خلال السنوات الأخيرة، غيرت الظاهرة العالمية للخدمات المصرفية المفتوحة الصناعة المالية، وقدمت آفاقًا مثيرة للمستهلكين والشركات على حد سواء. لقد تبنى الشرق الأوسط هذه التكنولوجيا التحويلية بحماس كبير، حيث تبنت العديد من البلدان في المنطقة بنشاط أطر العمل المصرفي المفتوح لإطلاق إمكانات ابتكار التكنولوجيا المالية.
البحرين
وخطت البحرين، المشهورة بدورها الرائد في تجارب التكنولوجيا المالية، خطوات كبيرة في تنفيذ الخدمات المصرفية المفتوحة. قدم مصرف البحرين المركزي الإطار المصرفي المفتوح في عام 2020، الذي يضم قواعد ومبادئ توجيهية شاملة لمعلومات الحساب وخدمات بدء الدفع.
حتى وقت كتابة هذا التقرير، حدد المركزي سبعة عشر مصرفًا امتثلت بنجاح لإطار العمل المصرفي المفتوح. وأنشأ الإطار أساسًا قويًا للمنافسة والابتكار وتعزيز الشمول المالي داخل السوق. وتم استيحاؤه من PSD2 الأوروبي (توجيه خدمات الدفع) ومعيار OBIE (المعيار المصرفي المفتوح) في المملكة المتحدة.
السعودية
في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تبنت السعودية الخدمات المصرفية المفتوحة من خلال تبني نهج بقيادة المنظمين وتقديم إطار عمل شامل. ويشمل هذا الإطار خدمات معلومات الحسابات وخدمات بدء الدفع. كلف البنك المركزي السعودي (SAMA) البنوك بإتاحة AIS APIs بحلول نهاية العام، تليها PIS APIs بحلول نهاية مارس، مع منح تمديدات طفيفة لهذه المواعيد النهائية.
لدعم التنفيذ السلس لإطار العمل، أطلق SAMA مختبر الخدمات المصرفية المفتوحة في يناير/كانون الثاني. توفر هذه المنصة المبتكرة بيئة تقنية للبنوك والجهات الفاعلة الخارجية (TPPs) لتطوير واختبار واعتماد خدماتها المصرفية المفتوحة مع الالتزام بالإطار المعمول به.
الإمارات
في تبني التمويل المفتوح، اعتمدت الإمارات العربية المتحدة استراتيجية يقودها السوق، وتعمل بنشاط من أجل تطوير إطار تنظيمي شامل. ولتسهيل هذه العملية، أطلق البنك المركزي الإماراتي برنامج تحويل البنية التحتية المالية، بهدف تحقيق التنفيذ الكامل للتمويل المفتوح بحلول عام 2026.
بينما لا يزال الإطار الرسمي قيد التنفيذ، حققت الإمارات إنجازات بارزة من خلال تنفيذ معيار API ستاندرد. مكنت هذه الخطوة الحاسمة اللاعبين في الصناعة من استكشاف وتجربة الخدمات المصرفية المفتوحة، مما أرسى أساسًا قويًا للتقدم المستقبلي في القطاع المالي.
يسلط النهج الذي يقوده السوق في الإمارات الضوء على تفانيها في تعزيز الابتكار وتشجيع التعاون بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة.
قطر
على الرغم من أن الخدمات المصرفية المفتوحة لا تزال في مراحلها الأولى من الاعتماد في قطر، إلا أن البنك المركزي القطري (QCB) والاهتمام المتزايد بين المؤسسات المالية في البلاد يظهران نية واضحة لتطوير إطار عمل قوي للخدمات المصرفية المفتوحة واستكشاف فوائدها المحتملة.
في مارس/آذار 2023، كشف QCB النقاب عن ملخص استراتيجية قطاع التكنولوجيا المالية، والذي تم بناؤه على أربع ركائز استراتيجية. الهدف الأساسي لهذه الاستراتيجية هو تسهيل التحول الرقمي للنظام البيئي للخدمات المالية في قطر، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز مهارات محو الأمية المالية. ضمن الخطة الخمسية للاستراتيجية، يحتل تطوير بنية مصرفية مفتوحة مركز الصدارة، مصحوبًا بإدخال لوائح التكنولوجيا المالية التي تشمل الخدمات المصرفية المفتوحة والمعايير المرتبطة بها.
سيوفر الإطار التنظيمي القادم إرشادات لترخيص مقدمي الخدمات الخارجيين والإشراف عليهم، وضمان المشاركة الآمنة لبيانات العملاء، والحصول على موافقة العملاء. من خلال وضع هذه اللوائح، تهدف قطر إلى خلق بيئة مصرفية مفتوحة آمنة وشفافة تحمي مصالح العملاء وتعزز الابتكار في القطاع المالي.
علاوة على ذلك، تستكشف المؤسسات المالية في قطر فرص تنفيذ الخدمات المصرفية المفتوحة والتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية. وذلك بهدف تقديم خدمات ومنتجات جديدة لعملائها. قاد بنك قطر الوطني الطريق في عام 2022 من خلال إطلاق منصته المصرفية المفتوحة المخصصة، ومنح العملاء والشركاء الوصول إلى واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بهم.
عُمان
وقد أحرزت عُمان تقدماً ملحوظاً ولافتاً في تطوير إطارها وخارطة طريقها في مجال التكنولوجيا المالية. بحيث سارت بنشاط نحو صياغة استراتيجية واجهة برمجة التطبيقات للخدمات المصرفية المفتوحة. تشمل هذه الاستراتيجية الشاملة مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز نظام إيكولوجي قوي للتكنولوجيا المالية يدفع الابتكار داخل القطاع المالي.
ينصب التركيز الرئيسي لاستراتيجية واجهة برمجة التطبيقات المصرفية المفتوحة في عمان على إنشاء بيئات تجربية تشريعية (sandbox). توفر هذه البيئات الخاضعة للرقابة منصة آمنة ومنظمة لشركات التكنولوجيا المالية لاختبار وصقل منتجاتها وخدماتها. من خلال تسهيل التجريب والتعاون، تساهم هذه البيئات في نمو وتطوير حلول مبتكرة في الصناعة المالية.
كما تستغل عمان قوة الأطر القائمة على السحابة لدعم تنفيذ الخدمات المصرفية المفتوحة. توفر التكنولوجيا السحابية بنية تحتية فعالة وقابلة للتطوير. ويتيح ذلك التكامل والتفاعل السلس بين المؤسسات المالية ومقدمي الخدمات الخارجيين. يعزز هذا النهج خفة الحركة وفعالية التكلفة وتحسين تقديم الخدمات داخل النظام البيئي للتكنولوجيا المالية.
كما تشارك عمان بنشاط في مبادرات eKYC (اعرف عميلك الإلكتروني). ويتحقق ذلك من خلال رقمنة وتبسيط عمليات تحديد العملاء والتحقق منها، تعزز أنشطة الكفاءة والأمن وتجربة العملاء ضمن هذه المبادرات. يتيح هذا التحول الرقمي للمؤسسات المالية الانضمام إلى العملاء بسرعة وأمان مع ضمان الامتثال للمتطلبات التنظيمية.
اقرأ أيضاً: صعود الخدمات المصرفية المفتوحة في المنطقة: منظومة مالية تركز على العملاء
الكويت
ويستكشف المركزي الكويتي نهجًا فريدًا يجمع بين الـOpen Banking واللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) لحماية بيانات المستهلك التابعة للاتحاد الأوروبي. في عام 2018، قدم بنك الكويت المركزي صندوق رمال تنظيمي، مما يوفر بيئة آمنة لاختبار منتجات وخدمات التكنولوجيا المالية المبتكرة مع ضمان استقرار النظام المصرفي والمالي. وإدراكًا لأهميته، تم توسيع Sandbox في عام 2019 لاستيعاب مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات، مما زاد من فعاليته.
كما أقر المركزي بأهمية الإطار التنظيمي ومواصفات واجهة برمجة التطبيقات للخدمات المصرفية المفتوحة وأجرى دراسة شاملة. وأدى ذلك إلى إنشاء الفريق العامل للمصارف المفتوحة التابع لمصرف الكويت المركزي. وتتألف المجموعة من خبراء من البنك المركزي الكويتي والمصارف الكويتية. يهدف هذا الجهد التعاوني إلى تطوير الإطار التنظيمي اللازم وتحديد معايير API لتنظيم الأنشطة المصرفية المفتوحة في الكويت.
يسعى بنك الكويت المركزي لتحقيق توازن بين الابتكار وحماية البيانات. ويتحقق هذا من خلال دمج الخدمات المصرفية المفتوحة مع اللائحة العامة لحماية البيانات. ويضمن هذا النهج توافق تنفيذ الخدمات المصرفية المفتوحة في الكويت مع اللوائح الصارمة لخصوصية البيانات التي حددها اللائحة العامة لحماية البيانات.
من خلال هذه المبادرات، يعمل المركزي بنشاط على تعزيز نمو الخدمات المصرفية المفتوحة في الكويت. كما يشجع على اعتماد حلول متقدمة للتكنولوجيا المالية، ويسهل تبادل البيانات الآمن داخل القطاع المالي.
شرق أوسط واعد
في الختام، تتميز منطقة الشرق الأوسط بتبنيها الشفاف للخدمات المصرفية المفتوحة. ويتزامن ذلك مع سعي المنطقة لرفع مستوى تجارب العملاء، ودفع الشمول المالي، وقيادة الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية. وتستعد المنطقة لتسجيل زيادة في حالات الاستخدام المتنوعة وإنشاء نظام بيئي حيوي وديناميكي للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط. ويأتي هذا في ظل الجهود المستمرة لاعتماد أطر العمل المصرفي المفتوح وتشجيع التعاون بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار المصارف والتمويل.