Share

هل يفتح انسحاب “نوفاتك” الروسية الباب لاستئناف التنقيب في مياه لبنان؟

الوسيط الأميركي في بيروت الاسبوع المقبل
هل يفتح انسحاب “نوفاتك” الروسية الباب لاستئناف التنقيب في مياه لبنان؟
خارطة البلوكات الاقليمية للبنان

قبل نحو شهرين من انتهاء مهلة الاستكشاف الأولى، أرسلت شركة “نوفاتك” الروسية، كتاباً إلى وزارة الطاقة اللبنانية أبلغتها فيه انسحابها من كونسورتيوم الشركات المتعهدة الانشطة النفطية في الرقعتين (البلوكين) 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، وأنها لم تعد ترغب في الاستمرار بالتزاماتها التعاقدية من ضمن حصّتها البالغة 20 في المئة من العقد.

وكان لبنان وقع في العام 2018 ووقع لبنان أول عقوده للتنقيب والإنتاج للنفط والغاز في منطقتي امتياز في الرقعتين 4 و9 مع تحالف يضم شركات “توتال إنرجيز” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية. وبحسب العقد، تقود الشركة الفرنسية التحالف، وهي ستتولى تشغيل المشروع الذي تبلغ حصتها فيه 40 في المئة مقابل 40 في المئة لـ”إيني” و20 في المئة لـ”نوفاتك”.

وفي العام 2020، توقفت أعمال التنقيب بعد الفشل في العثور على كميات تجارية في البلوك الرقم 4 ، في ظل نزاع حدودي مع إسرائيل، تتوسط الولايات المتحدة بين الطرفين للتوصل إلى تسوية حوله.

ويقع البلوك رقم 4 قبالة شواطئ كسروان في جبل لبنان، في حين يشكل البلوك رقم 9 حساسية كبيرة كونه يقع في جنوب لبنان ويدخل في إطار النزاع الحدودي بين لبنان واسرائيل. ويقول لبنان إن هذا البلوك يقع من ضمن مياهه الإقليمية والاقتصادية، فيما تزعم إسرائيل أن لها الحق في جزء من مساحة هذه الرقعة.

وتقول مصادر في وزارة الطاقة اللبنانية إن “نوفاتك” بررت خطوتها بأن العقوبات الاميركية المفروضة على روسيا انعكست عليها سلباً، ولم يعد باستطاعتها القيام باي تحويلات مالية الى خارج روسيا. وهو أمر منطقي، سيما وأن صفة “نوفاتك” في التحالف هي كشريك استثماري وليس تقنياً.

وفي تعليقه هلى قرار الشركة الروسية، أعلن وزير الطاقة اللبناني وليد فياض أنه رغم إبلاغه وهيئة إدارة قطاع البترول بقرار الانسحاب، فإان هذا الإبلاغ يضمن الإجراءات الآيلة إلى المحافظة على الاتفاقيتين القائمتين بين الدولة اللبنانية وصاحبَي الحق الآخرين، بمن فيهما المشغّل، ولفت إلى أن المشغل، أي ـتوتال”، سوف ينفذ الأنشطة النفطية في الرقعة رقم 9 وفقاً لخطة الاستكشاف الموافَق عليها من قبل الوزير بالاستناد إلى رأي هيئة إدارة قطاع البترول.

هل من أبعاد؟

 

لكن قرار الشركة الروسية بالانسحاب أثار تساؤلات كثيرة حول أبعاد هذا الإجراء، وقلقاً من أن يؤثر على عمليات التنقيب.

فهل يكون “قرار التصفية” أتى بعد التشاور بين الشركات الثلاث في ظل الضغوط التي تواجهها الشركة الروسية من قبل الولايات المتحدة بسبب الحرب الروسية – الاميركية وكي يتسنى لـ”توتال” و”إيني” مواصلة الاعمال المطلوبة منهما؟ أم جرت “تسوية” بين الشركات الثلاث خوفاً من تعرض “توتال” و”إيني” لعقوبات أميركية بسبب تعاملهما مع الشركة الروسية؟ وهو أمر عالي الاحتمال سيما وأن كلاً من “توتال” و”إيني” أرسلتا كتباً متشابهة المضمون الى وزارة الطاقة عقب كتاب “نوفاتك” أكدتا فيها أنهما ستواصلان التزاماتهما التعاقدية بشأن الاستكشاف في الرقعتين 4 و9، وأنهما مستعدتان للنقاش في ما خصّ حقوق الآخرين في التحالف.

وهل سيفتح انسحاب “نوفاتك” هذا الباب أمام بدء أعمال التنقيب حيث تتولى “توتال” عملية التنقيب في حين أن مهمة “إيني” هي في إطار الاستخراج؟ وهل سنرى قريبا دولة أخرى تسعى للحلول محل الشركة الروسية؟

مع الاشارة الى ان “توتال” تتعرض حالياً لضغوط من الحكومة الفرنسية التي تطالبهاب توضيح ما إذا كانت “متورطة” في تزويد الجيش الروسي بوقود الطائرات المقاتلة في إطار مشروع محلي مشترك. وتبقي “توتال” على أصولها في روسيا على عكس منافسيها الغربيين الرئيسيين رغم الانتقادات. وهي تقول إنها لم تُشغل بنية تحتية كانت ستزود الجيش الروسي بالوقود وليس لديها علم بأن شركاءها التجاريين ربما ينتجون أي وقود طائرات.

الوسيط الاميركي

 

ويأتي قرار “نوفاتك” في وقت يجري التفاوض بشكل غير مباشر بين لبنان واسرائيل من أجل ترسيم الحدود البحرية عبر الوسيط الاميركي هاموس هوكشتين الذي يتوقع ان يكون في لبنان الأسبوع المقبل لإبلاغ الجانب اللبناني برد اسرائيل على مطالب بيروت من أجل التوصل الى ترسيم للحدود البحرية.

وكانت اسرائيل استقدمت في السادس من يونيو/حزيران الماضي سفينة لاستخراج الغاز من حقل كاريش المتنازع عليه. فسارع لبنان الى طلب وساطة الولايات المتحدة، حيث عملت واشنطن على الفور على إيفاد خبير الطاقة هموس هوكشتين.

وهناك تعويل كبير على أن الايرادت المتوقعة من استخراج الغاز في لبنان قد تحل أزمته المالية الحادة. ففي الثالث من يونيو/حزيران، أصدر الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف، بياناً دعا فيه الى تحويل 20 في المئة من أي عائدات مستقبلة للنفط والغاز الى صندوق خاص لسداد أموال المودعين المختفية.

لكن مؤسسة “تريانغل” المتخصصة في متابعة صنع السياسات والبحوث والاعلام قالت في دراسة لها إن ما تدعو اليه النخبة السياسية والمالية في لبنان هو الى “عد الفراخ قبل أن يفقس البيض”، أي جني الأموال من الاحتياطيات غير المثبتة، وهي لعبة خطيرة. اضافت “ففي حين توجد بعض الأدلة على احتياطيات هيدروكربونية الا أنه حتى الآن لم يتم العثور على كميات مجدية تجارياً. وسوف يستمر قاع المحيط في تخبئة ثرواته الى أن تواصل شركات النفط والغاز استكشافها ربما يوماً ما في المياه اللبنانية”.

ويكرر المسؤولون اللبنانيون دعوتهم شركة “توتال” لاستئناف أعمال التنقيب في المياه الاقتصادية اللبنانية. وانتشرت معلومات منذ حوالي الاسبوعين أن فريقاً من الشركة الفرنسية حجز 150 غرفة في فنادق بيروت في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من أجل بدء العمل. فهل يكون العام 2023 عاماً ايجابياً للبنان؟