سيكون للطموحات الرامية للتنويع بعيدًا من العائدات النفطية تأثيراتها على استثمارات البناء والتصنيع ضمن سلسلة المشاريع الصناعية المقرر تنفيذها في عمان في العام 2023.
في يناير/كانون الثاني الجاري، أشارت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في عمان إلى أن إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سلطنة عمان بلغ 18.1 مليارات ريال عماني (47 مليارات دولار) في الأشهر التسعة المنتهية في الربع الثالث من العام 2022، وهو ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 10.4 في المئة.
إقرأ المزيد: نمو الناتج المحلي لسلطنة عمان 20 مليار ريال في 3 أشهر
نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التصنيع خلال الفترة لتصل إلى 1.7 مليار ريال عماني مقارنة بـ 1.5 مليار ريال في نهاية الربع الثالث من عام 2021.
وجاء إعلان الوزارة بعد عام من إطلاقها 22 مشروعًا لجذب المستثمرين الصناعيين إلى عمان. وشملت الحوافز الترخيص الآلي وتخفيض الرسوم.
برنامج إقامة المستثمر
تباطأ الاقتصاد العماني منذ انهيار أسعار النفط في العام 2014، وقد أدى التضخم الذي أصاب القطاع العام، إلى جانب أهداف التأميم الحادة لأصحاب العمل المحليين، إلى إضعاف مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
من المأمول أن يجتذب برنامج الإقامة طويلة الأجل الذي أعلنته وزارة التجارة والصناعة والاستثمار في يوليو/تموز 2021 المستثمرين الأجانب الذين يمكنهم المساعدة في توسيع مساهمات الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي وخلق فرص نمو للعمانيين المحليين.
وفقًا لشركة Fragomen للخدمات القانونية، “تهدف الحكومة إلى جذب الاستثمارات والاحتفاظ بها، وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين العمانيين، في وقت لا تزال فيه مستويات البطالة مرتفعة خلال فترة التعافي من وباء “كوفيد-19”.
“يوفر التصريح الجديد مسارًا للمستثمرين الأجانب وعوائلهم – وفي بعض الحالات الشركاء الاستثماريين – للحصول على تصريح إقامة في عمان برعاية ذاتية غير مرتبط بعملهم. ويعدّ هذا أول تصريح إقامة طويل الأمد غير مرتبط بكفالة صاحب العمل في عمان”.
إقرأ المزيد: “الاستثمارات العامة” يضخ 1.125 مليار ريال في صندوق عُماني للبنية الأساسية
يقدم البرنامج إقامة لمدة 10 سنوات للمستثمرين الذين لديهم شركة مساهمة عامة أو مقفلة بأسهم بقيمة 500 ألف ريال من القيمة السوقية أو التي توظف ما لا يقل عن 50 موظفًا عمانيًا، وكذلك للمستثمرين الذين لديهم سندات حكومية عمانية بقيمة 500 ريال .
وتعدّ الإقامة لمدة تصل إلى خمس سنوات متاحة للمستثمرين الذين تبلغ قيمة أصولهم – مثل الممتلكات أو الشركات أو أسهم الشركات – 250 ألف ريال على الأقل.
التنوع الجغرافي
تظهر المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة كوسيلة لضمان نمو القطاع الصناعي موزع جغرافيًا بدلاً من أن يتركز في مناطق ضيقة من البلاد.
تتطور المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (SEZAD) لتصبح نقطة ساخنة لتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة. أعلنت مجموعة جندال شديد المحلية عن خطة بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022 لبناء مصنع فولاذ أخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لخدمة صناعات توربينات الرياح والسيارات والسلع الاستهلاكية في أسواق التصدير مثل أوروبا واليابان.
المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أصبحت نقطة ساخنة لتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة
كما أعلنت شركة Green Hydrogen and Chemicals عن خطط تطوير أول مشروع للطاقة الخضراء في سلطنة عمان في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الشهر الماضي.
وتبرز في الوقت الحالي سلسلة من المشاريع المتنوعة قيد التنفيذ في المنطقة الحرة بصلالة. ففي مارس/آذار 2022، وقعت المنطقة الحرة اتفاقيتين بقيمة 1.3 مليون ريال عماني (3.38 مليون دولار) لشركة مزايا للخدمات اللوجستية لإنشاء مجمع للمنتجات البلاستيكية وتركيب وتجميع معدات الاتصالات.
إقرأ المزيد: عمان تعتزم بناء مصنع لإنتاج الصلب الأخضر بـ 3 مليار دولار
كما تم في مايو/أيار الماضي تأكيد اتفاقية بقيمة 33.8 مليون ريال لشركة بترول صلالة لإنشاء مصنع إنتاج. في يناير/كانون الثاني الجاري، تم افتتاح المرحلة الأولى من مصنع Philex للمنتجات الصيدلانية بقيمة 23 مليون ريال عماني في المنطقة الحرة.
في المقابل، شهدت السنوات الأخيرة الاستثمار في المعادن والكيماويات في المنطقة الحرة بصحار.
ووافقت “صحار رولينج ستيل” في يونيو/حزيران الماضي على استثمار 7 ملايين ريال في وحدة تصنيع قضبان الصلب في منطقة صحار. وقالت شركة الحلول المتكاملة للخدمات العقارية في أغسطس/آب الماضي إنها تعتزم ضخ استثمارات بقيمة 2.2 مليون ريال في مشروع مصنع الأسمدة السائلة.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم وضع حجر الأساس لمصنع لثاني أكسيد التيتانيوم بقيمة 40 مليون ريال، كما تم افتتاح أول منشأة لتكليس الكوك البترولي في السلطنة بقيمة 60 مليون ريال في منطقة صحار.
نظرة مستقبلية للمشاريع الصناعية في عمان
من المتوقع أن تستمر مشاريع التصنيع في الحصول على أولوية قصوى في ظل سعي عمان لتطبيق أهداق التنويع الاقتصادي.
تقدر ميزانية عمان الخاصة بالعام 2023 عجزاً قدره 1.3 مليار ريال، وهو ما يمثل 13 في المئة من إجمالي الإيرادات المقدرة (10 مليارات ريال) و 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام. وتشكل العائدات النفطية 67 في المئة من إجمالي الأرباح المقدرة للعام 2023.
وستكتسب المشاريع الصناعية التي يمكن أن تعزز الصادرات غير النفطية أهمية أكبر، بحيث تسعى الحكومة إلى تحقيق نمو مستدام طويل الأجل. وتأمل السلطنة في أن تؤدي حوافز الإقامة والأعمال التي تم طرحها حديثًا إلى اجتذاب اهتمام أكبر من القطاع الخاص، بالإضافة إلى مزيد من الاستثمارات، في الأشهر المقبلة.