تقود المشاريع الضخمة نهضة في القطاعات غير النفطية السعودية مثل البناء والسياحة حيث تكثف المملكة جهودها لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر.
في وقت سابق من يناير/كانون الثاني، صنّف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “الدرعية” كخامس مشروع ضخم لصندوق الاستثمارات العامة بعد مدينة “نيوم” الذكية التي تبلغ تكلفتها 500 مليارات دولار. البحر الأحمر، ويتألّف من 92 جزيرة على مساحة 28 ألف كيلومتر مربع؛ القدية البالغة مساحتها 334 كيلومترًا مربعًا؛ والمطوّر الرئيسي للمخطط السكني Roshn.
تعدّ هذه التطورات عاملاً حاسماً في برامج تحقيق الرؤية السعودية لتحقيق أهداف التنويع لرؤية 2030 التي تم إطلاقها في أبريل/نيسان 2016.
هناك اتفاق واسع النطاق أن تطوير المشاريع العملاقة مفيد للاقتصاد السعودي ككل وكذلك لقطاع البناء المحلي، الذي واجه تباطؤًا مستدامًا في أعقاب انهيار أسعار النفط خلال العامين 2014 و2015 وما تبعه من تخفيضات على مستوى الميزانيات.
في هذا الإطار، في ديسمير/كانون الأول الماضي، قالت شركة الراجحي المالية في بيان إن الزيادة المتوقعة في ميزانية الرياض بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي يمكن أن تؤدي إلى “تسريع في تنفيذ المشاريع الضخمة والعملاقة، والتي بدورها من المرجح أن تساعد في انتعاش قطاع البناء”.
“إن الاستحصال المستمر للقروض السكنية الجديدة، إلى جانب تخفيف أسعار مواد البناء قد ساعد على انتعاش قطاع البناء في المملكة”.
إرساء العقود
قال مجلس الأعمال الأميركي السعودي في ديسمبر/كانون الأول إن عقود البناء السعودية الممنوحة بلغت 25.2 مليارات ريال (6.7 مليارات دولار) خلال الربع الثالث من 2022 بقيادة برامج تحقيق الرؤية السعودية للسياحة والإسكان والبنية التحتية المادية.
وجرى ترسية خمسة عشر عقدًا بقيمة 12.6 مليارات ريال (3.3 مليار دولار) خلال الفترة، مسجلة نموًا سنويًا قدره 9.7 مليار ريال (2.6 مليار دولار، أي بمعدّل 73 في المئة.
اعتبارًا من سبتمبر/الماضي، منحت “نيوم” وحدها عقودًا بقيمة 23.7 مليارات ريال (6.3 مليار دولار) لسلسلة من المشاريع، بما في ذلك The Line وشبكة السكك الحديدية التابعة لها.
وأشار البراء الوزير، مدير البحوث الاقتصادية في مجلس الأعمال الأميركي السعودي: “إن بيئة الاقتصاد الكلي المحسّنة التي حفزتها عائدات المملكة النفطية إلى جانب مبادرات القطاع غير النفطي الجارية قد ساعدت على دفع إرساء المشاريع”.
نظرة مستقبلية للاستثمار الأجنبي المباشر
توفر المشاريع العملاقة أيضًا نقطة انطلاق للسعودية لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر غير النفطي على نحو متسارع. وتستهدف الرياض الاستثمار الأجنبي للوصول إلى 5.7 في المئة من الناتج الاقتصادي، لكن يبقى قطاع النفط أكثر قطاعات المملكة ربحية في الوقت الحالي.
جاء معظم الاستثمار الأجنبي البالغ 19.3 مليارات دولار الذي اجتذبته المملكة في العام 2021 – وهو الأعلى منذ 2010 – من شركة النفط الحكومية “أرامكو” السعودية التي باعت جزءًا من وحدة خطوط الأنابيب الخاصة بها.
وكان وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، قال على هامش الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2023 في دافوس، إن جهود الاستثمار الأجنبي المباشر غير النفطي للمملكة لم تتوانى، وأنه لدى المملكة “العديد من عوامل التمكين التي يمكن أن تجتذب الكثير من الشركاء”.
إقرأ المزيد: مشروع البحر الأحمر، نيوم، لتسريع السياحة المتجددة إلى السعودية
وأردف: “إن المملكة لديها الحوافز والحوكمة لجذب النوع المناسب من المستثمرين للحصول على عوائد جيدة.”
وأشار الإبراهيم إلى أن الحكومة السعودية أجرت أكثر من 700 تغيير تنظيمي مع سعيها لجذب المستثمرين، مؤكداً جدية المملكة لتنويع الاقتصاد والتحدث مع جميع الشركاء.
“نحن منفتحون ونتحدث مع جميع الشركاء المهتمين بالقضية السعودية”، أضاف.
تواصل شركات البناء الأجنبية الفوز بالعمل على المخططات التي تستهدف برامج تحقيق الرؤية السعودية في المملكة، بما في ذلك مشاريعها العملاقة، ولكن لا يزال هناك مجال واسع لنمو التدفقات.
يشير تقرير Lumina Cross-Border Insights الصادر في وقت سابق من يناير/كانون الثاني إلى أن أكبر سبعة مشاريع للبنية التحتية في السعودية – نيوم وروشن وبوابة الدرعية وجدة سنترال ومشروع البحر الأحمر والعلا والقدية – ستبلغ كلفتها الاستثمارية مجتمعة 690 مليارات دولار.
سيكون لشركاء الاستثمار الأجنبي المباشر دور حاسم في تحقيق أهداف المساهمة الاقتصادية الطموحة المحددة للمشاريع العملاقة في المملكة. وستعتمد الرياض على تحديثاتها التنظيمية، فضلأً إلى الإمكانات التجارية التي يمكن أن تقدمها مشاريعها العملاقة، لزيادة جاذبيتها بوتيرة سريعة أمام المستثمرين العالميين.
أنقر هنا لقراءة المزيد عن أحدث المشاريع في السعودية.