Share

المصارف الأوروبية تدخل عام 2024 بقوة.. ولكن ماذا عن الأرباح؟

من المتوقع أن يواجه المقرضون آثارًا سلبية لارتفاع أسعار الفائدة
المصارف الأوروبية تدخل عام 2024 بقوة.. ولكن ماذا عن الأرباح؟
المصارف الأوروبية كانت مربحة بشكل خاص، وأنها تخطط للتوزيعات التي تتماشى مع السنوات السابقة

في ديسمبر/كانون الأول 2023، حذر المصرف المركزي الاوروبي المصارف العاملة في منطقة اليورو من تقلبات واسعة النطاق في مصادر التمويل عام 2024 وسط تفاقم المخاطر الجيوسياسية، ومن تداعيات حالة عدم اليقين التي تسيطر على المصارف، مع إقراره بأن القطاع المصرفي نجح في تخطي صدمات العام 2023 وسط متانة رأس المال وارتفاع الأرباح.

نمو قوي في الأرباح

وكانت مصارف في منطقة اليورو استمرت، بفضل هوامش الفائدة، في التمتع بنمو قوي في الأرباح في 2023. إذ سجلت أعلى مستويات الربحية منذ أكثر من عقد. وكان تعزيز الربحية ملحوظاً بشكل خاص بالنسبة للمصارف في البلدان التي يسود فيها الإقراض بأسعار متغيرة وحيث كان انتقال أسعار الفائدة المرتفعة إلى تكاليف الودائع أبطأ.

وبفضل هذه الربحية، تخطط المصارف الأوروبية لدفع حوالي 70 مليار دولار كمكافأة المستثمرين.

وكانت المصارف الاوروبية نجحت في اختبار الإجهاد الصعب الذي نفذته الهيئة المصرفية الأوروبية، حيث ساعدت الأرباح المرتفعة وجودة الأصول الأفضل في بداية 2023 على استنفاد رأس المال المعتدل في ظل سيناريو سلبي. وقالت الهيئة إنه رغم الخسائر المجمعة البالغة 496 مليار دولار ، تظل مصارف الاتحاد الأوروبي ذات رأس مال كاف لمواصلة دعم الاقتصاد أيضا في أوقات التوتر الشديد.

ربحية كبيرة

يفسر أندريا إنريا، الذي يقود الذراع الرقابية للمصرف المركزي الأوروبي، أن المصارف الأوروبية كانت مربحة بشكل خاص، وأنها تخطط للتوزيعات التي تتماشى مع السنوات السابقة. وهو يعتبر أن الرقم “مؤقت وأولي للغاية. إذ يفحص المصرف المركزي الأوروبي ما إذا كانت المدفوعات متوافقة مع مسارات رأس المال للمصارف”.

لكن المصرف المركزي الاوروبي يرى أن المصارف ستشعر على نحو متزايد بالتأثير السلبي لارتفاع أسعار الفائدة، حيث يؤثر تشديد شروط التمويل وارتفاع تكلفة المعيشة سلباً على قدرة المقترضين على خدمة الديون.

وبحسب المصرف المركزي الأوروبي، فإن فترة ارتفاع أسعار الفائدة قد تجلب فوائد طويلة الأجل لاستقرار النظام المالي، لكنها قد تؤدي أيضا إلى زيادة تقلبات السوق مؤقتاً.

وكان المصرف المركزي الأوروبي أبقى سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى قياسي مرتفع في اجتماعه الأخير في ديسمبر (كانون الأول)، وقال إنه سيتركه هناك طالما كان ذلك ضروريا لمحاربة التضخم، مما يشير إلى أن التخفيضات ليست قاب قوسين أو أدنى على الرغم من التوقعات بأنه سيتحرك في العام 2024 لدعم الاقتصاد المتقلص. ولم يقدم الكثير عن تحركاته المستقبلية بعد الحفاظ على سعر الفائدة القياسي عند 4 في المئة.

المصارف الأوروبية

القروض المتعثرة

وعلى رغم بقاء نسب القروض المتعثرة للمصارف دون تغيير على نطاق واسع عند مستوى منخفض أعلى بقليل من 2 في المئة في النصف الأول من عام 2023 (احصاءات المصرف المركزي الاوروبي)، لكن كانت هناك بعض العلامات الناشئة على ارتفاع الخسائر في بعض محافظ القروض الأكثر حساسية للانكماش الدوري. وبدأت معدلات التخلف عن السداد على كل من تعرض الشركات وتجارة التجزئة في الارتفاع، مما يؤشر على مزيد من الزيادات في القروض المتعثرة.

وهذا يطرح السؤال التالي: كيف سيكون أداء المصارف الاوروبية في العام 2024 سيما وأنه من المتوقع أن يشهد اقتصاد منطقة اليورو نمواً متواضعاً في 2024 في حدود 1.3 في المئة، وفي الوقت الذي ليس واضحاً بعد توقيت بدء المصرف المركزي الأوروبي مسار خفض أسعار الفائدة؟

ترى وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” في تقرير لها أن أكبر المصارف في أوروبا ستدخل عام 2024 في وضع قوي لمواجهة التوقعات الاقتصادية الصامتة، بعد استمرار الأداء القوي في عام 2023.

فأداء جودة الأصول الأفضل من المتوقع في 9 أشهر من العام 2023، رغم انخفاض حجم الإقراض، يترك المصارف في وضع جيد لمواجهة بعض التدهور في عام 2024.

توقعات “فيتش” تركنها إلى امتلاك المصارف الأوروبية احتياطيات رأسمالية وافرة. ومع ذلك، دفعت المنافسة المتزايدة على مكافآت الودائع بعض المصارف إلى زيادة عرضها للودائع لأجل، مما سيساهم في ارتفاع تكاليف التمويل في الربع الأول من العام 2024.

وتتوقع “فيتش” تدهوراً معتدلاً في جودة الأصول في عام 2024، ما لم ترتفع البطالة بشكل حاد. كما أن القروض المتعثرة سترتفع مع ارتفاع حالات الإعسار وضعف قدرة الأسر على السداد.

سقف المكافآت

لكن اللوبي المصرفي في الاتحاد الأوروبي يواجه خياراً غير مريح بشكل خاص الآن، حيث يفكر في ما إذا كان سيخوض الحرب بشأن قضية سقف المكافآت المصرفية للكتلة.

وكان الاتحاد الأوروبي وضع سقفا لمكافآت “المجازفين الماديين” في عام 2014 ردا على الغضب العام بشأن الأزمة المالية، ولكن المسؤولين في المملكة المتحدة سعوا إلى التخلي عن هذا الحد لجعل بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي أكثر جاذبية كمركز مالي. وتم حينها وضع حد أقصى للمكافآت يمكن تطبيقه على بعض المصرفيين الذين يمارسون أعمال الخدمات المالية في أوروبا، بنسبة 100 في المئة من رواتب المجازفين الماديين ومديريهم، وترتفع إلى 200 في المئة بموافقة المساهمين.

ويرى البعض أن النتيجة هي ساحة لعب غير متكافئة في الحي المالي، حيث يمكن للمصارف البريطانية والأميركية وغيرها من المصارف الأجنبية الآن استخدام مكافآت غير محدودة لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها، في حين يجب على مصرف “بي إن بي باريبا”، و”دويتشه بنك” وغيرهما في الاتحاد الأوروبي الاستمرار في تحديد سقف للأجور المتغيرة بضعف الراتب.

وقال كريستيان سوينغ من “دويتشه بنك” في القمة المصرفية العالمية الأخيرة التي عقدتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” إنه إذا تم إزالة الحد الأقصى في أماكن أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي “سيحتاج إلى أن يأخذ ذلك في الاعتبار ويفكر في كيفية الحفاظ على قدرته التنافسية”.

اقرأ أيضًا: ماذا سيقرر الاحتياطي الفدرالي في اجتماعه في 31 يناير؟

تسريح موظفين

رغم الأرباح التي حققتها المصارف عموماً والاوروبية خصوصًا، إلا أن عمليات تسريح واسعة جرت في العام 2023 في واحدة من أكثر السنوات تسريحاً للعمالة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وكان خفض سعر الفائدة التاريخي في المصارف الأوروبية في 2015 و2019 أدى إلى عمليات تسريح واسعة النطاق في القطاع المصرفي.

البيانات تشير إلى أن المصارف العالمية عموماً ألغت أكثر من 62 ألف وظيفة في 2023 لتتراجع بذلك عن تعييناتها الجديدة التي تزايدت مع الخروج من جائحة كورونا.

وفقا لحسابات صحيفة “فايننشيال تايمز”، خفّض 20 من أكبر المصارف في العالم ما لا يقل عن 61 ألفا و905 وظائف في 2023 (بما فيها من استغنى عنهم مصرف يو بي إس)، ويقارن ذلك بأكثر من 140 ألف وظيفة ألغتها المصارف نفسها خلال الأزمة المالية العالمية في 2007-2008.

في سويسرا على سبيل المثال، أدى استحواذ مصرف “يو بي إس” على نظيره “كريدي سويس” إلى خفض عدد الوظائف بما لا يقل عن 13 ألفا لدى الأخير، مع توقع المزيد من جولات تسريح العمالة في 2024. ويعتبر هذا التسريح الأكبر من قبل مؤسسة واحدة.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار المصارف والتمويل.