كشف تقرير حديث مؤخرًا أن الشركات في الشرق الأوسط تتجه أكثر فأكثر نحو إدراج موضوع الاستدامة ضمن أجنداتها باعتباره أحد أبرز الأولويات.
وأوضح تقرير الاستدامة الذي نشرته بي دبليو سي الشرق الأوسط، إلى أن أربعة من بين كل خمسة مسؤولين تنفيذيين (79 في المئة) أشاروا إلى أنهم وضعوا استراتيجية رسمية للاستدامة.
وبيّنت الدراسة أن أكثر من النصف (52 في المئة) يقومون بتطبيق هذه الاستراتيجية بالكامل داخل مؤسساتهم.
كذلك، يسلّط الاستطلاع الضوء على التوجه المتزايد لدى الشركات في استحداث مناصب عليا، مثل المسؤول التنفيذي لشؤون الاستدامة أو مدير الاستدامة.
هذا وأشار 48 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إلى أن شركاتهم تضم مسؤولًا تنفيذيًا لشؤون الاستدامة أو تخطط لتعيينه في الأشهر الاثني عشر المقبلة.
التزام متزايد بمعالجة أزمة المناخ
وتعليقًا على نتائج الاستطلاع، قال د. يحيى عنوتي، قائد قسم الاستدامة في بي دبليو سي الشرق الأوسط: “تُظهر الشركات والقادة الحكوميين التزامًا متزايدًا بمعالجة أزمة المناخ واعتماد مبادئ الاقتصاد الدائري. وتُعدّ الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها المنطقة في مجال الطاقة المتجددة أمراً أساسياً. ويتعيّن على الحكومات والقطاع الخاص على حد سواء مواصلة العمل بشكل جماعي من أجل منح الأولوية للاستثمارات المسؤولة واعتماد التكنولوجيات المتقدمة بهدف تعزيز الحلول المناخية المبتكرة. ومن المهم أن يدرك قادة الأعمال أن إجراءات الاستدامة لا تولّد عائدًا على الاستثمار فحسب، بل يمكنها أيضًا تسريع عملية تحقيق الأرباح”.
وفي ظل بروز موضوع الاستدامة على أجندة المسؤولين التنفيذيين، ثمة أيضاً التزام متزايد بمستهدفات تحقيق صفر انبعاثات لغازات الدفيئة، إذ أشار نصف المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم التزموا بتحقيق صفر انبعاثات كربونية، كما يعمل 26 في المئة آخرين على الانضمام إلى هذا الالتزام.
مخاوف بشأن التكاليف المحتملة والعوائد المنخفضة لاستثمارات الاستدامة
وفي معرض تأكيده على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة، قال ستيفن أندرسون، قائد قسم الاستراتيجية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: “إن تقرير الاستدامة لهذا العام يسلّط الضوء على أن قادة الأعمال في المنطقة يتفاعلون بشكل إيجابي مع الضغوط المتزايدة من الجهات التنظيمية والمجتمع لإظهار تقدماً في ما يتعلق بالاستدامة. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن التكاليف المحتملة والعوائد المنخفضة لاستثمارات الاستدامة، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى خلاف ذلك. وسيتطلب النهوض بأجندة الاستدامة تحسينات مركزة واستراتيجية من أجل ضمان مواصلة الجهود وتكثيفها في هذا الإطار، وتحويل المناقشات المتعلقة بالمناخ إلى إجراءات ملموسة”.
إن استحداث قاعدة من المواهب للمستقبل يستلزم رفع مستوى المهارات الموجودة وتوظيف مجموعة متنوعة من المواهب التي تُعتبر ضرورية لاستراتيجيات الاستدامة.
فقد اعتبر 79 في المئة من المسؤولين التنفيذيين المشاركين في الاستطلاع أن المعرفة بكيفية إعداد تقارير الاستدامة وأنظمتها هي من المتطلبات الرئيسية.
وتُعدّ المهارات التي تركز بشكل أكبر على المستقبل ضرورية أيضًا لاعتماد التكنولوجيا، على غرار الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي يمكنها أن تعزز جهود الاستدامة.
ومع ذلك، تبيّن الإجابات الواردة في الاستطلاع أن تفعيل الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله الأولى، فيشير المشاركون في الاستطلاع إلى أنهم يستخدمون التقنيات بشكل رئيسي لتعزيز القدرات الحالية، مثل تحليل البيانات والمعطيات (48 في المئة) أو إعداد التقارير (45 في المئة)، وليس لتحسين سلاسل التوريد أو تطوير نماذج الاقتصاد الدائري.
الاستفادة من مصادر التمويل الجديدة
ولقد كانت الاستفادة من مصادر التمويل الجديدة أحد الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها العام الماضي. ويتطلع المشاركون في استطلاع هذا العام إلى الاستفادة من مجموعة أكبر من فرص وآليات التمويل.
ويبقى التمويل الذاتي مصدر التمويل الأخضر الأكثر شيوعًا، في حين أشار 34 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم يختارون القروض الخضراء.
وأفاد عدد مماثل (33 في المئة) أنه يعتبر أسواق رأس المال (كالسندات الخضراء أو الزرقاء) جزءًا من خيارات التمويل التي يستخدمها.
القطاع الخاص محرّك أساسي لعجلة الاستدامة
ويُعتبر القطاع الخاص محرّكًا أساسيًا لعجلة الاستدامة، إذ أشار قادة الاستدامة الذين شملهم الاستطلاع إلى أنه ثمة رغبة واضحة وفرصة لدى القطاع الخاص لتعزيز أجندة الاستدامة في المنطقة.
ويُظهر الاستطلاع أن حوالى 9 من بين كل 10 قادة يعتقدون أنه يمكن للقطاع الخاص أن يؤدي دورًا في تعزيز التزام المنطقة بالاستدامة وتوسيع نطاقه من خلال التعاون وإقامة الشراكات والتحالفات.
وختم أندرسون قائلاً: “ومن أجل الحفاظ على الزخم على مستوى أجندة الاستدامة، نتوقّع أن يركّز قادة الاستدامة في الشرق الأوسط على أربعة مجالات رئيسية، ألا وهي صقل مهارات القوى العاملة، وتعزيز البنية التحتية في مجالات مثل الاقتصاد الدائري، ووضع أنظمة موحّدة بشأن الاستدامة، وتمكين التمويل لضمان التنمية المستدامة”.
وجمعت بي دبليو سي في الاستطلاع الثالث المرتبط بالاستدامة في الشرق الأوسط معطيات من المسؤولين والمديرين التنفيذيين الذين يشاركون في أنشطة الاستدامة ضمن مؤسساتهم،
مع العلم بأن غالبية المشاركين يعملون في مؤسسات مقرّها منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، بخاصة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، و64 في المئة من هذه المؤسسات تجمع إيرادات تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار في مجموعة واسعة من القطاعات.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الاستدامة.