يرزح لبنان تحت قبضة أكبر أزمة اقتصادية منذ عقود، حيث يقع القطاع المصرفي في بؤرة من الفوضى. المنظومة المصرفية في البلاد، التي كان يُنظر إليها في يوم من الأيام على أنها العمود الفقري للاقتصاد، أضحت اليوم في حالة يُرثى لها، وسط عدم قدرة المودعين من الوصول إلى أموالهم منذ ما يقرب من أربع سنوات.
بدأت الأزمة في العام 2019 عندما بدأت قيمة عملة البلاد، الليرة اللبنانية، في الانخفاض أمام الدولار الأميركي. منذ ذلك الحين، فقدت العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها، مما دفع أكثر من نصف الناس إلى تحت خط الفقر. نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير، وكافح الناس لتغطية نفقاتهم. كما أدى انقطاع التيار الكهربائي ونقص الأدوية والوقود إلى تفاقم الوضع المتردي بالفعل.
أدى سوء إدارة الحكومة للاقتصاد وتفشي الفساد إلى تفاقم الأزمة ، مما نتج عنه احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة. وطالب المواطنون اللبنانيون بالمحاسبة واستعادة ودائعهم لدى البنوك.
اقرأ المزيد: ارتفاع التضخم في لبنان بعد انخفاض قيمة العملة في فبراير
وفي مواجهة مخاوف بشأن السيولة، فرضت البنوك اللبنانية ضوابط غير رسمية على رأس المال وقيدت عمليات السحب النقدي بشدة، متعللة بنقص السيولة. وفقًا لجمعية مصارف لبنان، أودعت المصارف التجارية ما يقرب من 86.6 مليار دولار في المصرف المركزي اعتبارًا من منتصف فبراير/شباط، وبلغ صافي الوضع السلبي لدى البنوك المراسلة 204 ملايين دولار في 31 يناير/كانون الثاني 2023.
وأدى تدهور الوضع المالي إلى احتجاجات غاضبة، واعتصام المودعين أمام مبنى البرلمان واقتحام البنوك. حتى أن البعض لجأ إلى السرقات المسلحة لاستعادة أموالهم. على الرغم من الانتشار المكثف للجيش وقوات الأمن، استمرت الاحتجاجات، حيث طالب المتظاهرون الدولة باستعادة ودائعهم وإصلاح السياسات المالية القائمة.
حذر صندوق النقد الدولي من “وضع خطير للغاية” في لبنان ، مع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإطلاق حزم المساعدات التي تتقدم ببطء. يعتمد التعافي الاقتصادي في البلاد بشكل كبير على استقرار القطاع المصرفي، وقد دعا صندوق النقد الدولي إلى إصلاحات عاجلة لاستعادة الثقة في النظام المالي اللبناني.
استجابةً للأزمة، دعت جمعية غضب المودعين، وهي مجموعة محلية تدافع عن حقوق المودعين في البنوك، إلى الاحتجاجات وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات. كما ناشدت المجموعة الجهات المعنية لاسترداد الودائع وطالتهم باعتماد سياسات تهدف إلى معالجة القضايا المالية للبلاد.
لا يزال وضع القطاع المصرفي في لبنان يتشح بالقتامة، وسيتطلب تعافيه جهوداً حثيثة من الحكومة والمنظمات الدولية. حتى ذلك الحين، يستمر الشعب اللبناني في تحمل تداعيات الأزمة، بلا نهاية تلوح في الأفق.
أنقر هنا للاطلاع على المزيد من تقارير المصارف والتمويل.