إعادة عقارب شيخوخة الدماغ إلى الوراء

أن تصاب بالخرف فكرةٌ تبعث على الذعر. نرى ذلك يحدث للعائلة والأصدقاء. كما قد نصادف غرباء أصيبوا بهذا الاضطراب الدماغي. إنه لشعورٌ مربك حقاً.

يمكن لذلك أن يحدث لنا، ببساطة. هل تجد مشكلة في استذكار الأسماء؟ هل تعاني في إيجاد الكلمات المناسبة؟ إذا كانت الإجابة على هذين السؤالين بـ”نعم”، ندعوك لمواصلة القراءة.

دماء شابة

اكتشف عالم الأعصاب في جامعة “ستانفورد” توني ويس-كوراي وزملاؤه مواد في خلايا الدم من شأنها تسريع أو إبطاء شيخوخة الدماغ. واكتشف العلماء البروتينات الموجودة على أسطح الأوعية الدموية التي تستخدمها الجزيئات لتؤثر على عمل الدماغ . وأظهرت الاختبارات أن الفئران الأكبر سنًا بدَت أكثر حيوية بعد تلقيها السائل المتواجد في نخاع صغار الفئران.

تبدأ مشاكل الشيخوخة الدماغية بالظهور بعد سنّ الخمسين أو الستّين. يبدأ الأمر بالنسيان، وعدم القدرة على استحضار أسماء الأشخاص ومواقع الأماكن المألوفة.

يتمتع واحدٌ من بين كل ثلاثة معمّرين بالقدرة على مقاومة التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في السنّ. يفتح ذلك الباب أمام محاولة فهم الطريقة التي تشيخ بها الأدمغة وتتدهور معها القدرات المعرفية.

تؤكد الاختبارات أن الأعداد الهائلة للبروتينات الدماغية تخضع لتغييرات ملحوظة بين العامين العشرين والتسعين من العمر، الأمر الذي يثير حيرة العلماء عمّا إذا كانت هذه التغييرات هي المسؤولة عن شيخوخة الدماغ، أم أنها مرتبطة بها على نحو غير مباشر.

وفي محاولة للعثور على إجابات على تلك التساؤلات، قام الخبراء بعملية ربط جراحية لجهاز الدورة الدموية لفأرين ذي أعمار متفاوتة. ووجد الباحثون أن الفئران المسنّة التي تلقت دماء تابعة لفئران شابة، استعادت بعضاً من حيويتها، وظهرت لديها أنواع جديدة من الخلايا العصبية، بالإضافة إلى أنها شهدت زيادة في نشاط الخلايا العصبية، كما انخفضت لديها حدّة الالتهابات الدماغية.

وبحسب الفحوصات التي تم القيام بها لاختبار القدرات المعرفية، تسبب الحقن الوريدي المتكرر للبلازما الشابة بتعزيز ذكاء الفئران المسنين. في المقابل، عانت الفئران اليافعة التي جرى حقنها بدم فئران مسنّة، من شيخوخة دماغية متسارعة، فضلاً عن تدهور لافت على صعيد القدرات الإدراكية.

وفي التجارب السريرية، أظهرت حقن البلازما اليافعة للبشر فوائد كبيرة لمرضى الزهايمر.

وبينما لا يزال من المبكر الخروحج باستنتاجات وأحكام مطلقة حول هذا الأمر، لا يسع الاختبارات البشرية سوى تقديم بعض من التفاؤل لتكرار النتائج التي تم إجراؤها على الفئران. وفي هذا الإطار، تبيّن أن بروتينات معينة أثبتت فعالية كبيرة في تأخير فقدان الكتلة العضلية، بينما ساعدت أخرى على تعزيز قدرة الوظائف الدماغية.

وبعيداً من هذه التجارب، برز الإجهاد كأحد أكثر العوامل ضرراً التي يمكن أن تؤدي بشكل غير مباشر إلى تسريع عملية الشيخوخة.

بروتينات لمكافحة الزهايمر

يقترب الباحثون من إيجاد طرق مبتكرة من شأنها التخلص من البروتينات الدماغية الضارة التي تعزز فرص الإصابة بأمراض معرفية، وعلى رأسها الزهايمر.

يعتقد الخبراء أن مرض الزهايمر ينجم عن بروتينات “أميلويد بيتا” التي تتراكم في الدماغ على شكل كتل. يمكن أن يساعد حقن كميات كبيرة من بروتين منفصل يُسمّى “أكوابورين 4” في القضاء على هذه الكتل.

وبحسب دراسة تمّ نشرها على موقع “سي أن أن”، تبيّن أن إرسال تيارات كهربائية إلى الشطرين المسؤولين عن تخزين واستدعاء المعلومات في الدماغ، ساعد في تعزيز الاستدعاء الفوري للكلمات لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. 

تبدو النتيجة الأولية واعدة  ومشجّعة على استكشاف المزيد حول استخدام الأساليب الإلكترونية الحيوية لمعالجة اضطرابات دماغية مثل مرض الزهايمر.

ويجري اليوم تطبيق أسلوب يُسمّى بتحفيز التيار المتردد للجمجمة. يتمثل ذلك بإرسال موجات كهربائية إلى مناطق معينة من الدماغ من خلال أقطاب كهربائية يتم وضعها على فروة الرأس. بإمكان ذلك أن يساعد على إحداث تغيير لنشاط الموجات الدماغية بهدف تحفيز نمو الدماغ وتغيير الشبكة العصبية التابعة له.

في هذا السياق، يقول غاياتري ديفي، أستاذ طب الأعصاب والطب النفسي في كلية زوكر للطب في هوفسترا التابعة لجامعة نورثويل في نيويورك: “أعتقد أن هذه التقنية سترسم مستقبل العلاج العصبي الهادف لتقوية وتدعيم الشبكات المعرّضة للتلف على صعيد الدماغ”.