت الحالي”. بينما قال جيمس سوانستون من “كابيتال إيكونوميكس” إن الجنيه ربما كان يجب أن يضعف إلى ما لا يقل عن 25 مقابل الدولار لاحتساب فرق التضخم مع شركاء مصر التجاريين الرئيسيين.

وكانت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي استمرت سبعة أشهر وأدت إلى ثاني خفض كبير لقيمة العملة هذا العام. فيما يواصل المصرف المركزي السماح للجنيه بالضعف بشكل متزايد بمقدار 0.01 أو 0.02 جنيهاً في كل يوم تداول.

واستضافت مصر مؤخراً مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب 27) الذي قدم فوائد مباشرة في شكل تعهدات، بما في ذلك تعهدات من الرئيس الأميركي جو بايدن، لمنح مصر دعماً مالياً للانتقال إلى الطاقة الخضراء. كما استفادت مصر من عائدات الخدمات السياحية التي وفرتها أثناء انعقاد المؤتمر بين 8 نوفمبر/تشرين الثاني و18 منه.