نما إصدار التمويل الأخضر والمستدام، الذي يستهدف المشاريع الصديقة للبيئة، بنسبة 32 في المئة في الإمارات العام الماضي، مقارنة بعام 2021، وفقًا لشركة “آرثر دي ليتل”.
فما هو التمويل الأخضر؟
تُعرِّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التمويل الأخضر بأنه تمويل يستهدف تحقيق النمو الاقتصادي مع الحد من التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.
كان البنك الدولي أول من أصدر صندوق استثمار أخضر عام 2008، لكن إصدار أول سندات خضراء كان في يوليو/ تموز 2007، من قِبل بنك الاستثمار الأوروبي.
تنضوي تحت مظلة التمويل الأخضر أدوات مالية منها السندات والقروض والصكوك الخضراء، وصناديق الاستثمار الخضراء، والتأمين الأخضر.
تسارع وتيرة تبني الـESG
سلّطت “آرثر دي ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، في تقريرٍ جديدٍ لها، الضوء، على التوجه المتزايد من جانب المؤسسات العاملة في قطاع الخدمات المالية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتسريع وتيرة تبني الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)، باعتبارها ركيزة استراتيجية أساسية لتعزيز التزاماتها بالاستدامة في جميع المجالات.
التقرير الذي حمل عنوان “البنوك في الشرق الأوسط تدفع عجلة نمو التمويل المستدام، مع التركيز على تطوير استراتيجيات الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات”، قال إن المؤسسات العامة والخاصة الكبرى في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك سوق دبي المالي، ووزارة التغير المناخي والبيئة، والشركات المدرجة في هيئة الأوراق المالية والسلع، أظهرت زيادة في تقارير المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وفي السياق ذاته، حصلت “مجموعة ماجد الفطيم” على تسهيل ائتماني متجدد بقيمة 1.25 مليار دولار من “بنك أبوظبي الأول”، لتحقيق أهداف الشركة على مستوى الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
ولفت التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجلت تقدماً ملحوظاً على صعيد التمويل المستدام والأخضر. إذ بلغت الاستثمارات في هذا المجال 24.55 مليار دولار خلال العام 2021، مقارنة بـ3.8 مليار دولار عام 2020، محققة نمواً ملحوظاً بنسبة 532 في المئة على أساس سنوي.
من ناحية أخرى، يقوم “بنك دبي الإسلامي” حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على تقاريره الخاصة بشؤون الأخلاقيات والنزاهة وتحسين بيئة العمل والتأثير المجتمعي الإيجابي والإشراف البيئي والتمويل والاستثمارات المستدامة.
بحسب التقرير، فإن “دولة الإمارات العربية المتحدة تستكمل رحلتها لتعزيز زخم الممارسات البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بناء على النمو الاستثنائي الذي شهدته بنسبة 32 في المئة على أساس سنوي في مجالات التمويل الأخضر والمستدام خلال العام 2022”.
مكانة رائدة لسوق السندات الخضراء في الشرق الأوسط
وقال أندرياس بويلو، الشريك في “آرثر دي ليتل”: “شهد الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات اهتماماً متزايداً من جانب المؤسسات العاملة في قطاع الخدمات المالية في الفترة الأخيرة. ويتجسد هذا الواقع على نحو ملحوظ في المنتجات والخدمات التي توفرها المصارف والبنوك، والتي تعكس رؤاها المستدامة. وتتميز سوق السندات الخضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكانة رائدة، متفوقة على نظيرتها من الأسواق العالمية”.
وهو يرى أن المصارف “ستحتاج إلى العمل على نحو متسارع لوضع استراتيجياتها وتنفيذ تطلعاتها المستقبلية عبر كافة المجالات، لتلبية الاحتياجات الطارئة والتوافق مع المعايير الجديدة ذات الصلة بإعداد التقارير”.
وبحسب نائل أمين، مدير أول في قطاع الخدمات المالية في شركة “آرثر دي ليتل”، فـ”إن العديد من المؤسسات المالية في الشرق الأوسط صممت استراتيجيات شاملة للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تفتح الباب أمام مسارات جديدة للنمو الأعلى، وفرص العمل، وخفض التكاليف، والامتثال التنظيمي، ورضا الموظفين”.
أمثلة عن إصدارات حديثة
قبل أقل من أسبوعين، جمع “بنك دبي الإسلامي”، أكبر مقرض متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة من حيث الأصول، مليار دولار من ثاني صكوك مستدامة لديه، بينما يواصل تنويع قاعدته التمويلية.
وفي سبتمبر، قام “بنك أبوظبي التجاري”، ثالث أكبر بنك في البلاد، بتسعير سنداته الخضراء الأولى بقيمة 500 مليون دولار والتي ستساعده في تمويل المشاريع وفقًا للمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وفي العام الماضي، قدم “بنك أبوظبي الأول”، أكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة من حيث الأصول، خط ائتمان تجاري أخضر بملايين الدولارات لشركة “سينفيون إنديا” لصناعة توربينات الرياح، كجزء من جهوده لتعزيز طموحاته الصفرية.
ومن المتوقع أن يصل سوق التمويل المستدام العالمي، الذي بلغت قيمته 3.65 تريليون دولار في عام 2021، إلى 22.48 تريليونا بحلول عام 2031، بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن 20 في المئة بين عامي 2022 و2031.
وسجلت إصدارات السندات والصكوك الخضراء من دول مجلس التعاون الخليجي رقماً قياسياً في عام 2022 عند 8.5 مليار دولار من 15 صفقة، مقارنة بـ 056 ملايين دولار من ست صفقات في عام 2021، حسبما أظهرت بيانات من جداول دوري أسواق رأس المال في “بلومبرغ” الشهر الماضي.
وفقاً لمجموعة “بوسطن” الاستشارية، نما إصدار السندات الخضراء في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 38 في المائة بين عامي 2016 و2020. وفي عام 2020 وحده، قادت حكومات الشرق الأوسط 97 في المئة من إصدارات السندات الخضراء، مقارنة بـ13 في المئة قبل أربع سنوات.