Share

هل يحل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مشكلات مصر؟

"ستاندرد آند بورز" تؤكد تصنيف مصر عند B   مع نظرة مستقبلية مستقرة
هل يحل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مشكلات مصر؟
يستمر الجنيه المصري في التراجع وبلغ أدنى مستوياته على الإطلاق الأحد

“إن الأولوية هي التركيز على كبح جماح التضخم، وليس سعر العملة المحلية”. هذا ما أعلنه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الأحد في ما يبدو أن التباين لا يزال واسعاً مع صندوق النقد الدولي حول مرونة سعر الجنيه المصري.

فكلام مدبولي خلال افتتاحه “المؤتمر الاقتصادي مصر 2022: خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية”  برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، جاء في وقت أعلن صندوق النقد الدولي تقدماً كبيراً في المحادثات مع مصر. إذ قال الاسبوع الماضي إن اتفاقاً بشأن قرض جديد بات وشيكاً.

وقالت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا إن الطرفين ما زالا يعملان على تفاصيل فنية أصغر، لكن هذه “ليست مسائل تافهة وتتعلق بسياسات سعر الصرف المصرية”.

صحيح أن تفاصيل صفقة صندوق النقد الدولي لا تزال غير واضحة، لكن الصندوق يريد انتزاع التزام من مصر بالسماح للعملة بالتحرك بحرية مقابل العملات الأجنبية، لإعطاء القطاع الخاص مساحة أكبر للمشاركة في الاقتصاد وبيع أصول الدولة بقوة.

ويبدو من كلام مدبولي أن التباين لا يزال قائماً مع الصندوق في هذه النقطة، علما أن وزير ماليته محمد معيط قال الأسبوع الماضي “نحن مع مرونة سعر صرف الجنيه المصري إذا اقتضت الضرورة”.

ويستمر الجنيه المصري في التراجع وبلغ أدنى مستوياته على الإطلاق الأحد إذ تسجل حالياً 19.71 جنيهاً مقابل الدولار، بحسب بيانات المصرف المركزي المصري، وسط زيادة كبيرة في الطلب على العملة الأجنبية ونقص بالمعروض.

وأظهر استطلاع أجرته وكالة” رويترز” أن العملة المصرية ستضعف بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 21.16 مقابل الدولار بنهاية السنة المالية الحالية، و22.08 بنهاية السنة المالية المقبلة.

وكانت مصر بدأت في مارس/آذار محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم مالي، بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية التي دفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب ما يقرب من 20 مليار دولار من أسواق الخزانة المصرية في غضون أسابيع.

ويستمر التضخم في التسارع في مصر. إذ ارتفع خلال سبتمبر/أيلول الماضي لأعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وسجّلت أسعار المستهلكين في مصر 15 في المئة على أساس سنوي، مقابل 14.6 في المئة في أغسطس، فيما قفز التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار السلع الأكثر تقلّباً، إلى 18 في المئة.

وأكدت وكالة “ستاندرد آند بورز”، تصنيف مصر عند B  مع نظرة مستقبلية مستقرة، مستندة في قرارها الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة إلى “توقعها باستمرار الالتزام بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي من شأنها أن تدفع بالنمو الاقتصادي المدعوم بزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي” وفق ما أعلن وزير المالية المصري محمد المعيط.

ولكن هل يحل الاتفاق مع صندوق النقد مشكلات مصر؟

يقول “أكسفورد إيكونوميكس” “إن قرضاً آخر من صندوق النقد الدولي لن يحل بالضرورة المحنة الاقتصادية المصرية المتكررة، إلا إذا صاحبه التزام حكومي قوي بالإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الليبرالي.”

وأكملت المؤسسة التي تتخذ من لندن مقرًا لها: “كثيرًا ما نرى حماسة قوية تجاه أجندة الإصلاحات الهيكلية في الفترات التي تسبق الاقتراض من صندوق النقد، إلا أن هذه الحماسة والالتزام يضعف بعد ذلك، وفي حال أرادت الإدارة المصرية تحسّن اقتصادها، سيكون عليها الالتزام بشكل صارم بالتعديلات الهيكيلية بغض النظر عن وجود صندوق النقد في الصورة أو عدم الحاجة إليه.”

وجاء ضمن التقرير الذي اطلع عليه “إيكونومي ميدل إيست”، أن القرض قد يقويّ بدوره من المكانة مصر الاقتصادية الخارجية، إلا إنه لن يكون كافيًا لسد العجز في التمويل الخارجي لمصر، والمقدر بنحو 40 مليار دولار في الوقت الحالي. وأشار إلى أن قيمة القرض ستتراوح بين 3 مليارات دولار و6 مليارات حسب المصادر المختلفة من مصر والصندوق.

وقال التقرير: “في كثير من الأحيان، رأينا هذه الإصلاحات تسقط عن الرادار خلال الأوقات الجيدة – عندما ترتفع تدفقات المحفظة، وتزداد احتياطيات العملات الأجنبية… الآن، الأوقات عصيبة، ليس فقط بالنسبة للمصريين ولكن لبقية العالم أيضًا، مما يعني أن السلطات المصرية فقدت القدرة على المساومة والمخاطر أكبر.”

وأوصى التقرير “بتحول بطيء لكن مخطط له” نحو مرونة العملة من أجل التخفيف من الأثر الاجتماعي للتضخم الناتج.

وحذرت “فيتش سولييوشنز” التابعة لوكالة “فيتش” يوم الأحد من أن ضعف الجنيه المصري أكثر من المتوقع قد يحفز التضخم ويزيد العبء على الاستهلاك المحلي مما قد يدفع النمو إلى التباطؤ بين 3.3 و3.8 في المئة في 2023/2022.

وفي ما يتعلق بالتضخم، قالت إنه سيظل في خانة العشرات، مما سيؤثر على الطلب المحلي ويبطئ النشاط الاستثماري.

وتوقعت “فيتش سولييوشنز” أن يقوم المصرف المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، مؤكدة أن ارتفاع تكلفة خدمة الدين وتباطؤ النمو الاقتصادي سيقلل من عزم المصرف المركزي على التضييق النقدي القوي.

واستبعدت أن تعود إيرادات السياحة أو عدد السياح الوافدين إلى مستواها القياسي 2018/2019 حتى العام المالي 2024/2023.

يأتي ذلك بعد أيام من توقعات مماثلة من قبل مصرف “بي إن بي باريبا”، توقع فيها أن يصل معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 4.5 في المئة خلال السنة المالية الحالية، وأن يبلغ معدل التضخم 14.5 في المئة.