Share

إعادة تشكيل القوى العاملة في عصر الذكاء الاصطناعي: كيفية استباق توزيع المواهب في الشركات

يتطلب النجاح في الثورة الرقمية للعمل من كل موظف تطوير مزيج متوازن من الحكم البشري والإبداع والذكاء الاصطناعي ومهارات العمل
إعادة تشكيل القوى العاملة في عصر الذكاء الاصطناعي: كيفية استباق توزيع المواهب في الشركات
من المتوقع أن يرتفع اعتماد الذكاء الاصطناعي الوكيل بنسبة 327 في المئة بحلول العام 2027.

في خضم التحولات الديناميكية لعالم الأعمال، يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة محورية، قادرة على العمل بشكل مستقل وحل المشكلات المعقدة بذكاء فائق.

ومع تزايد التحولات الديموغرافية والاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، نشهد مرحلة جديدة من العمل تعيد تشكيل مفهوم المهارات والمناصب المطلوبة. بينما نبتعد عن نموذج القوى العاملة التقليدي القائم على البشر، يصبح لزامًا على الشركات ابتكار استراتيجيات استباقية للتكيف مع هذه التغيرات المحورية.

يعني هذا التحول إعادة التفكير في كيفية إنجاز العمل وما هي المهارات التي تحظى بالتقدير. يُظهر بحثنا الخاص، الذي شمل 200 مدير تنفيذي عالمي للموارد البشرية، أنه من المتوقع أن يرتفع اعتماد الذكاء الاصطناعي الوكيل بنسبة 327 في المئة بحلول العام 2027. ومن الواضح أن هذا سيؤثر على الطريقة التي تعمل بها الشركات، مما يتطلب التفكير العميق في إعادة تأهيل القوى العاملة وإعادة نشر جزء كبير منها في مناصب جديدة.

ويسلط التقرير الضوء على نية دولة الإمارات قيادة الطريق، حيث تستثمر الحكومة بكثافة في مبادرات شاملة لتزويد قوتها العاملة بمهارات الذكاء الاصطناعي، بهدف أن تصبح رائدة عالمية في هذا المجال بحلول العام 2031 من خلالاستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031” والبرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي.

في القطاعين العام والخاص، تحقق دولة الإمارات تقدماً ملموساً في نشر الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، تستخدم 93 في المئة من مؤسسات الخدمات في دولة الإمارات الذكاء الاصطناعي أو تقيمه لتوسيع نطاق الخدمات دون التضحية بالجودة، مع وجود حالات استخدام رئيسية تشمل المساعدين الأذكياء الذين يتعاملون مع الوكلاء، والمساعدين الأذكياء الذين يتعاملون مع العملاء، واستجابات الخدمة والعروض والتوصيات الذكية.

ينتقل التركيز من تنفيذ المهام إلى التعاون مع وكلاء الذكاء الاصطناعي والإشراف عليهم. يتولى قادة الموارد البشرية مهمة إعادة تصميم سير العمل، وابتكار برامج تدريبية جديدة، وتأسيس أطر تعاون فعّالة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. سيتعين على كل موظف تطوير مزيج متوازن من الحكم البشري والإبداع والذكاء الاصطناعي ومهارات الأعمال لتحقيق النجاح في هذه الثورة الرقمية.

الحاجة إلى اعتماد نهج المواهب القائم على المهارات 

لا يقتصر تكامل الذكاء الاصطناعي الوكيل على إنشاء فئات وظيفية جديدة، بل يسهم أيضًا في إحداث تحول على مستوى المناصب الحالية. نحن نشهد بروز مناصب تركز على تصميم وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي لتمكين الوكلاء، مما يمنح الفرق حرية أكبر للتركيز على التفكير الاستراتيجي والابتكار وإشراك العملاء، مثل مصممي سير عمل الذكاء الاصطناعي ومهندسي العمليات ومهندسي المطالبات ومهندسي النماذج.

إضافة إلى هذه التخصصات التقنية، هناك حاجة ملحة لمناصب جديدة تضمن الاستخدام الأخلاقي والعادل والمتوافق للذكاء الاصطناعي. يتوقع كبار مسؤولي الموارد البشرية إعادة توزيع الموظفين إلى مناصب فنية مثل علماء البيانات والمهندسين المعماريين الفنيين في المستقبل القريب.

ما هي المهارة الأكثر أهمية في الاقتصاد الوكيل؟ محو الأمية بالذكاء الاصطناعي. تفيد أبحاث “سيلزفورس” بأن قادة الموارد البشرية يعتزمون إعادة توزيع نحو ربع (23 في المئة) موظفيهم في مناصب جديدة تستفيد بشكل أفضل من مهاراتهم الفريدة. ويعتبر 88 في المئة من مسؤولي الموارد البشرية أن هذا الأسلوب أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالتوظيف الخارجي، مع توقع زيادة بنسبة 30 في المئة في إنتاجية الموظفين بعد دمج الذكاء الاصطناعي الوكيل بالكامل.

ستكتسب المهارات الشخصية مثل التعاون والقدرة على التكيف وبناء العلاقات أهمية متزايدة. ومع دعم الذكاء الاصطناعي للمهام الروتينية، ستركز الوظائف البشرية بشكل متزايد على المجالات التي يمكن أن يضيف فيها الناس أكبر قيمة. يتطلب الإشراف على وكلاء الذكاء الاصطناعي مهارات قيادية قوية، وتعلمًا سريعًا، واستباقية، وعقلية تعتمد على البيانات — وهي مهارات يجب أن تتضمن برامج تدريب جديدة.

لضمان نجاح الشركات في هذا المشهد المتغير، ينبغي عليها التركيز على المهارات بدلاً من المسميات الوظيفية. يمكن للتكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، أن تلعب دورًا حاسمًا من خلال تحليل البيانات الداخلية والخارجية لتحديد الفجوات في المهارات واكتشاف المواهب الخفية. على سبيل المثال، يمكن لنماذج اللغة الكبيرة مراجعة السير الذاتية للعثور على الأنماط التي تشير إلى مسارات وظيفية جديدة ربما لم يأخذها الموظفون في الاعتبار. يعزز هذا النهج القائم على المهارات فعالية إعادة توزيع المواهب، مما يحسن الكفاءة والجودة.

اقرأ أيضاً: ثلاثة سيناريوهات تُظهر فرصة بقيمة 232 مليار دولار للناتج المحلي في الشرق الأوسط مدفوعة بالذكاء الاصطناعي بحلول 2035: بي دبليو سي

الذكاء الاصطناعي الوكيل
تستخدم 93 في المئة من مؤسسات الخدمات في دولة الإمارات الذكاء الاصطناعي أو تقيمه لتوسيع نطاق الخدمات دون التضحية بالجودة.

السؤال ليس عمّا إذا كانت الوظائف ستشهد تغيّرًا، بل عن كيفية حدوث ذلك 

على الرغم من الفوائد الواضحة، لا تزال معظم الشركات في مراحلها الأولى من اعتماد الذكاء الاصطناعي الوكيل. فقد نفذته 15 في المئة فقط من الشركات بالكامل، ولا يزال 73 في المئة من الموظفين غير مدركين لكيفية تأثير العمل الرقمي على مهامهم اليومية. تعكس هذه الفجوة في الوعي الحاجة الملحة للتواصل الواضح وإدارة التغيير الفعالة.

يجب أن يكون القادة شفافين، وأن يدركوا التغييرات المقبلة، ويقدموا الدعم للموظفين خلال هذه الفترة الانتقالية. لقد أصبح اقتصاد العمل الرقمي واقعًا، والمهارات الأكثر قيمة تتطور. تزداد أهمية المهارات البشرية، جنبًا إلى جنب مع المعرفة التقنية بالذكاء الاصطناعي. ويواجه قادة الأعمال ضغوطًا للتنقل في هذا المشهد المعقد.

ستكون الشركات التي تخطط بشكل استباقي لإعادة توزيع الموظفين، وتستثمر في إعادة التدريب، وتبني أطرًا للتعاون الموثوق بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، في أفضل وضع ليس فقط للتكيف ولكن أيضًا للريادة في هذا العصر الجديد من العمل، حيث يتكامل الإبداع البشري مع الذكاء الرقمي.

يفتح هذا التحول أبوابًا جديدة للإنتاجية، ويوفر فرصة استراتيجية لإعادة تعريف القوى العاملة نحو مستقبل هجين. ومن خلال تبني هذه التغييرات، تستطيع الشركات ضمان قدرتها على المنافسة والابتكار في السنوات القادمة.

الذكاء الاصطناعي الوكيل

محمد الخوتاني، نائب الرئيس الأول والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط لدى سيلزفورس