Share

هبوط أميركي ناعم مستبعد.. والركود التضخمي يطرق الباب

جيروم باول يؤدي اليمين الدستورية لولايته الثانية
هبوط أميركي ناعم مستبعد.. والركود التضخمي يطرق الباب
باول يؤدي اليمين الدستورية

أدى جيروم باول يوم الاثنين اليمين الدستورية لولايته الثانية كرئيس لمجلس محافظي مصرف الاحتياطي الفدرالي.

وكان الرئيس الاميركي جو بايدن أعاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ترشيح باول، وهو ما تم التصويت عليه في مجلس الشيوخ في 12 مايو/أيار الحالي. وتنتهي ولايته الجديدة كرئيس في 15 مايو/أيار 2026  وكعضو كعضو في مجلس الإدارة في 31 يناير/كانون الثاني 2028.

يلقي العديد من الإقتصاديين اللوم على باول بأنه أساء تقدير مسار التضخم وتداعياته في العام الماضي حين كان يصر على أن معدلات التضخم المرتفعة مؤقتة ولا تستدعي اجراءات فورية لاحتوائها. لكن التضخم بلغ مستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ 40 عاماً.

وفي الجدال الدائر اليوم، أن التضخم المرتفع ليس في الولايات المتحدة فقط إنما في كل دول العالم بسبب التدابير المتخذة أثناء جائحة كورونا والاضطرابات في سلاسل التوريد ومن ثم الحرب الروسية – الاوكرانية. لكن هذا التضخم كان أسوأ بكثير في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإنفاق المفرط الذي تم إقراره في أوائل عام 2021 عبر خطة الإنقاذ الاميركية. وللتذكير،  كان باول من المشجعين الدائمين لمبلغ 2 تريليون دولار، والذي حذر الكثيرون من أنه قد يتسبب في حدوث تضخم – خاصة وأن الاحتياطي الفدرالي أعلن أنه سيواصل سياسته النقدية المتكيفة بشكل مفرط مع عدم وجود نهاية في الأفق.

وحتى عندما أقر باول في نهاية العام 2021 بوجود تضخم وبخطره، لم يفعل الكثير حيال ذلك. بمعنى أن الاحتياطي الفدرالي لم يقر فوراً وقفاً لسندات الخزانة التي تضخمت محفظتها بشكل كبير حتى مارس /آذار الماضي. وإن فعل ذلك منذ بداية العام لكانت هذه المحفظة تقلصت وساعدت الى حد ما في تدابير احتواء التضخم.

كما أن الاعلان عن زيادات صغيرة في أسعار الفائدة لم تساعد هي الاخرى في لجم مسار التضخم الى أن اضطر الاحتياطي الفدرالي في جلسته الاخيرة الى الاعلان عن زيادة نصف نقطة مئوية في اجتماع هذا الشهر، و”سيواصل الدفع” باتجاه تشديد السياسة النقدية حتى يصبح واضحاً أن التضخم يتراجع نحو مستوى صحي، وفق ما قاله باول نفسه.

الهبوط الناعم

 

ومن توصيف “التضخم المؤقت” الى “الهبوط الناعم”، وهو تعبير أطلقه باول حين أعرب عن ثقته في قدرة الاحتياطي الفدرالي على ضمان “هبوط ناعم” للاقتصاد يسمح بـ”ضبط التضخم بدون التسبب بانكماش”. كان يقصد بهذا أن الطلب سيقترب أكثر من العرض، الذي بدوره يمكن أن “يخفّض الأجور، ويخفّض التضخم من دون الحاجة إلى إبطاء الاقتصاد وأن يكون هناك ركود وزيادة البطالة فعليا”.

والسؤال هنا كيف سيتمكن مجلس الاحتياطي الفدرالي من تحقيق مراده الوصول بالتضخم الى المستوى المستهدف وهو 2 في المئة (اليوم تخطى الـ8 في المئة) من خلال تقليص النشاط في سوق العمل فقط؟

“جي بي مورغان”: 33% فقط فرص الهبوط الناعم

 

وقال الرئيس التنفيذي لـ”جي بي مورغان” جايمي ديمون إن فرص الاحتياطي الفدرالي في تحقيق “هبوط ناعم” للاقتصاد الأميركي – حيث يتم كبح التضخم دون التحريض على الركود – تبلغ 33 في المئة فقط.

أضاف ديمون في مقابلته لـ”بلومقرغ”: “إذا استطاعوا، سيحاولون إبطاء الاقتصاد بدرجة كافية حتى يبدأ الـ8 في المئة في الانخفاض بمرور الوقت.. أتمنى لهم الأفضل. لقد تأخرنا بعض الشيء، لكن تذكر، قبل عامين، كان لدينا 15 في المئة بطالة ولا لقاح”. وهكذا، تحت أنظار رئيس مجلس الإدارة ، تسارع التضخم.

وقال رئيس أبحاث الاقتصاد العالمي في “بنك أوف أميركا”، إيثان هاريس: “لا أعتقد أنه يمكن أن يكون لديك هبوط معتدل تماماً للاقتصاد في هذه المرحلة، إذ ينخفض التضخم لكن البطالة لا ترتفع، وبالتالي إما أن يكون لدينا اقتصاد ضعيف أو نعاني ركوداً”.

ربما كان أبرز منتقدي الاحتياطي الفدرالي، محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في “أليانز” ورئيس كلية كوينز في كامبريدج، إنكلترا ، قد دعا مسؤولي المصرف المركزي إلى رفع أسعار الفائدة ومكافحة التضخم المتزايد منذ شهور، بحجة ان الولايات المتحدة في خضم “أزمة تكلفة المعيشة”.

العريان يرى أن لا مفر من التضخم المصحوب بركود. “لقد رأينا النمو ينخفض ​​وشاهدنا التضخم لا يزال مرتفعا، والاحتياطي الفيدرالي يلحق أخيرًا بالتطورات على الأرض، ولكن لا يزال أمامه بعض الطريق ليقطعه”.

كما يرى أنه كان بالامكان تجنب الارتفاع الحالي للركود التضخمي لو تصرف الاحتياطي الفدرالي بشكل أسرع. وهو يتوقع الا يكون الاحتياطي الفدرالي قادرا على تحقيق هبوط ناعم مع انه يشدد على أنه لا يزال من الممكن تجنب الركود.