هل تنجح سويسرا في التخلص من سمعتها كملاذ للمكاسب غير المشروعة؟ فهذا البلد الذي يعتبر المركز الأول في العالم للثروة الخارجية أعلن عن مسودة لوائح جديدة تهدف إلى تعزيز إجراءاته لمكافحة تبييض الأموال.
وتقدر الاصول الخارجية التي تحتفظ بها المصارف في سويسرا بنحو 2.4 تريليون دولار. علما أن سويسرا تتشارك حالياً المعلومات المصرفية مع أكثر من 100 دولة.
وهي المرة الثانية خلال ثلاث سنوات التي تقوم فيها سويسرا بإصلاح قوانينها ضد الجرائم المالية.
وقد واجهت دعوات عالمية لزيادة الشفافية المحيطة بالساحة الغامضة لملكية الشركات. فغالبا ما تخفي الصناديق والشركات الهوية الحقيقية للمستفيدين النهائيين.
ويلعب المجتمع المالي في البلاد أيضا دوراً كبيراً في المساعدة على إنشاء الصناديق الاتئمانية والهياكل الخارجية في الولايات القضائية الأخرى وتميل إليها.
ويقول منتقدون إن النظام القائم في البلاد تعرض لسوء المعاملة من قبل القلة والمجرمين في جميع أنحاء العالم لإخفاء ملكية الأصول باستخدام المؤسسات والخبرات السويسرية.
إقرأ أيضاً: 10 توقعات تمسّ قطاع الخدمات المالية في 2023
وإذا تمت الموافقة على هذا الإجراء، فإن الإطار الجديد سيوسع نطاق العناية الواجبة والتزامات الإبلاغ للمحامين والمحاسبين والمستشارين الآخرين المشاركين في إنشاء الصناديق الاستئمانية أو الشركات القابضة أو إدارة المعاملات العقارية.
بالإضافة إلى ذلك ، حددت الحكومة خططاً لإنشاء سجل مركزي يوثق المالكين الحقيقيين للكيانات القانونية، بهدف مكافحة تبييض الأموال من خلال شركات وهمية. وهي فكرة كان تم اقتراحها في اكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتعتبر سويسرا في الوقت الحاضر الدولة الأوروبية الوحيدة التي ليس لديها بالفعل مثل هذا السجل.
ولن يكون السجل الجديد متاحا لعامة الناس، ولكنه سيكون متاحا للمنظمين والحكومة والشرطة وكذلك المصارف والمحامين المعتمدين الذين يبذلون العناية الواجبة للوصول.
ويشير المشروع الإصلاحي أيضا إلى أن جميع المعاملات العقارية المقبلة ستخضع لفحوصات العناية الواجبة. علاوة على ذلك، فإن المعاملات النقدية للسلع عالية القيمة مثل الذهب والماس ستندرج تحت شيكات مكافحة تبييض الأموال لمبالغ تتجاوز 15 ألف فرنك سويسري (17055.14 دولارا)، وهو انخفاض كبير عن العتبة الحالية البالغة 100 ألف فرنك.
وكشفت وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر سوتر أن بلادها تقوم بحملة عبر إجراءات شاملة لتضييق الخناق على تبييض الأموال.
وقالت كيلر سوتر:” إن وجود نظام قوي للحماية من الجرائم المالية أمر ضروري لسمعة ونجاح دائم لمركز مالي مهم وآمن وتطلعي دوليا… تبييض الأموال يضر بالاقتصاد ويعرض الثقة في النظام المالي للخطر”.
وأوضح في تصريحات لها يوم الأربعاء إن سويسرا تتمتع بسمعة طيبة دولياً في التمسك بالمعايير المالية لكنها أقرت بوجود “ثغرات”.
وعلى الرغم من أن الدولة الغنية في جبال الألب قد تحركت مع الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا، إلا أن النقاد اتهموا برن بعدم الامتثال بشكل كاف.
ولا يزال تاريخ سويسرا الطويل كملاذ مفضل للأعمال والترفيه للنخبة الروسية يؤثر على سمعة البلاد بين أقرانها الغربيين.
وفي أبريل (نيسان)، انتقد سفراء مجموعة الـ 7 في برن الحكومة السويسرية في رسالة مشتركة لغض الطرف عن العديد من “الثغرات” في القانون السويسري — والدور الذي يلعبه المحامون السويسريون في استغلالها — التي قالوا إنها تستخدم لتسهيل التهرب من العقوبات.
وفي السياق نفسه، كشفت الهيئة التنظيمية المالية السويسرية (فينما) أنها نظرت في مخاطر تبييض الأموال في 30 مصرفا ًهذا الربيع، بعد تحديد أوجه القصور في المنطقة.
وقالت “فينما” “على وجه الخصوص، لم يكن هناك تعريف مناسب لتحمل مخاطر تبييض الأموال ، والذي يشكل الإطار المحدود لتحليل المخاطر القوي من خلال حدود محددة ، في بعض الحالات”.
ويعتبر التقييم الضعيف للمصارف- التي لم يتم تحديدها بالاسم- مهم لأن سويسرا تحتل المرتبة الأولى في جميع أنحاء العالم في إدارة الثروات.
وتوقعت مجموعة “بوسطن” الاستشارية، في تقرير الثروة العالمية لعام 2023 الصادر في أواخر يونيو (حزيران)، أن هونغ كونغ تستعد لتحل محل سويسرا كمركز للثروة بحلول عام 2025.