راشد الأنصاري، الرّئيس التّنفيذيّ في شركة “الأنصاري للصّرافة”، أشرف على نموّ الشّركة جاعلًا منها رائدة في قطاع التّحويلات والصّرف الأجنبيّ في الإمارات العربيّة المتّحدة منذ انضمامه إليه عام 2010.
في مقابلة حصريّة مع راشد الأنصاري، أتيحت له الفرصة للإجابة عن أسئلة تمحورت حول تحوّلات الشّركة على مرّ السّنين ورأي هذه الأخيرة في بورصات العملات المشفّرة.
1- ما هو أكثر ما يثيركم في العمل ضمن هذا القطاع؟ وكيف تطورّ في هذه المنطقة؟
أكثر ما يثيرني في هذه القطاع هو الدّور الرّئيس والحيويّ الّذي تلعبه التّحويلات في دعم الاقتصادات الأكثر هشاشة حول العالم. يمنحنا ذلك، كوننا شركة شاملة ماليًّا، الفرصة لضمان وصول تدفّقات التّحويلات حتّى النّفس الأخير على الرّغم من الأوقات الصّعبة، إذ تشكّل هذه التّحويلات شريان الحياة للعديد من العائلات في جميع أنحاء العالم، محسّنةً نوعيّة حياتهم، ومسهّلةً أفضل تعليم ورعاية صحيّة.
ونظرًا إلى أنّ فيروس كورونا أوقف حياة الملايين ودمّر سبل عيشهم، استمرّ المغتربون المقيمون في دولة الإمارات في إرسال الأموال إلى عائلاتهم في أوطانهم الأمّ، ممّا ساعد بدوره على دعم هذه العائلات وتوفير احتياجاتها الأساسيّة للبقاء على قيد الحياة.
كمنت القوّة الدّافعة وراء قراري بالانضمام إلى الشّركة التي أسّستها عائلتي هي إضافة قيمة إليها من خلال تحديث مجال التّحويلات وتعزيز تجربة العملاء باستخدام التّكنولوجيا، وبالتّالي التّأكّد من وصول أموال عملائنا الّتي جمعوها بتعب وجهد إلى وجهتها بأكثر الطّرائق أمانًا وفعاليّة وراحة ممكنة.
على مرّ السّنين، لاحظنا أنّ المجال يتطوّر بسرعة وبثبات لتلبية احتياجات سكان الإمارات الّذين تزايدوا أيضًا من حيث العدد والتّنوّع، إذ يشكّل الوافدون إلى هذا البلد نسبة 88٪ من المقيمين.
تمّ تأسيس الشركة في البداية عام 1966 لتلبية احتياجات الصّرف الأجنبيّ والتّحويلات لشركائنا التّجاريّين ولعملائنا. في ذلك الوقت، لم يتمّ إنشاء الخدمات المصرفيّة الرّسميّة في البلاد. ثمّ تطوّرت الأعمال من خدمة معقّدة ومكلفة إلى خدمة سلسة وشفّافة وفعّالة وشاملة.
2- كيف ساعدتكم خبرتكم السّابقة مع شركات “دبي هولدينغ” و”مدينة دبي الصّناعيّة” و”دبي ميركانتايل” على تشكيل عمليّات “الأنصاري للصّرافة” واتّجاهها؟
إنّ خبرتي ومهاراتي القياديّة نتجت بالطّبع عن خلفيّة مهنيّة طويلة وعن خبرة اكتسبتها أثناء العمل مع مؤسّسات كـ”دبي هولدينغ” و”مدينة دبي الصّناعيّة” و”دبي ميركانتايل” وغيرها.
اتخذت قرارًا واعيًا بأن أعتمد على نفسي أوّلًا قبل الانضمام إلى شركة العائلة. وقد كنت محظوظًا وممتنًا لأنّني انضممت إلى هذه المنّظمات شبه الحكوميّة وعملت بقيادة أفراد آمنوا بقدراتي ولم يدخّروا أي جهد أو موارد لتدريب وتطوير ما أنا عليه اليوم. راودني ثمّة شعور بالفخر الوطنيّ الّذي وحّدنا لنكون جزءًا من قصّة نموّ دبي تاركين وراءنا إرثًا للأجيال القادمة.
كذلك، تشرّفت بالحصول على فرصة العمل في المشاريع الضّخمة والتّصدّي للتّحديّات الواسعة النّطاق. وأتيحت لي الفرصة للتّفاعل مع العديد من القادة والدّوائر الحكوميّة والشّركات والأفراد من مختلف المستويات والخلفيّات، الأمر الّذي قدّم لي تجربة تعليميّة رائعة لا نحصل عليها عادةً في بيئة الأعمال العائليّة.
وسرعان ما أدركت أنّ المرونة والتّواضع صفتان يتمتّع بهما القادة العظماء، إذ يساعد التّواضع على التّمسّك بأسّس ثابتة والتّركيز على رؤية الشّركة، كما يتيح للفرد إدراك أنّه بحاجة إلى إحاطة نفسه بفريق من الخبراء لمساعدته على النّجاح، والمرونة هي ما يحتاجه الفرد للتّغلّب على أيّة مشكلة.
3- كيف تنظرون إلى البيئة الرّقمية سريعة التّغيّر؟
تتسارع وتيرة التّغيّرات التّكنولوجيّة بشكل مضطرد بسبب زيادة معدّل تبنّي الابتكارات. نتيجةً لذلك، يجب على الشّركات النّظر في كيفيّة مواكبة التّحوّل الرّقميّ لأحدث الاتّجاهات. علاوة على ذلك، تتيح التّطوّرات التّكنولوجيّة الحاليّة للشّركات خدمة عملائها سبعة أيّام في الأسبوع، ممّا يجعل الرّقمنة إحدى الأولويّات القصوى.
لقد عملنا بجهد خلال السّنوات العشرة الماضية لنصبح أحد الرّواد في تنفيذ الأدوات الذّكيّة ذات الصّلة بمجال عملنا وسنواصل مواكبة أحدث التّطوّرات في السّوق، إذ نشأ تطبيق “الأنصاري للصّرافة” نتيجة لهذه الرّؤية، مسهّلًا خدمات تحويل الأموال عبر الإنترنت بسرعة وبسهولة ومقدّمًا أفضل أسعار الصّرف في أيّ مكان وزمان.
بصفتي الرّئيس التّنفيذي، أنا ملتزم بدعم مكانة “الأنصاري للصّرافة” الرّيادية في السّوق والحفاظ على مكانتها كمزوّد للخدمات الماليّة ذات المستوى العالميّ، باستخدام أحدث الابتكارات التّكنولوجيّة بالإضافة إلى التّركيز على قوّة هذه التّقنيّات وتسخيرها لتقديم خدمات استثنائيّة لعملائنا.
ما يدفعني شخصيًّا هو الشّغف بأن أكون الأفضل في المجال الّذي أخدمه. ويمكن رؤية الشّغف نفسه وسط الفريق الّذي أعمل معه.
4- ما هي نظرتكم ورؤيتكم للشّركة؟
تتمثّل رؤيتنا في أن نظلّ الخيار الأوّل للعملاء لخدمات تحويل كلّ من العملات والأموال، كما نهدف إلى تقديم خدماتنا لجميع قطاعات مجتمعنا بناءً على احتياجاتهم ومتطلّباتهم. نعتقد أنّه ما من مقاس واحد يناسب الجميع، لذا نركّز على توفير تجربة عملاء محسّنة ومتفوّقة عبر جميع مراكزنا. ونواصل الاستثمار في تعزيز وصول عملائنا إلى شبكة فروعنا الفعليّة وكذلك خدمة العملاء رقميًّا من خلال تطبيق الهاتف المحمول والعدّادات الذّكيّة. نحن نقدم أيضًا نموذجًا هجينًا، حيث يبدأ العملاء في استخدام التّطبيق ثمّ يستكملون المعاملة في أحد مراكزنا الّتي أصبحت شائعة لدى الشّريحة غير المصرفيّة من قاعدة عملائنا. نهدف إلى أن نكون مزوّد خدمة متعدّد القنوات لتلبية أولويّات عملائنا الفرديّة.
5- كيف تنظرون إلى بورصات البلوكتشاين والعملات المشفّرة؟ وهل تشكّل تهديدًا أم فرصة؟
إنّ البلوكتشين هي تقنيّة واعدة تتمتّع بنظام أمان محسّن وبشفافيّة أكبر وبإمكانيّة تتبّع فوريّة. توفّر هذه التّقنيّة المزيد من مزايا الأعمال، بما في ذلك توفير التّكاليف من خلال زيادة السّرعة والكفاءة والتّشغيل الآليّ. بالإضافة إلى ذلك، تقلّل بشكل كبير من النّفقات العامّة وتكاليف المعاملات وتلغي الحاجة إلى وسطاء طرف ثالث، فضلًا عن أنّها تقصر الوقت وتقلّل من تكلفة إرسال الأموال، وتجعل النّظام أكثر كفاءة وفعاليّة.
من ناحية أخرى، لا تعتبر العملات المشفّرة وعمليات تبادلها تهديدًا مباشرًا لنا لأنّها لا تتّبع نموذج أعمالنا. إنّ العملات الرّقميّة متقلّبة للغاية، كما يمكننا أن نرى بحسب السّوق اليوم، وقد تتأثّر بشدة في التّكهّنات حول تحرّكات الأسعار من قبل مختلف وسائل الإعلام، والمؤثّرين، وأقطاب القطاع العنيدين، ومحبّي العملات المشفّرة المشهورين.
وتفتقر العملات الرّقميّة إلى هيئة تنظيميّة مستقلة وإلى جهة رسميّة يمكنها الإشراف على الأخطاء والشّكاوى بهدف حلّها. إضافة إلى هذين العاملين، ثمّة متطلّبات فنيّة معقّدة نسبيًّا موضوعة لمعالجة عمليّات النّقل باستخدام العملات المشفّرة، ناهيك عن تحويلها إلى عملات ورقيّة كالدّولار أو الدّرهم.
ومع ذلك، نواصل مراقبة السّوق عن كثب بحثًا عن أيّ تغيّرات وتطوّرات قد تهمّ قاعدة عملائنا والّتي تتماشى مع القواعد واللّوائح الّتي وضعها البنك المركزيّ لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة.
6- ما هي مجالات عملكم (الصّرف، أو التّحويلات، أو دفع الفواتير، أو خدمات الشّركات) الأكثر ربحًا؟
يشكّل كلّ من التّحويلات وصرف العملات الأجنبيّة المصدر الرّئيس لإيراداتنا، وهو أمر نموذجيّ بالنّسبة إلى شركات الصّرافة. ومع ذلك، فإنّنا لا ننظر إلى كلّ قسم من أعمالنا بشكل منفصل، بما يسمح بالبيع المتبادل وتقديم خدمات عديدة على مسارات متعدّدة، إذ تعمل جميع خدماتنا معًا لتقديم تجربة موحّدة لعملائنا. فعلى سبيل المثال، قد يزور العميل فرعنا لتحويل الأموال، ولكنّه سيكتشف أيضًا إمكانيّـة دفع الفواتير داخل الدولة أو إعادة شحن الهاتف المحمول لأحد أفراد أسرته دوليًّا.
7- كيف تكون الأعمال التّجاريّة أقلّ وأكثر عرضة للتّحديّات كفيروس كورونا والتّضخّم والحروب (حرب روسيا وأوكرانيا) والانكماش الاقتصاديّ؟
لجميع التّحديات المذكورة أعلاه تأثير مباشر في تقلّبات العملة. فقد يتسبّب كلّ من التّضخّم والحروب والأوبئة والرّكود الاقتصاديّ في تقلّب قيمة عملات معيّنة. وعادةً ما نشهد زيادة في التّحويلات ومعاملات الصّرف الأجنبيّ عندما يكون هناك انخفاض في قيمة أي عملة مقابل الدّولار الأمريكيّ والّذي سينعكس تلقائيًّا على سعر الصّرف مقابل الدّرهم الإماراتيّ لارتباطه بالدّولار. فيستفيد المواطنون الإماراتيّون من الدّرهم القويّ ويقومون بتحويل الأموال عندما تكون قيمة الصّرف أعلى. ومن ناحية أخرى، قد يجد السّائح أنّها أغلى ثمنًا عندما يسافر إلى دبي متى يكتسب الدّرهم قوّة، والعكس صحيح عندما يتأرجح سعر الصّرف في الاتجاه المعاكس.
8- هل تحتاجون إلى تغيير استراتيجيّتكم لمواكبة العصر المتقلّب؟
ينبغي أن تكون الإستراتيجيّات مرنة للتّعامل مع العالم سريع الخطى الّذي نعيش فيه اليوم ومع التّهديدات التّنافسيّة الجديدة وديناميكيات السّوق المتغيّرة والنمو المتسارع التّكنولوجيّ والاحتياجات المتغيّرة باستمرار للعملاء المتمكّنين.
نحن نؤمن بالبحث المستمرّ في استراتيجيّاتنا وتطبيق حلول سريعة للتّكيّف مع التّغيير وتقديم منتجات وخدمات أفضل لعملائنا بشكل أسرع من أيّ وقت مضى. عندما وصل الوباء إلى دولة الإمارات للمرّة الأولى عام 2020، كنّا مستعدّين لذلك من خلال تطبيقنا الّذي سمح لآلاف العملاء تحويل الأموال عندما لم يتمكّنوا من مغادرة منازلهم. بالإضافة إلى ذلك، كان علينا أن نطلب من العاملين في الخطوط الأماميّة الحضور إلى العمل ومساعدة العملاء على تحويل الأموال لأنّ الحكومة تعتبر أنّ قطاعنا يقدّم خدمة مهمّة يجب أن تظّل متاحة خلال هذه الأوقات الصّعبة. لم يكن بإمكان أحد توقّع هذه التّحديّات ولم يكن لدينا وقت لتنفيذ استراتيجيّات التّحوّل، ولكنّنا كنّا مستعدّين بفضل وجود أفضل الموظفين الّذين يعملون بنشاط والمستعدّين لقيادة الحلول عند مواجهة أيّ تحدّ.