من المقرر أن يستفيد القطاع المصرفي في البحرين من الارتفاعات المتوقعة في أسعار الفائدة، على افتراض أن المصارف تتبنى نهجاً عملياً من خلال عدم عكس زيادة الأسعار بشكل منهجي حيث يمكن أن يتسبب ذلك في تخلف المقترضين عن السداد.
هذا ما تتوقعه وكالة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الإئتماني في تقرير لها حمل عنوان “توقعات القطاع المصرفي البحريني لعام 2022: تقترب أكثر من الربحية في فترة ما قبل الجائحة”، وأن يواصل الاقتصاد البحريني تعافيه في العام 2022 بسبب ارتفاع اسعار النفط وتنامي النشاط الاقتصادي الإقليمي. وترى أنه من شأن تحسن نشاط الأعمال وثقة المستهلك إلى دعم التعافي في القطاع المصرفي البحريني.
وكانت الوكالة عدلت نظرتها المستقبلية لتصنيف البحرين الائتماني من “سلبي” إلى “مستقر” على خلفية الإصلاحات المالية التي أعتمدتها البحرين والهادفة إلى تحسين الإيرادات غير النفطية وخفض الإنفاق الحكومي.
وأصدرت البحرين أواخر العام الماضي استراتيجية للترشيد المالي للبحرين، تستهدف خفض الإنفاق وإدخال مبادرات جديدة للإيرادات. ومن المتوقع أن تحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 3.1 في المئة في 2022.
القطاع المصرفي البحريني: مصارف تقليدية وإسلامية
لعب القطاع المصرفي البحريني دوراً مهماً في دعم الاقتصاد العام على مدار العامين الماضيين في مساعدة المجتمع والدولة على مواجهة تداعيات كورونا.
ويتكون القطاع المصرفي البحريني من مصارف تقليدية وإسلامية. وبلغ اجمالي عدد مؤسسات القطاع المالي 367 مؤسسة في نهاية سبتمبر/أيلول 2020، وفق أرقام المصرف المركزي البحريني، بما في ذلك 31 مصرف قطاع التجزئة و62 مصرف قطاع الجملة و17 فرعاً للمصارف الأجنبية و8 مكاتب تمثيلية. كما تشمل هذه المؤسسات 34 شركة تأمين و53 شركة أعمال استثمارية و86 شركة مرخصة متخصصة.
بحسب تقرير الاستقرار المالي الصادر عن مصرف البحرين المركزي، بلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي 217.5 مليار دولار في نهاية العام 2021، أي ما يعادل 6.5 أضعاف إجمالي الناتج المحلي. وبلغت حصة مصارف التجزئة 99.4 مليار دولار ومصارف الجملة 118.1 مليار دولار. فيما بلغت قيمة قطاع الصيرفة الإسلامية 34.6 مليار دولار.
وسجلت الودائع المحلية الاجمالية نمواً بنسبة 4.2 في المئة إلى 35.5 مليار دولار في العام 2021. وفي الوقت عينه، بلغ العائد على الأصول 1.1 في المئة اعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 2021، مُرتفعًا من 0.7 في المئة عن نهاية 2020، مع ارتفاع العائد على حقوق المساهمين إلى 7.8 في المئة، ارتفاعاً من 2.6 في المئة خلال الفترة نفسها.
وتتوقع “ستاندرد أند بورز” أن يكون القطاع الخاص هو الدافع أمام نمو الودائع في 2022.
زياددة أسعار الفائدة
في تقريرها، ترى الوكالة أن مصارف البحرين ستستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة. فهي تتوقع أن يعكس المصرف المركزي البحريني قرار الاحتياطي الفدرالي رفع معدلات الفائدة وهو ما سيفيد المصارف في البحرين.
وسيُعقد اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي 15 و16 مارس/آذار الحالي. ووفقاً لمجموعة CME (سوق المشتقات الرائدة والأكثر تنوعًا في العالم) يتوقع 90.5 في المئة من المحللين أن يرتفع المعدل ما بين 0.25 و0.5 في المئة، أما النسبة الباقية منهم فتتوقع أن يرتفع بنسبة بين 0.5 و0.75 في المئة سنوياً.
وتحتسب “ستاندرد أند بورز” زيادرة بنسبة 7.4 في المئة في الدخل الصافي لكل زيادة 100 نقاط أساس، وتتوقع أن تواصل ربحية المصارف البحيرينة تحسنها لتصل في العام 2023 الى مستويات ما قبل جائحة كورونا.
كما أن الاستثمار في التكنولوجيا واستعمال الرقمنة لتحسين العمليات المصرفية سيكون مجال التركيز الرئيسي.
رسملة قوية
على رغم الربحية المتدنية في 2020 -2021، إلا أن القطاع المصرفي البحريني كان مدعوماً بهوامش أمان مالية متينة. وحيث أنه من المتوقع أن تزيد هذه الربحية، فان “ستاندرد أند بورز” تتوقع في المقابل أن تعزز المصارف من هوامش أمانها الراسمالية.
وأكثر من ذلك. إذ تقول الوكالة انه “حين ستتحسن الربحية، نعتقد ان المصارف البحرينية ستبدأ في دفع توزيعات الأرباح اعتباراً من العام 2022 وفق مستويات ما قبل الجائحة.
نمو الائتمان بدعم من التعافي الاقتصادي
وترى “ستاندرد أند بورز” أن المصارف في البحرين قادرة على احتواء المزيد من تراجع جودة الأصول مع تحسن الاقتصاد وتعافي نشاط الشركات، وتنبه في الوقت نفسه من تداعيات الانكشافات المؤجلة والتي تتوقع الوكالة “أن يأتي جزء من التراجع من الانكشافات المؤجلة بمجرد سحب تدابير الدعم من مصرف البحرين المركزي وإعادة تصنيف القروض للشركات في القطاعات التي لا تزال معرضة للخطر، بما في ذلك العقارات والضيافة والشركات الصغيرة والمتوسطة”.
وكان المصرف المركزي البحريني طلب في نهاية العام الماضي من جميع المصارف وشركات التمويل العاملة في البلاد بتوفير خيار إرجاء أقساط القروض المستحقة للأفراد والشركات 6 أشهر أخرى تنتهي في 30 يونيو/حزيران 2022، من دون احتساب فوائد أو مبالغ إضافية، وذلك في وتأتي الخطوة في إطار الخطة التي أقرتها حكومة البحرين سابقاً لتخفيف الأعباء الناجمة عن جائحة كورونا الاقتصادية.
كما أنه من المتوقع أن يرتفع نمو الائتمان قليلاً إلى ما بين 5 في المئة و6 في المئة، بدعم من التعافي الاقتصادي وتحسين مشاعر الشركات والمستهلكين.
تأثير محدود للصراع الروسي _الأوكراني
سيكون التأثير المباشر للمصارف البحرينية على الازمة الروسية –الأوكرانية محوداً جداً نظراً لمحدودية انكشافها على نظرائها في روسيا وأوكرانياً.