احتلّت دولة الإمارات العربية المتحدة مراحل متقدمة في خطتها لإنشاء وتحويل بعض المدن إلى مدن ذكية. وهو جزء من خطّة الإمارات نحو التحوّل الرقمي، كأداة لتنويع مصادر اقتصادها. خصوصا وأن الامارات تعدّ من الدول الرائدة في مجال التحوّل الرقمي في العالم العربي.
وعليه، تقوم دولة الإمارات ببناء عدة مدن مُستدامة، وذكية تحافظ على الطاقة، وتنظم الطاقة المتجددة من خلال التكنولوجيا والتصميم المعماري.
وكانت أولى خطوات الامارات في تحويل المدن التقليدية إلى ذكية، إطلاق استراتيجية الحكومة الرقمية لدولة الامارات 2025، ويتمثل الهدف الرئيسي منها في إنشاء التزام حكومي واسع عبر كافة القطاعات لتضمين الجوانب الرقمية في كافة الاستراتيجيات الحكومية. وصُممت الاستراتيجية وفقا لـ 8 أبعاد هي: تعزيز الشمولية وعدم ترك أحد يتخلف عن الركب، المرونة، التناغم مع العصر الرقمي، التركيز على احتياجات المتعاملين، استخدام التقنيات الرقمية في تصميم الخدمات وقنوات الخدمة، الاعتماد على البيانات، وتعزيز مبدأ الحكومة المفتوحة، والاستباقية.
وتبع هذا المشروع مشاريعا أخرى، كتزويد المناطق بخدمة الوايف فاي المجانية، وبوسائل التنقل الذكية، والكهرباء عبر الطاقة البديلة… واليوم تضم الإمارات أكثر من مدينة ذكية نستعرضها فيما يلي:
إمارة أبوظبي في المدن المستدامة
قامت إمارة أبوظبي بوضع خطة تنموية لتحويل اقتصادها من اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد يستند على المعرفة والابتكار وتصدير التكنولوجيا. وهذا يؤدي إلى تنوع اقتصادها من خلال إيجاد عدد من البدائل الاقتصادية الجديدة. ومن الخطوات الرئيسية في هذه الاستراتيجية هي تطوير مدينة ذكية.
حيث يعتبر تطوير بنية تحتية مناسبة، مع الحفاظ على البيئة من أولويات خطة أبوظبي الاقتصادية 2030. وتعمل حكومة أبوظبي على تطوير بيئة حضرية مصممة بشكل محترف ومدارة بشكل جيد في مدن وبلدات الإمارة، مرفقة بأنظمة تنقل عالمية المعايير.
مدينة مصدر
تعتبر مدينة مصدر من أوائل المدن المستدامة في الشرق الأوسط التي تبنت توفير بصمة خضراء يحتذى بها لمدن المستقبل، واستيعاب التوسع الحضري السريع، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، والحد من التلوث والنفايات.
تمثل مدينة مصدر نموذجاً للتطوير العمراني المستدام، وتشهد تطوراً في المشاريع التي تنفذها بالشراكة مع مجموعة من المطورين، والمستثمرين، وشركات القطاع الخاص.
ويجسد تصميم المدينة مزيجاً متناغماً بين فنون العمارة العربية التقليدية والتكنولوجيا العصرية، كما تستفيد من حركة مرور الهواء المنعش فيها، لتوفير برودة طبيعية تضمن أجواءً مريحة خلال ارتفاع درجات الحرارة صيفاً.
وتستفيد مدينة مصدر من أشعة الشمس أيضاً، حيث يتم توليد الطاقة الكهربائية النظيفة باستخدام تكنولوجيا الألواح الشمسية المثبّتة على أسطح المباني، فضلاً عن امتلاكها إحدى أضخم التجهيزات الكهروضوئية في منطقة الشرق الأوسط.
بدأت إمارة أبوظبي في التخطيط لمدينة مصدر منذ العام 2006. تشمل الخطة الرئيسية لمدينة مصدر المكونات الرئيسية التالية:
- الاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية من خلال تطوير مكاسب الكفاءة، والتوجيه الأمثل لشبكة الطاقة في المدينة
- تكامل أوجه الحياة في المدينة بطريقة تكون فيها الحياة سهلة وسعيدة ، ويتوفر السكن في مواقع منتسبة بما يؤدي إلى تقليل استخدام وسائل النقل
- إنشاءات ومبان محدودة الارتفاع والحجم
- توفير وتطوير مرافق عامة لحياة اجتماعية وسعيدة مع الاهتمام بالمشاة ووسائل المواصلات المتوازنة
- توفير حياة ذات جودة عالية ضمن منظومة بيئية ذكية
مشروع زايد للمدينة الذكية
في 2018، أطلقت بلدية مدينة أبوظبي المرحلة التجريبية للخطة الخمسية للمدن الذكية والذكاء الاصطناعي (2018 – 2022) تحت مسمى مشروع زايد للمدينة الذكية.
يهدف المشروع إلى إدارة عناصر البنية التحتية بتقنية إنترنت الأشياء، والذي يهدف إلى استشراف المستقبل وتفعيل منظومة الابتكار وتحقيق بنية تحتية عالمية المواصفات.
دبي الرقمية
في أكتوبر/تشرين الأول 2013، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن مشروع تحويل دبي إلى “مدينة ذكية”، وأطلق استراتيجية دبي الرقمية، وتهدف إلى رقمنة الحياة في دبي، والعمل على منظومة رقمية موثوقة وقوية تعزز الاقتصاد الرقمي، وتمكّن المجتمع الرقمي. كما تسعى إلى مضاعفة مخرجات الاقتصاد الرقمي وزيادة جودة الحياة بنسبة 90 في المئة وتحقيق المراكز الأولى في مؤشرات الأمم المتحدة للحكومة الرقمية وإنجاز خمسين تجربة مدينة رقمية تتسم بالسلاسة والترابط والاستباقية والتنبؤية والأثر المرتفع وتأهيل أكثر من 50,000 من الكوادر الحكومية بمؤهلات رقمية متقدمة.
تتكون الاستراتيجية من سبعة محاور هي: المدينة الرقمية، الاقتصاد الرقمي، البيانات والإحصاء، المواهب الرقمية، البنية التحتية الرقمية، الأمن السيبراني، التنافسية الرقمية.
تهدف خطة دبي 2021 في إحدى محاورها إلى جعل الإمارة مدينة ذكية ومستدامة. يتبنى مشروع مدينة دبي الذكية استراتيجية تحويل حوالي 1000 خدمة حكومية إلى خدمات إلكترونية للقطاعات الرئيسية التالية: النقل، والبنية التحتية، والاتصالات، والخدمات المالية، وتخطيط المدن، والكهرباء.
مدينة دبي المستدامة
تعتبر مدينة دبي المستدامة من المشاريع العقارية الإماراتية التي تبنت معايير الاستدامة بعناصرها الرئيسية الثلاثة، الاقتصادية والبيئة والاجتماعية بوصفها إحدى الركائز المهمة للاقتصاد الأخضر.
تم تطوير المدينة في دبي لاند، وتضم مجموعة من المبادرات لضمان الحفاظ على الموارد، بما في ذلك تصميم المنازل لضمان كفاءة استهلاك الطاقة، واستخدام مواد البناء الصديقة للبيئة.
وفقاً لمقالة في جريدة الخليج عن المدينة المستدامة، فازت المدينة مؤخرًا بجائزة أسعد مجمع سكني في الحفل الختامي لجوائز العقارات الخليجية في الدورة الافتتاحية 2017 وفي دورتها الثانية 2018.
تعتمد المساكن كليًا على ما تنتجه من الطاقة النظيفة، عبر تركيب الألواح الشمسية على واجهات وأسطح الفلل والمباني لتوليد الطاقة، كما يتم اتباع نهج متكامل لمعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات المنزلية واستخدام مواد التنظيف العضوية والمنتجات الخضراء، ويحيط بالمشروع حزام أخضر يبلغ عرضه 30 مترًا، مشكلا موئلاً بيئيًا مهمًا للطيور والزواحف، كما أنه يساعد في تقليل تلوث الهواء والضوضاء.
ونجحت المدينة المستدامة في تحقيق تأثير أقل نسبيًا بفضل التصميم الفعال، والاستفادة من الطاقة الشمسية على السطح، وغيرها من المبادرات منخفضة الكربون، حيث يقل نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء والمياه بنسبة 30-42% من متوسط دبي على التوالي.
اقرأ أيضا: محمد بن راشد يصدر قانونا بإنشاء صندوق دبي للاستثمارات
واحة دبي للسيليكون- DSOA
يعبر مشروع سيليكون بارك عن خطة دبي 2021 لتحويل الإمارة إلى مدينة ذكية.
وحتى يناير 2016، نجحت واحة دبي للسيليكون في تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة 31 بالمئة، وبهذا تجاوزت أهداف استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030 التي تسعى لتخفيضها بنسبة 30 بالمئة. وتعمل الواحة حالياً على عدد من المبادرات الرئيسية التي يتم تنفيذها في إطار استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، والتي تهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، وخفض التكاليف التشغيلية، والانبعاثات الكربونية.
مدينة دبي الجنوب
وتعد مدينة دبي الجنوب منطقة اقتصادية حرة، ووجهة استثمارية استثنائية بفضل موقعها الاستراتيجي المتميز، بالإضافة إلى كثير من المزايا مثل إمكانية التملك للأجانب. كما أنها تتمتع ببنية تحتية متطورة وتقع في المنطقة الأسرع نمواً في إمارة دبي، بالإضافة إلى قربها لعدة مرافق مهمة.
تبعد المدينة مسافة خمس دقائق فقط عن مطار آل مكتوم الدولي الجاري توسعته حالياً ليصبح أكبر مطار في العالم عند اكتماله، و45 دقيقة من مطار دبي الدولي.
وهي قريبة أيضا من مطار أبو ظبي الدولي وتبعد عنه 45 دقيقة فقط، فضلا عن أنها تبعد 30 دقيقة فقط عن برج خليفة، ووسط دبي.
يحرص مشروع دبي الجنوب على توفير أحدث التقنيات المتطورة للمدن الذكية والمستدامة بشكل متكامل وسلس عبر كل أنحاء المنطقة السكنية، المصممة خصيصاً لتوفير حلول الحياة السعيدة في المقام الأول.
يرتكز مفهوم المنطقة السكنية في (دبي الجنوب) على الموضوعات المجتمعية الرئيسة التي تنص عليها خطة دبي 2021، عبر إنشاء مدينة تتمحور بشكل رئيس حول توفير كل مقومات السعادة والرفاهية للأفراد، وتوفر مجتمعاً حيوياً متكاملاً يناسب العائلات، والشباب العامل، ويشتمل على كل المرافق من مدارس، وحضانات، ومستشفيات، ومحال تجزئة، وغيرها.
تنفذ المنطقة السكنية في دبي الجنوب مشروعين هما: “القرى” و”النبض” ، وتقع على امتداد 87 مليون قدم مربع، وتمتاز بمحاذاة أكبر مطار في العالم وموقع “اكسبو 2020 دبي، وستصل تكلفة بنائها إلى 25 مليار درهم.
مدينة زهرة الصحراء
تجسد مدينة زهرة الصحراء سياسة دبي باتباع نهج عمراني مستدام لحماية البيئة. تقع المدينة في منطقة الروية وتدعم تطبيق التقنيات الخضراء والنظيفة، وهو تطبيق يتميز بالتخفيف من درجات الحرارة وتنقية الهواء من الملوثات.
وستكون المدينة سكانية بنسبة 75 في المئة، وستوفر 40 في المئة من الكهرباء الذاتية إجماليا مع 200 ميغاواط.
ويبلغ عدد الأراضي في المنطقة نحو 20 ألف قطعة سكنية لإسكان المواطنين وسط بيئة ذكية ومستدامة ونظيفة، ومن المتوقع أن تستوعب المرحلة الأولى قرابة 160 ألف نسمة بينهم 120 ألف مواطناً، يتم توزيعهم حسب الاستدامة الثقافية .
وستعتمد المدينة على الطاقة المتجددة، ومتطلبات البيئة، وتدوير النفايات الذاتية، وستكون المباني متوافقة بما يخفض درجة الحرارة ويقلل استهلاك الكهرباء.
مدينة الشارقة المستدامة
تهدف مدينة الشارقة المستدامة إلى إيجاد مجتمع عالمي المستوى ومُستدام وسعيد في دولة الإمارات، وتعتبر أول مجتمع متكامل في إمارة الشارقة يستهلك الطاقة بنسبة 0 في المئة.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار التكنولوجيا.