احتلت دبي المركز 12 في التقرير العالمي للثروة ونمط الحياة، وهي سادس المدن الأكثر غلاءً في منقطة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
بحسب النسخة الخامسة من التقرير العالمي للثروة ونمط الحياة 2024، الصادرة عن جوليوس باير، البنك السويسري المتخصص بإدارة الثروات، لطالما كانت الإمارة من أكثر المراكز الاقتصادية الجذابة ورمزاً للرفاهية في منطقة الشرق الأوسط. ورغم أن تأثير الأزمة الصحية العالمية أصبح الواقع الجديد حالياً، إلا أن التضخم وارتفاع أسعار المعيشة وزيادة الاضطرابات الجيوسياسية لم تؤثر كثيراً على دبي بالمقارنة مع باقي الأسواق، مما ساهم في زيادة جاذبيتها لدى المقيمين الأثرياء.
ويلفت التقرير إلى أن دولة الإمارات تتميز بموقعها عند ملتقى الشرق والغرب، وتحتضن مجموعة من المطارات الأكثر إشغالاً والموانئ الواعدة. ويسهم الموقع الجغرافي لدبي في استقطاب الشركات من جميع أنحاء العالم، مما يجعلها سوقاً مثالية للتوسع العالمي. ويشير التقرير إلى أن السفر بقصد العمل والسفر بقصد الترفيه شهدا زيادةً بنسبة 65 في المئة و67 في المئة على التوالي خلال الأشهر الـ 12 الماضية في الشرق الأوسط، حيث أسهم الموقع الاستراتيجي للمنطقة في تحويلها إلى نقطة جذب للمستثمرين الباحثين عن دخول الأسواق المجزية في مختلف أنحاء العالم.
ازدهار قطاع العقارات
ويشير التقرير إلى أن قطاع العقارات يساهم بنسبة 8.9 في المئة من اقتصاد الدولة ويُظهر مستويات نشاط استثنائية. وتشكل العقارات أحد أهم الأصول في الشرق الأوسط مع زيادة في أسعارها تصل إلى 16 في المئة بالدولار الأميركي وفقاً للمؤشر وبيانات الاستبيان. ويحظى قطاع العقارات في دبي بإقبالٍ واسع، وسجلت سوق الإسكان في الإمارة النشاط الأعلى على مستوى العالم خلال عام 2023 بحسب بيانات شركة نايت فرانك، حيث بلغت قيمتها 10 مليون دولار مدفوعةً بارتفاع مستويات الطلب المحلية والعالمية. كما ينفق أثرياء المنطقة معظم أموالهم حالياً على العقارات السكنية الفاخرة بالمقارنة مع المناطق الأخرى، ويأتي هذا الزخم مدفوعاً بالنمو الاقتصادي القوي والبنية التحتية عالمية المستوى.
وحافظت سوق العقارات السكنية على مسارها التصاعدي من حيث الأسعار، ومع ذلك تبقى الأسعار مقبولة نسبياً بالمقارنة مع العديد من المدن في المنطقة. وينتقل المستثمرون الخبراء إلى دبي لشراء العقارات الفاخرة ذات العلامة التجارية بسبب التنافسية التي توفرها دبي بالمقارنة مع نظيراتها في المنطقة والعالم. وسيحافظ هذا التوجه المتنامي على مكانة دبي لدى المستثمرين العالميين. وأفاد أكثر من نصف أثرياء الشرق الأوسط، ممن شاركوا في الاستبيان، بأنهم أنفقوا بشكلٍ أكبر على العقارات السكنية خلال الأشهر الـ 12 الماضية، إلى جانب تخطيطهم للإنفاق بالمعدل نفسه، حيث قال 58 في المئة منهم إنهم يعتزمون الإنفاق بشكل أكبر خلال الأشهر الـ 12 القادمة. ولم تستطع أي منطقة تحقيق نتائج مقاربة حتى.
النتائج الإقليمية
وأشار التقرير إلى أن سنغافورة حافظت على مكانتها في المركز الأول، واحتلت هونج كونج المركز الثاني بدلاً من الثالث، وتراجعت منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى المركز الثاني للمرة الأولى على الإطلاق بسبب المدن ذات التصنيف المنخفض مثل طوكيو، إلى جانب العودة القوية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وكانت منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا الأقل تكلفة للعيش اللائق العام الماضي، إلا أنها أصبحت هذا العام الأكثر غلاءً بسبب تقدم لندن إلى المركز الثالث بدلاً من الرابع، إلى جانب ارتفاع تصنيف جميع المدن الأوروبية وأسعار صرف العملات الأجنبية المرتفعة أمام الدولار الأميركي (بزيادة 4 في المئة على سعر اليورو و8 في المئة على سعر الفرنك السويسري). وجاءت دبي في المركز السادس كأكثر المدن غلاءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وفي المركز 12 عالمياً (انخفاضًا من المركز السابع) على مؤشر نمط الحياة بسبب التضخم وتقلبات العملات. وعلى الرغم من تراجع الأميركيتين إلى المركز الأخير، إلا أن نيويورك وساو باولو حافظتا على مكانتهما ضمن قائمة المدن العشرة الأفضل عالمياً.
وتركز الإنفاق في الشرق الأوسط على السلع الفاخرة مثل الملابس والساعات، إلا أن العقارات السكنية الفاخرة كانت الأكثر أهمية. ويركز أصحاب الملاءة العالية في الشرق الأوسط على العقارات والمنتجات الفاخرة مثل الملابس والمجوهرات والساعات المرموقة، بينما يركز أصحاب الملاءة في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ على الضيافة التي تشمل الفنادق من فئة الخمس نجوم والمطاعم الشهيرة، أما في الأميركيتين فتوزع الإنفاق على جميع الفئات.
وشهدت جميع المناطق العام الماضي زيادة في الإنفاق على السفر والضيافة من قبل أصحب الملاءة العالية، إلا أن النمو الأكبر كان من نصيب الشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وحقق السفر بقصد العمل والترفيه زيادة كبيرة في الشرق الأوسط بنسبة 65 في المئة و67 في المئة على التوالي.
وعلى الرغم من الاضطرابات المالية التي حصلت خلال الأشهر الـ 12 الماضية، إلا أن أصحاب الملاءة العالية ما يزالون على استعداد للمخاطرة من أجل تحقيق عائدات أعلى. وقام أصحاب الملاءة العالية من منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية بزيادة مستويات المخاطرة في استثماراتهم بدعم من خبراتهم المالية وقيم الأصول المتزايدة، على الرغم من تحفظ أوروبا وأميركا الشمالية.
ويتمثل الهدف المالي الرئيسي للمشاركين في الاستبيان ببناء الثروة وزيادة الأصول، وهو الهدف نفسه في السنوات السابقة. وازدادت استثمارات أصحاب الملاءة العالية في جميع المناطق خلال الـ 12 شهراً الماضية بالمقارنة مع السنوات السابقة، وتصدرت منطقة الشرق الأوسط هذه القائمة مع زيادة الاستثمارات بنسبة 72 في المئة، بينما شهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ زيادة بنسبة 68 في المئة. ويبدو أن مستويات الاستثمارات الإقليمية تعكس مستويات المخاطر أيضاً، لا سيما أن أوروبا وأميركا الشمالية أصبحتا الأكثر تحفظاً مرة أخرى.
المنتجات والخدمات التي تحظى بمعدلات إنفاق عالية من أصحاب الملاءة المالية العالية في منطقة الشرق الأوسط خلال الـ 12 شهراً الماضية
أفاد التقرير بأن دبي هي المدينة الأكثر غلاءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا فيما يتعلق ببدلات الرجال وحقائب اليد النسائية. ويعكس معدل الإنفاق، الذي يتخطى المتوسط، على هذه الكماليات مواصلة دبي تعزيز مكانتها بوصفها فرصة كبيرة تمنح العلامات التجارية الفاخرة تزايداً في إقبال العملاء الأثرياء على شراء البضائع الثمينة. كما أن الأسعار الباهظة لا تقف عائقاً أمام المشترين، حيث أشار المشاركون في الاستبيان إلى نواياهم بإنفاق مزيدٍ من الأموال خلال العام القادم على البدلات وحقائب اليد النسائية بنسبة 65 في المئة و52 في المئة على التوالي.
وتمثل دبي مركز الثروة المفضل للعديد من رواد الأعمال والعائلات الثرية، بفضل ما توفره من إعفاءات على ضريبة الدخل ومكاسب رأس المال وضرائب الميراث، لا سيما وأنهم يتطلعون للاستفادة من السياسات المواتية وتوسيع نطاق أعمالهم. وكشف المؤشر تطلعات استثمارية إيجابية لدى الأثرياء في دبي ومنطقة الشرق الأوسط، مع امتلاكهم أهداف رئيسية تتمثل بتكوين الثروة وزيادة الأصول وتعزيز محافظهم الاستثمارية.
القيمة الإجمالية لأصول أصحاب الملاءة المالية العالية في منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيراً خلال الـ 12 شهراً الماضية
تواصل دبي تعزيز مكانتها بوصفها مركزاً مالياً جديداً، لا سيما مع تدفق صناديق التحوط العالمية البارزة ومدراء الأصول وشركات التكنولوجيا المالية والمكاتب العائلية، الراغبين في تأسيس مكاتب إقليمية لترسيخ مكانة دبي كوجهة رئيسية للنخبة العالمية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال فهد عبدالله، الرئيس التنفيذي لقسم الاستشارات الاستثمارية في بنك جوليوس باير المحدود في الشرق الأوسط: “تحافظ دول مجلس التعاون الخليجي على مكانتها القوية على الرغم من الصراع الدائر في المنطقة، والذي من المتوقع بقاؤه نسبياً تحت السيطرة. كما تم تخفيض توقعات الناتج المحلي الإجمالي بسبب حالة انعدام اليقين بشأن تأثيره على النشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن يشهد النمو انتعاشاً في عام 2025، بالإضافة إلى استمرار التركيز الرئيسي على الأنشطة غير النفطية في عام 2024، لا سيما أن تخفيضات الإنتاج تقلل من مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي. وعلى سبيل المثال، حقق الاقتصاد غير النفطي للعاصمة الإماراتية أبوظبي نمواً بنسبة 9.1 في المئة في عام 2023، مما رفع المساهمة الإجمالية لهذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 53 في المئة.
وشهد قطاع السياحة نمواً قوياً في أعقاب التعافي من أزمة كوفيد-19، ولا سيما في دبي التي شهدت زيادة بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي في عدد الزوار الذي تجاوز 20 مليون زائر في عام 2024، مما ساهم بنسبة 12 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي الكلي. كما تواصل دبي ترسيخ مكانتها بوصفها عاصمة جديدة للتمويل العالمي، لا سيما أنها تمثل صلة وصل بين الشرق والغرب وتتميز بنموذج مصرفي تقليدي مدعوم باقتصاد رقمي قوي.ويمثل النقل والتخزين جزءاً كبيراً من مكونات الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في دولة الإمارات، والذي يظهر مستويات نمو غير مسبوقة. ويجب على منطقة الشرق الأوسط، بقيادة دول مجلس التعاون الخليجي، مواصلة تحقيق فائض في الحسابات المالية والجارية في هذه المرحلة. ورغم ارتفاعه المتواضع، ما زال التضخم في أدنى مستوياته بالنسبة للأسواق الناشئة”.
نتائج استبيان نمط الحياة
يتناول استبيان نمط الحياة توجهات سبل العيش والاستهلاك لدى أصحاب الملاءة المالية العالية في 15 دولة ضمن أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأميركا الشمالية. كما يدرس الاستبيان التغيرات في أنماط الاستهلاك، ويتقصى الأسباب الكامنة خلف هذه التحولات. وبالتالي، يوضح الصورة العامة ويقدم رؤى معمقة وبيانات تسهم إلى حدٍ كبير في تحسين مؤشر نمط حياتنا.
وأشار التقرير العالمي للثروة ونمط الحياة للعام الماضي إلى أن التوجهات الجديدة تشمل الصحة، وذلك بالتزامن مع الزخم المستمر الذي تكتسبه الثروات الجديدة. وفيما يتعلق بنوايا الإنفاق خلال الـ 12 شهراً القادمة، كان الإنفاق على الصحة من بين أعلى خمس مستويات إنفاق في جميع المناطق، فضلاً عن بقائه محط اهتمام رئيسي عالمياً. ويركز أصحاب الملاءة المالية العالية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ استثماراتهم في مجال الرعاية الصحية.
وقام أصحاب الملاءة المالية العالية من منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية بزيادة مستويات المخاطرة في استثماراتهم بدعم من خبراتهم المالية وقيم الأصول المتزايدة، بينما ساد التحفظ والضعف في أوروبا وأميركا الشمالية.
وبقيت تجارب الترفيه الشخصية مطلباً رئيسياً، فيما تلعب الاستدامة دوراً أكبر في استراتيجيات الاستثمار في عام 2024 لدى جميع أصحاب الملاءة المالية العالية تقريباً من منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. كما شهدت هذه المناطق الثلاث قيام استثمارات مسؤولة، حيث قام معظم أصحاب الملاءة المالية العالية بمراجعة أوضاع محافظهم الاستثمارية لاستيعاب تأثير المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة لاستثماراتهم، لا سيما مع وجود توجه للمسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة أكبر من الذي في أوروبا وأميركا الشمالية. وقد يكون شأن البضائع معزولاً عن ما ينطبق على الاستثمارات، حيث ما زالت مبادئ الاستدامة تلعب دوراً ثانوياً في عادات الشراء الفعلية.
وبالتوازي مع رغبة أصحاب الملاءة المالية العالية في ترفيه أنفسهم، يسعون إلى النهوض بأحوالهم من خلال الاهتمام بالصحة والرياضة واقتناء التكنولوجيا الحديثة. كما يبحثون عن رهانات طويلة الأمد من خلال شراء العقارات، وذلك خصيصاً في حالة أصحاب الملاءة المالية العالية في منطقة الشرق الأوسط. ومع استمرار تجاوز الطلب للأخلاقيات المعهودة، يكمن التحدي في تشجيع أصحاب الملاءة المالية العالية على إدخال مبادئ الاستدامة في صلب حياتهم وقراراتهم الاستثمارية في جميع الأسواق.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار المنوعات.